لحظات عصيبة تلك التى تستشعر فيها دنو أجلك وتنتظر وقوع قدر لطالما هربت من مجرد التفكير فيه، هكذا بدأ الزميل أحمد عبد العليم مراسل قناة مصر 25 حديثه مع اليوم السابع ليحكى تفاصيل القبض عليه من مسجد النور بالعباسية عندما دخل ليؤدى الصلاة ويستريح من شدة حرارة، ليواصل بعد ذلك عمله، وينقل الحقيقة للمشاهدين.
يقول الزميل أحمد عبد العليم: "دقائق مرت علينا كدهر داخل مسجد النور بالعباسية عصر يوم الجمعة الماضى.. حين لجأنا للاحتماء ببيت الله الذى ظننا أنه محصن من بيادات العسكر!، ولأن بعض الظن إثم.. تحول بيت الله فى دقائق معدودة إلى ساحة لمعركة بين طرفين أحدهما رجال الجيش والآخر مجهول صعد للدور الثانى من المسجد وأخذ يطلق النار بعيداً عن قوات الجيش تماماً وكأنه يخشى إصابة أحدهم !!
انبطح ارضاً.. ارقد.. كلمات صاح بها سيادة العميد المهاجم على رأس كتيبة 50 صاعقة التى تولت تنفيذ اقتحام المسجد.. نفذنا الأمر وانبطحنا بالفعل.. تماماً كما انبطح وطن كامل.. ظناً منه أنه تحرر! ففوجئ بأنه ما زال تحت بيادات العسكر..
ويضيف عبد العليم سمعنا فى ذلك اليوم إطلاق النار يتزايد والشعور بوقوع المزيد من الشهداء ما زال يراودنى.. شهداء جدد فى طريقهم لرى أرض وطنهم بدمائهم التى لن يعرف أحد كيف أو لماذا سفكت؟؟ تماما مثل سابقتها!!
وتابع عبد العاليم: "توقفت الرصاصات فجأة وبدأوا فى إخراجنا من المسجد واحداً تلو الآخر.. مارين بين صفين من الجنود والضباط الذين لا يرقبون فى أى منا إلا ولا ذمة.. تماماً كأسرى الحرب بل أشد سوءاً.. فأسرى الحرب لهم من القوانين ما يضمن حسن معاملتهم.. أما هؤلاء فلا يتعاملون إلا باللكمات والهراوات مصحوبة بما يؤذى النفس من الشتائم واللعنات!!
وفى رده على سؤال لما لم تكشف لهم عن هويتك وأنك تمارس عملك الصحفى؟ قال الزميل أحمد عبد العليم "حاولت إبراز هويتى.. صارخاً أنا صحفى؟؟ فأتتنى الإجابة مصحوبة بوابل أشد: "ما أنتوا السبب فى ده كله يا ولاد الـ" ..."، جلسنا نصف ساعة على سلالم المسجد.. تحيط بنا قوات الشرطة العسكرية والصاعقة من كل اتجاه ومن خلفها عشرات البلطجية من أصحاب العاهات المستديمة يحملون فى أيديهم الأسلحة البيضاء والشوم والطوب.. ويشيرون إلينا بإشارات الذبح.. وكأنهم على دراية بما تحمله لنا الساعات القادمة.
واستطرد عبد العليم حديثه لليوم السابع أنه تم نقله وباقى زملائه إلى مقر الشرطة العسكرية بمصر الجديدة.. واستقبلوهم فيه بمزيد من الضرب والركل والسباب، ركلات رغم قسوتها لم تمثل شيئاً من ذلك الألم الذى عايشناه داخل سيارة الترحيلات.. فالساعتان مرتا كعقدين.. ثمانين شاباً ينقلون داخل صندوق لا مجال فيه للتهوية اللهم إلا ست فتحات لا تمثل شيئا بالنسبة لذلك الكم الهائل من الشباب.. بعضهم ينزف.. بعضهم يتساقط مغشياً عليه.. نصرخ بالداخل.. أخرجونا ولن نهرب.. أخرجونا وافعلوا ما شئتم.. فلا نسمع إلا أصداء أصواتنا مصحوبة بـ"موتوا" آتية من قيادات الشرطة العسكرية البواسل!
وقال عبد العليم إنه فى تمام التاسعة جاء الأمر بنقلنا إلى س 28 نيابات وهنا كانت الفاجعة.. فالإصابات التى رأيناها فى الساعات الماضية لا تمثل شيئا بالنسبة لهؤلاء الممددين بساحة النيابة.. مصابون بطلقات حية ما زالوا ينزفون.. وآخرون مطعونون بأسلحة حادة مشرحون تماماً.. شباب كالورد.. يكاد أن يذبل بنزف رحيق دمائه.. ملقون بأجسادهم النحيلة على الأرض يتأوهون بآهات هى أقرب إلى الدعاء بالخلاص.. الخلاص ولو بالموت!!
بدأت التحقيقات مباشرة واستمرت لتسع ساعات كاملة.. حاولنا مرة أخرى إبراز هوياتنا التى تبقت مع بعضنا بعد ما استولى أبطال جيشنا على الهواتف وأجهزة الآى باد والكاميرات وكأنها "غنائم حرب"، مع الساعة العاشر من صباح يوم السبت فوجئنا بالشرطة المدنية تأتى لاستلامنا.. سألنا ما المصير؟ فأجابونا إلى سجن "طره" بعدما قررت النيابة العسكرية حبسنا 15 يوما على ذمة التحقيقات.. أصابنا الانهيار النفسى.. فمعنى حبسنا رغم ما أثبتناه من أدلة تؤكد ى أننا صحفيون تواجدنا لنقل الحقيقة.. فهذا مؤشر على أن اتهاماً فى طريقه إلى الثبوت علينا دون دليل..
وأضاف عبد العليم "وصلنا سجن طره بعد ساعة من تحركنا من مقر النيابة العسكرية وبمجرد توقف السيارة سمعنا الصرخات والآهات من الشباب الذين سبقونا بالنزول من سيارة الترحيلات.. استطلعنا الأمر من تلك الفتحات الصغيرة فى أعلى السيارة.. فوجدنا طابورا من أصحاب البنية الضخمة يتقاذفون الشباب العارى تماما إلا من قطعة واحدة تغطى عورته.. مشهد لم نستغرق سوى دقائق حتى كنا جزءا من مكوناته!!!
ساعة كاملة مرت دقائقها ولحظاتها كسنوات عجاف.. تعرضنا خلالها لأشكال مختلفة من الضرب والسحل والعذاب النفسى اختتموه بحلق شعرنا بطريقة مهينة عن طريق حلق جزء وترك جزء.. حتى يتألم من ينظر لرأس صاحبه.. إذا استطاع أن يسترق نظره.. وسط "حفل الاستقبال" كل هذا كان تحت إشراف العميد مأمور قسم الاستقبال بطره.. الذى أكد أن الشرطة تغيرت بالفعل بعد الثورة - إلى الأسوأ - !!
صعدنا إلى عنابرنا أخيراً.. 36 ساعة مرت لحظاتها كدهر.. نتفكر فى المصير.. ننظر إلى بعضنا بعضاً وسط تلك الجدران الأربعة فى مساحة 4 × 3 م (12) شاباً بعضهم ما زال ينزف.. لا يقطع تفكيرك إلا قطرات المياه التى تأتى مع كل أذان صلاة فنهرع لملء 4 زجاجات مياه نشرب منها وكذلك ندخل بها دورة المياه.. ذلك النصف متر المكشوف أمام الجميع !!
أخيراً أتى الفرج وقرار إخلاء السبيل.. لكن حزناً ما زال يكسر القلوب على هؤلاء الشباب الذين ما زالوا يقبعون هناك.. ممن قبض عليهم معنا من داخل المسجد وخارجه.. لم يكونوا أبداً من البلطجية أو المهاجمين.. بل جلهم من أصحاب المؤهلات العليا والطلاب.. أصحاب الأخلاق والمبادئ.. بعضهم جل جريمته أنه هتف مطالباً بانتخابات نزيهة.. غير مزورة!!
واختتم عبد العليم حديثه لليوم السابع "أفرج عنا بعد ضغط من نقابة الصحفيين ومراكز حقوقية مصرية وعالمية.. لكن هؤلاء الشباب لم يجدوا بعد من يصعد كى يخرجوا.. ما زالوا هناك وحدهم وأهلهم.. يتألمون!!
أحمد عبد العليم مراسل مصر 25 يروى تفاصيل اعتقاله فى أحداث العباسية
الخميس، 10 مايو 2012 03:06 م
احداث العباسية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
MAHMOUD AHMED YUSUF
الشباب المغيب
عدد الردود 0
بواسطة:
عبدالرحمن
كفاية افلام
عدد الردود 0
بواسطة:
medo
مراسل وشاعر
عدد الردود 0
بواسطة:
عمر
جيش بلادي
لكم احتقرك هذه الايام
عدد الردود 0
بواسطة:
abdullah
اللهم انا مظلومون فانتصر
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد الدويكى
يستهلم فهم مش مصريين ولو كانو مصريين يبقم خونا
عدد الردود 0
بواسطة:
heba
aaaaaaaaaaah
......... لا بجد تنفع مؤلف ............ وعجبي
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
كداب جدا وتوجهه باين اوى فى كلامه
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد
حسبى اللة و نعم الوكيل
عدد الردود 0
بواسطة:
المصرى افندى
المعتصميين كلهم مظلومين