محمد حامد الشربينى يكتب: حفل زفاف الديمقراطية فى السفارات المصرية

الخميس، 17 مايو 2012 09:14 م
محمد حامد الشربينى يكتب: حفل زفاف الديمقراطية فى السفارات المصرية انتخابات المصريين فى الخارج

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
منذ اللحظات الأولى لصباح يوم الجمعة الموافق 11 مايو 2012م، وأمام أبواب القنصلية المصرية بجدة توافد العديد من المصريين أمام عينى، ليتابعوا بأعينهم شروق شمس الحرية على بلادهم والتى أحسوا بأن نورها سيظهر لهم حتى ولو كانوا خارجها ومغتربين عنها..
توافدوا منهمرين كالسيل من كل محافظات المملكة العربية السعودية القريبة من قنصلية مصر فى جدة، منهم المتعلم ومنهم المثقف الواعى ومنهم الفلاح البسيط الذى لا يستطيع حتى أن يفك الخط حاملين بأيديهم جوازات سفرهم المصرية وارقامهم القومية.. ملابسهم كانت تحمل صفاتهم لم يتزينوا للحدث بل أحسوا برغبة شديدة، لإعلان مصريتهم الأصلية للجميع أرادوا أن يعلم كل من يراهم فى طريقهم لسفارتهم أنهم مصريون وذاهبون لأول مرة فى حياتهم وحتى فى تاريخ آبائهم وأجدادهم، ليختاروا رئيساً يحكمهم بمحض إرادتهم , لم يلقوا بالاً لشروط اللجنة المراقبة للانتخابات بعضهم لم يسجل اسمه فى الموقع الإلكترونى حتى ولم يغير مقره الانتخابى ولكنهم مصرون أن يدلوا بأصواتهم لاختيار من يمثلهم..
لم يكن يعنيهم الروتين قدر ما يعنيهم الأمر نفسه والحدث الجليل اللذين بالفعل شعروا به حتى وهم فى غربتهم.

وبعد أن تم شرح القواعد لهم واقتنعوا بها أبوا أن يذهبوا ويعودوا لأماكنهم قبل أن يشاهدوا بأنفسهم طوابير الحرية أمام صناديق الاقتراع، والكل حاملاً تليفونه المحمول ليصور الحدث حتى يريه لكل من لم تتح له الفرصة للذهاب، الجميع كان سعيداًُ مرحاً , الإخوانى بجوار الليبرالى المتشدد الملتحى يمارس القفشات المصرية مع شاب لابساً شورت من الجينز الإيطالى ,, الجميع فرحاً بالأمر، السيدات يحملن أطفالاً صغاراً بيد وكاميرا التصوير بيد أخرى يصورون كل شىء حتى مبنى القنصلية النافورة الصغيرة على يمين الممر المتوجه لصالة الزائرين التى كانت مقراً انتخابياً، وطوابير منظمة بدون منظم الكل يقف فى دورة ويتبادل أطراف الحديث عن مستقبل وطنه مع من أمامه وخلفه فى الطابور ويأتى إليهم آخر أراد أن ينتظر للنهاية ليشاركهم الحديث، وعلى طاولة رخامية راقية فى وسط هذه الصالة الواسعة يقف مصريون آخرون مهتمون بالعملية الانتخابية نفسها من كافة التيارات والانتماءات السياسية، ليشرحوا لمن لا يعرف القواعد وطريقة الاقتراع كيفية وضع صوته وما المطلوب منة ويوزعوا عليهم الأظرف المطلوبة وورق الاقتراع المطلوب فأغلبهم جاء للقنصلية متخيلاً أن هناك أوراق اقتراع ستوزع ليصوت عليها، كما يفعل فى مصر فى أى انتخابات مرت على البلاد.
الجميع سعيد والقنصل يمر فى الطرقات بين المواطنين وعلى لسانه جملة واحدة ( أهلا وسهلاً )، يستعيد البعض ذكرياته فى مصر ويعدد الآخرون مزايا مرشحيهم ويتعرف آخرون على بعضهم البعض ومنهم من يتضح لهم أنهم بلديات ويمكن قرايب..
ولم يمنع هذا الجو الأسرى بعض المندوبين الموكلين أو المشتغلين بالعملية السياسية نفسها من متابعة الأمر بجدية شديدة، فترى مندوباً لحمدين صباحى يذهب فى حدة إلى رئيس اللجنة، ليشده من يده ليرى توجيه بعض التيارات الإسلامية للناخبين والتأثير عليهم بشعارات أو بعض الكلمات، وترى رئيس اللجنة يخرج معه ويتتبعه ويحذر من يفعل ذلك وينبهه إلى أن المقر الانتخابى يفرض عليه صمت دعائى كامل لأى مرشح.
وترى على الجانب الأخر أنصار الفريق أحمد شفيق، يتجمعون فى حلقات صغيرة أشبه بالرحلات الترفيهية أيام الجامعة والمدرسة، ليأخذوا صوراً فوتوغرافية لهم وهم مبتسمين حاضنين صور مرشحهم.
وعلى جانب أخر، ترى أنصار للسيد عمرو موسى، يحملون أوراق الاقتراع يوزعونها على الناس بدون تعريفهم بأنفسهم ومعها الأظرف الجديدة اللازمة للتصويت.
الهواء البارد فى داخل المقر والساخن خارجة كان محملاً بضحكات وشكوات وذكريات وفخر وعزة من كل المصريين اللذين ذهبوا ولم يخلوا الأمر من النكات المصرية، التى كانت تضحك الجميع فترى فلاناً يمر على جماعة تتحدث عن شفيق فيقول لهم يا ( فلول ) بابتسامة عريضة فيضحك الجميع وآخر يمر بأفراد من جماعة الإخوان المسلمين فيقول لهم أنا عاوز ازازتين زيت قصاد صوتى ويتبعها بكلمة بهزر بهزر.. فيضحك الجميع أيضاً..
أحسست بعد كل هذا بأن فعلاً مصر تتغير وبرغم كم الهجوم على بعضهم البعض وكم العند المتواجد واللغط الشديد والجدالات المستمرة بين مختلف التيارات على صفحات التواصل الاجتماعى والبرامج الحوارية وصفحات الجرائد وكافة وسائل الإعلام التى تصور المشهد وكأنها حرب أهلية فكرية بين المصريين، إلا أن الواقع مختلف تماماً فالأمر كلة فرح وزهو بما يحدث من نقلة حضارية وديمقراطية رائعة لمصرنا الحبيبة انتظرناها طويلاً..

فلا يسعنا الآن إلا أن نشكر شهدائنا الأبطال اللذين ضحوا بدمائهم لنصل لهذا اليوم، ونراه بأعيننا ينير ظلمة تاريخنا الديكتاتورى السابق.. كل التحية للشهداء والثوار الأحرار اللذين أرادوا لمصر النهضة وأحبوها فبذلوا من أجلها كل ثمين وغالى..





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة