وزير الثقافة لـ"اليوم السابع": حكومة الجنزورى الأصعب فى تاريخ مصر.. والمجتمع يحب الفن ولن يقبل بسيطرة الإخوان على حرية الإبداع.. والأزهر مرجعيتنا ولسنا فى حاجة لمن يذكرنا بديننا

الثلاثاء، 15 مايو 2012 01:38 م
وزير الثقافة لـ"اليوم السابع": حكومة الجنزورى الأصعب فى تاريخ مصر.. والمجتمع يحب الفن ولن يقبل بسيطرة الإخوان على حرية الإبداع.. والأزهر مرجعيتنا ولسنا فى حاجة لمن يذكرنا بديننا وزير الثقافة "صابر عرب" مع محرر اليوم السابع
حاوره بلال رمضان - تصوير دينا رومية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يؤكد الدكتور محمد صابر عرب، وزير الثقافة، أن حكومة الدكتور كمال الجنزورى، رئيس مجلس الوزراء، من أصعب الحكومات التى جاءت مصر، فى ظل حالة الثورة والاحتقان والغضب التى يشهدها المجتمع، عقب الثورة، مشيرا إلى أن الحكومة تؤدى عملها، وفى كل يوم تجد الاعتصامات والمطالب الفئوية أمام أبوابها.

وقال عرب خلال حواره لـ«اليوم السابع» إنه لم يتوقع عودته للوزارة مرة ثانية، بعدما عاد لحياته الاجتماعية والأكاديمية التى انقطع عنها لما يقرب من اثنى عشر عاما، قضاها فى دار الكتب والوثائق القومية والهيئة المصرية العامة للكتاب، مشيرا إلى أنه لن يصمت على أى فساد داخل الوزارة، وسيحيل الملفات المشبوهة إلى الجهات القضائية المختصة، وإلى نص الحوار..

> بداية.. كيف تليقت نبأ ترشيحك لتولى وزارة الثقافة خلفا للدكتور شاكر عبدالحميد؟
- تليقيت اتصالا من سامى سعد زغلول، الأمين العام لمجلس الوزراء، وفايزة أبوالنجا، وزيرة التخطيط والتعاون الدولى، وفى الحقيقة كنت مترددا، فالمرحلة والمهمة صعبة جدا، فمنذ أن تركت دار الكتب فى نهاية العام الماضى كنت سعيدا جدا لأننى استعدت روحى التى فقدتها لما يقرب من اثنى عشر عاما، وكنت سعيدا بعودتى لحياتى الاجتماعية مع أسرتى وأحفادى، وكان لدى نوع من الشعور بأننى أديت مهمتى فى الوزارة، وأردت مواصلة حياتى الأكاديمية مع طلابى، ولم يكن لدى أى شعور إطلاقا بأننى مطلوب فى هذا التوقيت، حتى تلقيت هذا الاتصال، فطلبت مزيدا من الوقت لأخذ قرارى، واستشرت العديد من الأصدقاء، فأكدوا على أن المرحلة والظروف صعبة، ولكن الأصعب هو أنه فى مثل هذه الظروف أن أرفض تحمل المسؤولية الوطنية، وقبلت المهمة.




> وهل دار حوار بينك وبين «الجنزورى»؟
- خلال لقائى بالدكتور كمال الجنزورى أكد على خطورة هذه المرحلة، وأن الثقافة هى القوة الناعمة، فمصر لا تملك اقتصادا قويا أو ثروات كبيرة، بقدر ما تملك ثقافة قوية أكسبتها هذه القوة، كما طلب منا أن نواصل أداء مهمتنا فى هذه المرحلة الدقيقة، ونفس الكلام سمعناه من المشير محمد حسين طنطاوى، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة.

> ومن هم الأصدقاء الذين استشرتهم؟
- أصدقاء من الجامعة، مثل الدكتور حمدى حسن أبوالعينين، نائب رئيس جامعة مصر الدولية، وآخرين.

> وهل استشرت شاكر عبدالحميد؟
- لا، الدكتور شاكر اتصل بى بعد أداء اليمين، وهو صديق قديم، وأنا أعرفه منذ ثمانينيات القرن الماضى، وكنَّا زملاء عمل فى إحدى الجامعات العربية فى الخارج، ولم تنقطع علاقتنا.




> ما الذى يمكنك أن تفعله وأنت تعلم أن عمر الوزارة قصير ولا يمكن أن تبدأ فى مشروع جديد؟
- أنا أعمل ما دمت موجودا فى موقعى، وينبغى علىَّ أن أقوم بواجبى، حتى ولو كانت المدة أسبوعا أو يوما واحدا، ومن يأت بعدى يكمل المهمة، ولا أنظر إلى أننى راحل بعد فترة زمنية معينة، فالمؤسسات لا ينبغى أن ترتبط بالأشخاص، ولكن يجب أن تنشغل بالمشروعات وبالفكر، ووزارة الثقافة مجموعة من القطاعات والهيئات، وحجم الحراك والنشاط هو الذى يشكل عمل الوزارة.

> وما مهمتك؟
- أن نعيد مراجعة الأفكار والبرامج والسياسات وندعم ما يستوجب الدعم ونؤكد عليه، فالوضع مختلف، لأن ثورة 25 يناير، تقتضى من وزارة الثقافة أن تلعب دورا مهما فى المجتمع بشكل أكبر على مستوى قصور الثقافة، وكل قطاعاتها، وينبغى أن نضاعف من جهدنا نحو الارتباط بقضايا المجتمع على المستوى السياسى والاقتصادى، وأن تعاد صياغة البرامج والأفكار وفق نبض الشارع، فلابد أن تكون هناك قنوات تواصل مع المجتمع، وأنت تضع السياسات لكى تشعر باحتياجات المجتمع بشكل أكبر فى هذه المرحلة، وأعتقد أنه من المهم جدا فى هذه المرحلة أن يكون هناك وعى واستنارة ومعرفة وديمقراطية أكثر، وهو ما يستوجب الكثير من التعديلات القائمة فى وزارة الثقافة، وهذا ليس انقلابا على سياسات الوزارة، ولكنه استجابة لواقع يفرض كثيرا من التحديات فى هذه اللحظة.



> وكيف تقيم دور وزارة الثقافة فى المرحلة الانتقالية حتى الآن؟
- المرحلة خطيرة، وبعد الثورة أخرج المصريون أفضل ما فيهم، وأيضا أسوأ ما فيهم، فالمصريون الذين أبهروا العالم بهذا المشهد السياسى والاجتماعى والحضارى والإنسانى الذى أشادت به كل المجتمعات فى العالم، تلاحظ أنه أعقب ذلك العديد من المشاهد السلبية، ولكننا نتفهم أنه فى أعقاب الثورات يحدث ذلك، ولكننى أعتقد أننا فى حاجة أكثر إلى أن تهدأ أنفسنا حتى نستطيع أن نفكر، ولكى نستطيع أن نتواصل مع بعضنا البعض لتحقيق أهداف الثورة.

> وكيف تقيم أداء حكومة الجنزورى فى هذه المرحلة؟
- أصعب حكومة جاءت إلى مصر هى حكومة «الجنزورى»، فالمجتمع فى حالة من الثورة والاحتقان والغضب، وهو أمر طبيعى من حقهم، ولكن من حق الحكومة أيضا أن تخاطب الناس بقدر من الهدوء، لكى تتمكن من أداء عملها، فأنا مثلا لا يمكننى أن أقوم بدورى كوزير ثقافة، وفى كل يوم أجد اعتصامات ومظاهرات على أبواب الوزارة، وكذلك الحكومة لن تستطيع أن تؤدى عملها، وفى كل يوم تجد الاعتصامات والمطالب الفئوية أمام أبوابها، فالتحول الديمقراطى لا يحدث بين يوم وآخر، وصانعو القرار لا يمكنهم أن يؤدوا دورهم فى ظل التوتر، فالحكومة تعمل فى ظروف قاسية جدا، والناس يتطلعون إلى إمكانيات أكبر، ولكن التحديات التى تواجهنا، جعلت النتائج التى كان ينتظرونها محدودة، وكان من الممكن أن يكون هناك أداء أفضل، ولكن فى النهاية علينا ألا نقف ونبكى على اللبن المسكوب، وما هو مؤكد أنه لن يستطيع أحد أن يسرقنا أو يصادر رأينا فى المستقبل، يكفى أننا رأينا مشهدا جديدا فى العالم كله، وهو المناظرة بين اثنين من المرشحين للرئاسة، وفى النهاية لن يفرض علينا أمر، ولن يستطيع أحد أن يزيف إرادة الناس، فالمجتمع عرف طريقه بكل جدية.




> وما هو موقفك لو حاول الإخوان أو السلفيون فرض سيطرتهم على حرية الإبداع؟
- ببساطة شديدة المجتمع المصرى مدنى يحب الفن والإبداع، وتشكلت ملامح إنسانيته فى إطار حرية التعبير، فلن يتقبل ذلك، أشعر أن هناك تخوفا أكثر مما يمكن أن يحدث، فلا أتصور أن هناك فيصلا أيديولوجيا معينا يستطيع أن يغير من أفكار وروح وثقافة المجتمع.

> ولو حاولوا فرض سيطرتهم على وزارة الثقافة فهل ستعتمد على ثقافتك الأزهرية؟
- سوف أعتمد على وثيقة الحريات التى أطلقها الأزهر الشريف، فالأزهر هو المؤسسة الوسطية التى تعبر عن الإسلام بكل معانيه المختلفة، وأنا رجل أزهرى ودرست علوم الفقه والحديث وحفظت القرآن الكريم، وأعرف ما يسمى بفقه الواقع والحياة والمستقبل، وأنا كفرد ليس فى يدى عصا سحرية لكى أقاوم، ولكن الناس فى النهاية سوف يتقبلون ما يقوله الأزهر، باعتباره الجهة التى تعبر عن المسلمين السنة فى العالم، فقول الأزهر هو القول الفيصل.


> وكيف ترى مشروع تعديل قانون الأزهر الذى يسلبه الحق فى اعتباره المرجعية الدينية؟
- يقولون ما يقولون، ولكن فى النهاية لن يسمح أحد بأن يتحول الأزهر عن مساره ولا يكون هو المصدر الأساسى للفتاوى والمعارف الإسلامية، وقد تأتى الأفكار من بعض القوى المسيسية، ولكن يصعب أن ننحى الأزهر من حياتنا جانبا.

> وإلى أى مدى أنت مستعد للتضحية فى سبيل الدفاع عن المبادئ التى تؤمن بها؟
- لآخر نفس، ليس بالقوى البدنية، ولكن بالقوى العقلية والفكرية، وبالإرشاد إلى المصادر التنويرية فى حياة المصرية، فليس صحيحا أن مصر فى حاجة إلى من يقول لها دينها من جديد، فلك أن تتصور مثلا أنه فى عشرينيات القرن الماضى، كان هناك رجل يدعى «إسرائيل ويلفنسون»، وكان أستاذا للغات السامية فى كلية دار العلوم، وكان مصريا يهوديا، وكان هناك قمة الإبداع، ومن يقول برأى يمضى لأقصى اليمين، وآخر إلى أقصى اليسار، وينشر فى الدوريات، ولم يحدث أن اتهم أحد بالكفر.




ماذا لو طلب منك إعادة تشكيل المجلس الأعلى للثقافة؟
أعتقد أن هناك كثيراً من الأمور بحاجة إلى إعادة صياغة وهيكلة من جديد، ومنها المجلس الأعلى للثقافة، من النواحى المالية والإدارية، وأعتقد أن الدكتور سعيد توفيق، الأمين العام للمجلس، يعد دراسة كاملة بهذا الشأن، وخلال اتصالى به، عرضت عليه مجموعة من الأفكار، فوجدها بالفعل، وهو يعمل على جمع الأفكار وطرحها على المثقفين لمناقشتهم حولها، وإذا كان هذا القرار سوف يضاعف من أهمية المجلس فى التواصل مع المجتمع فلا بأس.

وهل سيكون هذا القرار منفردًا؟
لا على الإطلاق، سأعود إلى الجماعة الثقافية، ونتشاور، فنحن لم نعد فى زمن تنفرد فيه الجهات، وخاصة التى تخدم على المجتمع، بأن تأخذ قراراتها منفردة، ولهذا فسوف أعود للجماعة الثقافية ونأخذ برأيها.



وهل ترى أن المجلس بحاجة إلى تفعيل قانونه الحالى أم الانشغال فقط بكتابة قانونه الجديد؟
أتصور أن د.سعيد توفيق لا يقوم بعملية هدم للقانون الحالى، بقدر ما يعمل على تطوير وجمع أفكار جديد، ويكون رؤية لا يغفل القانون الحالى.

هل ترى أن دور الأعلى للثقافة أن يكون منسقًا أم مشرفًا على قطاعات وزارة الثقافة؟
أرى أن دور المجلس أنه يترجم الأداء الثقافى فى الوزارة، فهو المشهد الذى يجسد الحالة الثقافية فى مصر، والمجلس لن يكون بديلاً عن الوزارة، وممكن أن يكون منسقًا ومكملاً.

وما هو الفرق بين الوزارة والمجلس مادام الوزير يرأسهما؟
نعم هو يرأس الوزارة والمجلس، ولكن للمجلس أمينا عاما، وحينما يكون هناك اجتماع فى المجلس يترأسه الوزير، ولكن لابد وأن يكون هناك حرية واستقلالية لكل القطاعات التابعة للوزارة، فمن حق كل رئيس هيئة أن يكون بمثابة وزير الثقافة، ولديه كافة الصلاحيات الإدارية والمالية والقانونية وفقًا للقواعد المعمول بها، وفى النهاية كل شخص يتحمل مسئوليته إيجابًا أو سلبًا، ولكن لا توجد مؤسسة بديلة عن أخرى، أو فوق أخرى.

وما رأيك فى سياسية النشر فى الوزارة ألا ترى أنها بحاجة لتنسيق؟
النشر فى الوزارة بحاجة إلى تنسيق فى جانبين أساسيين، أولهما أن يكون هناك قاعدة معلومات متكاملة حول ما ينشر فى كافة قطاعات الوزارة، حتى لا يحدث تكرار، ولكن من الممكن فى حالة إذا ما شهد أحد الإصدارات إقبالاً كبيرًا من الجماهير، يمكن للجهة التى أصدرته أن تقوم بإعادة نشره، كما يجب أن تكون هناك منافذ بيع لكل الإصدارات التى تصدر عن الوزارة معًا، فى جميع أنحاء الجمهورية، ويجب أن يكون هناك تضامن بين هذه القطاعات.





ولماذا لا تكون هناك جهة واحدة من قطاعات الثقافة هى المعنية بالنشر؟
هذه وجهة نظر تحترم، يقول بها البعض، والبعض الآخر يقول دعنا كلنا نعمل من أجل الكتاب، وفى النهاية هى إضافة للكتاب، والمجتمع هو الذى يتلقى الكتاب، وأنا لا أميل إلى أن تكون هناك جهة واحدة تحتكر النشر.

ماذا ستفعل مع ملفات الفساد التى سلمها "ألتراس الثقافة" للوزير السابق؟
لا يوجد مطلق فى الأشياء، وأنا أقدرهم وأحييهم، وأنا لدى فكرة عما يحدث فى الوزارة، نظرًا لأننى عملت فى الوزارة، وأؤكد للجميع أننى لن أصمت أمام أى فساد، وسوف أحيل هذه الملفات للجهات القضائية، وإذا وجدت شبهة فساد، فسوف نشكل لجانا للتحقيق فيها.

وماذا عن دور الوزارة فى توثيق الثورة؟
حينما كنت فى دار الكتب قمنا بتشكيل لجنة لتوثيق أحداث الثورة، تكونت من مجموعة من الأصدقاء والمبدعين والأكاديميين، وكان دورها هو توثيق أحداثها يومًا بيوم، وانقطعت صلتى بهذا المشروع، ولكنى أعتقد أنهم قطعوا شوطًا فيه، وإذا كان هناك توقف فسوف نعيد دوره.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة