م.غادة محمود تكتب: أبو رجل مسلوخة!

الخميس، 17 مايو 2012 09:42 ص
م.غادة محمود تكتب: أبو رجل مسلوخة! صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كنت أمر بجوار إحدى المكتبات بشارعنا ولمحت كتبا ملونة للأطفال تحكى قصصا عن أميرات والت ديزنى الجميلات، وذكرتنى هذه الكتب بتلك الحكايات التى كانت تسرد علينا قديما عن "العوو والغولة وأخيرا وليس آخرا أبو رجل مسلوخة"، تلك الحكايات التى كانت تجعل النوم يجافيك لأيام عده بل وتجعلك تلعن الساعة حين تدق معلنة اقتراب ميعاد نومك! ولقد جذبنى حديث الذكريات إلى أن أتأمل ثقافة بث الخوف لدى المصريين، فهى دائما ما كانت هناك وهى دائما ما تبدأ بسرد الحكايات وأنت على مشارف السادسة لتبدأ رحلة التعرف على بعض الشخصيات التراثية العظيمة من أمثال "أبو رجل مسلوخة" أو "الغول بهلول أجمل غول"، ولا بأس بأن تتوعدك بقضاء بعض الوقت فى أماكن لطيفة خصيصا للأطفال مثل "أوضة الفيران"!

وما زلت لا أفهم سببا لارتدائنا أقنعة فرانكشتين فى حفلات أعياد الميلاد ورأس السنة! ولابد وأن أعترف أنه كانت لدى مشكلة كبيرة مع تلك الأمور، ذلك أنى لم أكن من هؤلاء الصغار الذين يستسلمون للخوف بسهولة فلقد كنت أرهق من يقص على الحكايات بسؤالات كثيرة من نوعية "هوا البعبع ده شكله أيه يا بابا؟ أنا نفسى أشوفه أوى!" أو من نوعية "هيا رجله اتسلخت أزاي يا ماما؟"، ثم تبدأ سنوات الدراسة وتبدأ معها تحذيرات مخيفة من نوعية" أوعى حد يقولك بابا مستنيكى وتروحى معاه" وعندما اقتربت خطواتى من الجامعة بدأت الحكايات المرعبة تأخذ منحى آخر من أمثال "ممنوع مزاولة أى نشاط سياسى فى الجامعة! مذاكرة وبس فاهمه وإلا لا؟" ومن نوعية" أحنا مش حمل الحكومة يا بنتى، أمشى جوه الحيطة أحسن" ولم أعرف سببا لماذا بدأ حينها نوع حقيقى من الخوف يتسرب إلى قلبى، ولأول مرة بدأت أستجيب إلى نداءات ذلك الرعب الدفين واستسلمت له!

ومع مرور الوقت، اكتشفت أننا فى مصر نلد أبناءنا "شجعانا" بالفطرة لا يرهبون شيئا فنبدأ تجريعهم الخوف قطرة قطرة، فيتحولون إلى حالة مغايرة لا تعدو عن كونها واحدة من ثلاثة: الصمت، الاستسلام وأحيانا الجبن! قد لا تفلح أساليب الإخافة معنا ونحن صغار، نحمل قلوبا خضراء ولكنها وللأسف تفلح حينما نكبر وتذبل قلوبنا وعندما قامت ثورة يناير، ظننت أننا قد أحرقنا كل تراث الخوف الذى أورثناه غير أنى مؤخرا بدأت أستشعر حكايات "أبو رجل مسلوخة" تطفو مرة أخرى على السطح ترهبنا بما يعدنا به مرشحو الرئاسة من اتجاهات متناقضة فهناك من يرهبنا باسم الدين وهناك من يرهبنا فقط بطلته لا لشىء إلا لأننا قد حملنا ميراث خوف من سطوته منذ زمن المخلوع، وتستمر حكايات الرعب ويستمر اغتيال الجرأة فى قلوبنا يوما بعد يوم لتبقى أقوى حكايات الرعب حينما نستسلم للخوف على مصرنا الغالية ويجافينا النوم بحثا عن مخرج!

إن المخلوع ما زال هناك، يقص علينا حكايات "البعبع" حتى ترتعد فرائصنا ونضل الطريق فهل نواجه حكاياته بقلوب صغيرة ملئت بالجرأة أم نستسلم لقلوب شاخت وهى تخاف؟!





مشاركة




التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

ابومنعم الشطوي

غدا يوم آخر...

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة