ضباط وأمناء شرطة يطالبون بوزير مدنى لـ«الداخلية».. مدنية منصب وزير الداخلية قد تكون الحل الأمثل للانفلات الأمنى وإعادة هيكلة الوزارة

الإثنين، 14 مايو 2012 08:45 ص
ضباط وأمناء شرطة يطالبون بوزير مدنى لـ«الداخلية».. مدنية منصب وزير الداخلية قد تكون الحل الأمثل للانفلات الأمنى وإعادة هيكلة الوزارة وزير الداخلية محمد إبراهيم و حبيب العادلى ومنصور العيسوى
كتب - محمد فتحى - نقلاً عن العدد اليومى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
خمسة عشر شهرًا كاملة مرت منذ سقوط الرئيس السابق حسنى مبارك ظل فيها الفراغ الأمنى الذى وُلد فى الثامن والعشرين من يناير 2011 فى صدارة الأزمات التى عجزت الحكومات المتتالية عن إيجاد حل لها.

أخفق محمود وجدى، الذى عيّنه مبارك وزيرًا للداخلية خلفًا لحبيب العادلى، فى ملء هذا الفراغ خلال الأيام التى تولى فيها المنصب، وتضاعف الإخفاق فى عهد منصور عيسوى الوزير التالى، ثم جاء الوزير الحالى محمد إبراهيم، الذى شهدت فترة توليه مذبحة بورسعيد فى فبراير الماضى وموقعة العباسية قبل أيام لتعرقلا كل محاولة يبذلها لإعادة الأمن والقبض على الخارجين عن القانون.

ويتتابع الإخفاق تلو الآخر فى شتى المجالات الأمنية، إضافة إلى التعثر الواضح فى التعامل مع الملف الإصلاحى داخل الوزارة خاصة بعد تجدد مظاهرات أمناء وأفراد الشرطة وقيامهم بحبس مديرى الأمن.

هناك أبواب عدة ربما يؤدى الطرق عليها إلى الكشف عن أساليب مناسبة لعلاج هذه الأزمات، أبرزها باب «مدنية وزير الداخلية» فبعد إخفاق ثلاثة وزراء ذوى خلفية شرطية فى إدارة الوزارة عقب الثورة، وتعامل بعضهم مع الملف الإصلاحى المتعلق بهيكلة الداخلية تنظيميا وفكريا وماليا بطريقة لم تجنِ إلا المظاهرات الحاشدة ومحاصرة مديريات الأمن، يعود التساؤل مجددًا هل يعد تعيين وزير مدنى للداخلية ضرورة ملحة فى الفترة الحالية أم لا؟

تستدعى محاولة الإجابة عن جدوى تعيين وزير مدنى للداخلية فى الفترة الحالية، العودة إلى الماضى البعيد، وبالتحديد عام 1878 الذى عرف أول وزير للداخلية فى تاريخ مصر الحديث وكان مصطفى رياض باشا ثم نتخطى حقبة الخديوية، ونمر على ثورة 1919 وما تلاها من أحداث كثيرة انتهت بارتقاء العسكريين الحكم عقب ثورة 1952 وحتى يومنا هذا، لمعرفة أولاً هل بالفعل تم تعيين وزراء مدنيين فى تلك المهمة أم لا؟ وهل نجحوا فى التحديات التى واجهتهم أم لا؟

عرفت مصر فى تاريخها المعاصر 60 وزيرا للداخلية، أولهم مصطفى رياض باشا، وآخرهم الوزير الحالى محمد إبراهيم، ولم تكن الوزارة حكرًا فقط على العسكريين أو قيادات الشرطة بل تولى رئاستها سياسيون ومثقفون وقانونيون، وغلب فى حقبة الخديوية الجمع بين رئاسة الوزراء وبين الداخلية، وهو أمر تفسره الوزارة على موقعها الرسمى قائلة: «احتفظ العديد من رؤساء الوزراء لأنفسهم بمنصب وزير الداخلية لما يمثله من ثقل يجعله المحرك شبه الأساسى للأحداث داخل البلاد حيث يمكنه التحكم فى الانتخابات واختيار رجال الإدارة ومراقبة خصومه السياسيين» وتضيف مسترسلة: «وجاء تولى سعد باشا زغلول لمنصب وزير الداخلية إلى جانب رئاسته للوزارة المصرية عام 1924 ليصبغ الوزارة بالصبغة السياسية، حيث عمد إلى إبعاد بعض المناوئين لأفكاره ووظف ورقى فى الوزارة الذين شاركوا معه فى الكفاح، واستمر منذ ذلك الحين ولفترة طويلة موظفو الوزارة تحت رحمة التغييرات السياسية وما تسفر عنه الانتخابات أحياناً».

مصطفى رياض باشا أول وزير للداخلية، كان عازفا موسيقيا عسكريا، وجمع بين الداخلية وبين رئاسة الوزارة لكن أداءه فى الوزارتين لم يرض قطاعا واسعا من الشعب، لذا حين قامت ثورة عرابى كان من أهدافها الأساسية إسقاط حكومة رياض.

الوزير التالى محمد شريف باشا، ذو خلفية عسكرية أيضًا، إذ تخرج فى المدرسة الحربية التى أنشأها محمد على، وسافر بعد ذلك فى بعثة علمية إلى فرنسا قبل أن يعود إلى مصر، وتتم ترقيته فى الجيش غير أن سعيد باشا قرر بعد ذلك إسناد بعض المهام السياسية إليه بدءًا من عام 1857 حين عين وزيرًا للخارجية وبعد ذلك للداخلية.

وجمع شريف باشا، الملقب بـ«أبوالدستور المصرى» بسبب وضعه دستورى 1879 و1882 بين رئاسة الوزراء وبين وزارة الداخلية كما كان حال سابقه شريف رياض.
ورغم أن أول وزيرين للداخلية كانت ميولهما عسكرية فإن ذلك الأمر لم يستمر طويلاً فسرعان ما ذهب المنصب إلى مدنيين، جمع كثير منهم بين الداخلية وبين رئاسة الوزارة فى آن واحد ومن بينهم نوبار باشا، أول رئيس وزراء لمصر فى مجلس النظار الذى أسسه الخديوى إسماعيل.

ولم يكن عصر نوبار، وفقًا لما أوردته «ذاكرة مصر المعاصرة» آمنا إذ انتشرت فيه السرقات والجرائم لذلك قام بمحاولات للحد من تلك الجرائم عن طريق تشكيل لجنة إدارية للتحقيق مع المتهمين بالسرقة ومع كل من يشكل خطرًا على الأمن العام، وتشكيل لجنة قومسيون الجنايات فى مديريات الوجه البحرى ثم مديريات الوجه القبلى.

من الوزراء المدنيين الذين تولوا مسؤولية الداخلية بطرس باشا غالى، وأشرف غالى على الوزارة فى الفترة بين يوليو 1906 ويونيو 1907، ولم يكن عسكريًا أو شرطيًا إذ تخرج فى مدرسة الألسن وكان يجيد اللغات الفرنسية والتركية والفارسية والقبطية.

واغتيل غالى فى 20 فبراير 1910 وكان رئيسا للحكومة وقتها على يد إبراهيم ناصف الوردانى، أحد شباب الحزب الوطنى آنذاك، وهناك رموز أخرى مدنية قادت الوزارة من بينها المفكر أحمد لطفى السيد الذى أسندت إليه «الداخلية» فترة يسيرة للغاية «40 يومًا فقط» ويقول الموقع الرسمى لـ«الداخلية» عن هذا القرار إنه «لمحة تحسب للتاريخ المهم للوزارة».

بعد قيام ثورة الضباط الأحرار فى يوليو 1952، كان أول وزير للداخلية رجل قانون هو سليمان حافظ وكان وقتها وكيلاً لمجلس الدولة، لكنه لم يستمر فى منصبه أكثر من عام حيث تم إسناد وزارة الداخلية العام التالى لجمال عبدالناصر فى حين تم تعيين حافظ مستشارا قانونيا للرئيس.

ومنذ تعيين عبدالناصر فى هذا المنصب لم يرتق إليه مدنى مرة أخرى حتى يومنا هذا، إذ تعاقب على قيادة «الداخلية» 17 وزيرا غالبهم من أبناء كلية الشرطة عدا بعض الضباط الأحرار أمثال زكريا محيى الدين وعباس رضوان.

«نحتاج إلى وزير شُرَطىّ بعقلية مدنية.. وغير ذلك فسيستمر الوضع على ما هو عليه».. كانت تلك إجابة أحد مؤسسى الائتلاف العام لضباط الشرطة، الذى طلب عدم نشر اسمه، مشيرًا إلى أن العقبة الرئيسة أمام الاستعانة بوزير مدنى هى «رفض قطاع واسع من ضباط الداخلية، خاصة أصحاب الرتب الكبرى، وفود وزير غير عليم بدهاليز الوزارة وترأسه عليهم» على حد قوله.

وفصّل المصدر: «هناك أزمة ثقة بين الشعب وبين الداخلية، وإذا قدم وزير مدنى ونجح فى إعادة الانضباط للوزارة وتحسين عملها فهذا الأمر وإن كان إيجابيا من جهة، إلا أنه سيدعم الاعتقاد السائد لدى البعض بأن الداخلية لا تستطيع تطهير نفسها بنفسها وأن كل قياداتها فاسدة» مضيفًا: «تطوير الداخلية وتحسين أدائها فى الشارع يجب أن يكون من داخلها وهذا أمر يحتاج إلى إرادة سياسية فى المقام الأول».

ولفت المصدر الأمنى ذاته إلى أن هناك ملفات كثيرة تدعم فكرة وجود الوزير الشُرَطى وأبرزها ملف «الإصلاح الداخلى» للوزارة، مضيفا: «هذا ملف شائك، يحتاج وزيرا خبيرا بشؤون الوزارة وعليما باحتياجات كل الشرائح فى الداخلية سواء الضباط أو الأمناء أو أفراد الشرطة وبطبيعة عمل القطاعات المختلفة».

ورد المصدر على تساؤل حول أسباب إخفاق وزير الداخلية الحالى محمد إبراهيم وسابقه منصور العيسوى فى إدارة هذا الملف، فقال «توجد قيادات بالوزارة لا تؤمن حتى اليوم بالثورة، وتحاول عرقلة كل محاولات الإصلاح لتبقى الداخلية على نفس الحال الذى كانت عليه أيام حبيب العادلى».





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة