بعد عناء وشقاء ويأس وقنوط وإحباط وانعدام أمل فى مستقبل، وبعد تضحيات ودماء وارتفاع الأصوات من أعماق الحناجر،
بعد إهمال واستهانة بالمواطن المصرى وأهميته، وجعله كماً مهملاً لا قيمة له، واستباحة لحرمة صوته وحقه فى اختياره لمن يريد، حيث كان صوت الأموات أفضل حالاً منه.
وبعد مرور عقود من الزمن كانت تجرى الانتخابات والاستفتاءات والمواطن فى موقع المتفرج. هلّت علينا بشائر ثورة يناير، والتى أحيت أمة بأكملها، فأعادت لها الحياة والوجود وحقوق كانت مسلوبة منهوبة وأهمها على الإطلاق الحق فى اختيار المواطن لمسئوليه وأولهم الرئيس.
سارع السادة المرشحين لمنصب الرئيس الى خطب وده وإرضائه، وجرت محاولات مُضنية لإقناعه وكسب صوته وتأييده.
كثرت البرامج واللقاءات والتصريحات، واستحدث لنا سنة حسنة هى المناظرات التى لم تعرفها المنطقة كلها على مدار تاريخها، والتى تبارى فيها المرشحون لعرض أنفسهم على "البيه المواطن" لعله يقنعه بنفسه.
تفانى الجميع لبذل قصارى الجهد لتقديم أفضل خدمة لـ"البيه المواطن"، وهو جالس فى بيته، واضع قدماً على قدم أو مُتكئاً على أريكته ليكون هو الفيصل وصاحب القرار فى الجمهورية الثانية.
أصبح البيه المواطن بعد ثورة يناير- مسنوداً- كما يقولون - بدماء الشهداء والمصابين، والذى لولاهم ما وصل إلى ما وصل إليه.
