من قبيل التأثير عكس خط السير، ما قامت به لجنة الانتخابات الرئاسية بالإعلان عن تجميد أعمالها احتجاجاً على ما تعرضت له من نقد لاذع أثناء مناقشة التعديلات الخاصة بقانون انتخابات الرئاسة داخل البرلمان.
من حق أعضاء اللجنة الغضب لكرامتهم الشخصية، ومن حقهم أن يستقيلوا أو يطلبوا الإعفاء من العمل كأفراد، لكن ليس من حق أحد منهم أو جميعهم تعطيل أو تعليق أعمال اللجنة ذاتها، والتى تستمد شرعية وحتمية وجودها واستمرارها من نص قائم بالإعلان الدستورى.
أفهم أن يرى فاروق سلطان رئيس اللجنة أنه لا يحتمل الاستمرار فى موقعه كرئيس للمحكمة الدستورية، ورئيس للجنة الانتخابات الرئاسية، فيعفى نفسه بالاستقالة- وهى حقه وحده- تاركاً الفرصة لغيره لإدارة الأمور بشكل أفضل، خاصة لو لم يكن له ذات الخلفيات التى وضعت علامات استفهام مشروعة حول فاروق سلطان الذى اختاره مبارك لهذا الموقع!!
لكن أن يجمد أعمال اللجنة أو يعطلها لأنه غضبان لكرامته الشخصية فهذا ما لا يملكه لا سلطان ولا غيره أن يفرضه بما يجسده هذا من تعطيل لنص دستورى، ولاستحقاق وطنى أكبر من شخص سلطان وحقه فى الغضب!!
فى العالم كله وزراء مكلفون بمهام عامة، يستقليون كل يوم احتجاجاً على أمر، أو قرار، أو موقف، لكن أحداً من هؤلاء لا يملك أن يعلق عمل الوزارة، أو الجهة التى استقال منها، لأنه غضبان أو صعبان عليه نفسه!!
فليرحل سلطان غضباً لكرامته التى أوجعها ما قاله النواب بالبرلمان ولم يؤرقها موقف الرأى العام كله أو معظمه المتشكك بشأنها وبشأن بعض الأسماء التى نسب إليها الكثير فى الانتخابات الرئاسية الماضية 2005 والانتخابات البرلمانية قبل الأخيرة 2010.
هل ينكر السيد فاروق سلطان أن وجوده على رأس المحكمة الدستورية واللجنة الرئاسية «بالتبعية» لم يكن إلا نفاذاً لقرار من الرئيس السابق والنظام السابق، وفقا لما كانت هذه القرارات تبتغيه وتستهدفه.
هل يجادل السيد فاروق سلطان أن رئاسته للجنة باتت هى الأزمة الأكبر التى تهدد هذه اللجنة ولم تكن فى أى وقت من الأوقات حلاً لأى أزمة.
ألا يرى معى فاروق سطان، أن الجانب الأكبر من أزمة الثقة فى اللجنة وقراراتها هو شخوص بعض أعضاء هذه اللجنة بداية من الرئيس وعبدالمعز إبراهيم وآخرين ممن تشهد مواقفهم السابقة أنهم أبرز أسباب الأزمة.
أضحكتنى عبارة وردت أمس على لسان فاروق سلطان فى الصفحة الخامسة من جريدة «اليوم السابع» قال فيها فاروق سلطان إن أعضاء اللجنة غير طامعين فى منصب!!
ما أضحكنى فى العبارة هو أنى سمعتها من قبل على لسان رئيس اللجنة السابق «مرعى» الذى قال لى نفس العبارة فى 2005، ولم تمنعه هذه العبارة أن يتولى بعد هذا موقع وزير العدل لمرات متعددة.
ما أضحكنى أيضاً فيما قاله فاروق سلطان هو أن الترجمة الحقيقية لعبارته إن كانت صادقة أن يعلن الرجل استقالته فوراً بما يخفف من حدة أزمة الثقة فى اللجنة وبما يؤدى حتماً لوجود رئيس جديد للدستورية وللجنة الانتخابية الرئاسية سيكون بالقطع محلا لثقة أوسع لدى الرأى العام.
صحيح أن رئيس المحكمة الدستورية لا يقال من أى جهة لكن يبقى من حقه- وحقنا عليه- أن يستقيل بدلاً من تعطيل اللجنة.