مصطفى جاد يكتب: متى ينتهى التأثير الإعلامى المدمر على الثقافة المصرية؟

الثلاثاء، 01 مايو 2012 07:12 م
مصطفى جاد يكتب: متى ينتهى التأثير الإعلامى المدمر على الثقافة المصرية؟ التليفزيون

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى ظل عصر التكنولوجيا والتقارب بين العالم ككل إلى درجة أنه أصبح بالفعل "قرية صغيرة" مثلما قال الكاتب الكندى "مارشال ماكلوهان"، لقد قال ماكلوهان هذه المقولة بعد اختراع الراديو ليعبر بها عن مدى التواصل والتأثير الذى سيصنعه الراديو بين شعوب العالم، وحينها لم يكن يدرك أنه لن ينقضى القرن العشرون، إلا وبالفعل أصبح العالم أصغر من قرية بل لقد أصبح العالم بيتاً واحداً، يمكن لأحد المتواجدين به أن يؤثر فى معظم المتواجدين بسهولة.

الإعلام أحد أهم عناصر وأسلحة القوة فى العصر الحديث، ولذلك فكل دول العالم تستخدمه وتوجهه لخدمة أهدافها وإحداث التأثير المستهدف على السلوكيات الإنسانية، ولهذا قال الألمانى "جوزيف جوبلز" وهو وزير الإعلام النازى فى زمن هتلر "أعطنى إعلاماً بلا ضمير أعطك شعباً بلا وعى". وقال أيضاً "استمر بالكذب حتى يصدقك الناس"، جوبلز لم يقل هذا تفاهة أو ترهات أقوال بل قالها لأنه يعلم ويدرك تماماً أهمية الإعلام كسلاح فتاك يحدث من الآثار ما لا تستطيع فعله القنابل، وإذا نظرنا إلى حالة الإعلام المصرى، وربطنا بين الكلمات السابقة وبين المضامين التى تقدمها وسائل الإعلام المصرية، فإننا حتماً سندرك سريعاً السبب الرئيس فى حالة التخبط التى باتت تكتنف الشارع المصرى ورسخت فى العقول إمكانية الاقتناع بالأكاذيب الواضحة وتصديق الإشاعات، بل والاعتماد على الكذابين فى استقاء معلوماتنا التى نبنى عليها اتجاهاتنا داخل المجتمع.

والدليل على ذلك إذا نظرنا قليلاً للمرحلة الماضية بعد ثورة 25 يناير سنجد أن الخطاب الأخير للرئيس المخلوع حسنى مبارك قد كتب ببراعة إعلامية، واستخدمته الآلة الإعلامية المصرية سواء الحكومية أو الخاصة بشكل يلعب على عاطفة المصريين، وهو ما أحدث تأثيرا فوريا حول سلوك العديدين من متعاطفين مع الثورة إلى داعين لهم بالعودة إلى منازلهم، بل وامتد تأثيره إلى رجال الأعمال ذوى المصالح فحفزهم على تجنيد عدد من البلطجية، فى محاولة للقضاء على من صورهم الإعلام حينها "شرذمة قليلون" تهدد استقرار مصر، وهو ما تسبب فى مقتل عدد كبير من الثوار فى التحرير، فيما عرف إعلامياً بموقعة (الجمل أو الجحش) كما سماها البعض.

وما زال إلى الآن كل وسيلة إعلامية تسخّر من قبل أصحابها لتحقيق مصلحة كل منهم، فتارة نجد قنوات تروج وتمدح فى عمر سليمان، وتصفه باعتباره الرجل الأجدر لتحقيق النجاح، حتى بعد خروجه من سباق الرئاسة، فى حين أننا لو نظرنا إلى العديد من الملفات التى تولاها أثناء وجوده على رأس جهاز المخابرات، لوجدنا أنه فشل فى معظمها، مثل مشكلة مياه النيل مع دول الجنوب، والمصالحة بين فتح وحماس، والقضية الفلسطينية عامة مع الكيان الصهيونى، وأخرى تجعل من شفيق بطلاً، متناسية أنه كان رئيس وزراء موقعة الجمل، ولا تأخذ فى اعتباراتها أنه دائم التهديد لكل من يخالفه حتى أثناء مؤتمراته الانتخابية.
شاهدنا أيضاً كيف أن الإعلام وصف تجمهر أنصار الشيخ حازم صلاح أمام مجلس الدولة بأنه نوع من الإرهاب للمحكمة، فى حين أن نفس الإعلام كان يساعد فى دعوة الناس للتظاهر أم محكمة العجوزة فى القضية المرفوعة ضد عادل إمام، وكيف أنهم يعتبرون إدانته بازدراء الإسلام نوعاً من قتل الإبداع، وتراجعاً للحريات، وتظاهرات 6 أبريل وغيرها من الجماعات واعتصاماتهم بالتحرير، بأنه نوع من البطولة، للحصول على حقوقهم، فى حين أن نفس الإعلام يعتبر اعتصام أنصار أبو إسماعيل تعطيلاً للمرور وحركة البلد على حد قولهم.

أيضاً استطاع الغرب تدمير عقول الشباب العربى والمصرى، عن طريق البرامج والمواد التى يتم شراؤها منهم، وعرضها على شاشات التليفزيون المصرى، بالرغم من كونها لا تتناسب مع ثقافاتنا وتراثنا الحضارى وقيمنا المجتمعية والإسلامية، لذلك فقد شاهدنا انتشار مريع للموضات المقززة فى الملابس والأغنيات والأفلام المتدنية بين أجيالنا المختلفة، وتحولنا فى مصر إلى مستهلكين لقيم وعادات الآخرين، وبالتحديد القيم والعادات السلبية فقط، وهو ما أدى بتبعيته إلى ازدياد الفجوة بيننا وبين العلم والتحضر، وإلى زيادة سقوطنا فى مستنقع الجهل، والأهم من ذلك كله أدت إلى ابتعادنا عن الدين، فى حين أن الدول التى نستورد منها هذه المنتجات تتقدم وبسرعة، وأصبحنا لا نستطيع التأثير فى الآخرين أو إقناعهم بوجهات نظرنا، والسبب فى ذلك أن هذه الدول تستهدف غزونا ثقافياً بناء على دراسات مستفيضة لخواص وطبيعة الشعب المصرى، وتحدد بدقة آليات التنفيذ والوسائل التى تستطيع منحهم أفضل النتائج المرجوة.
والسؤال الذى يطرح نفسه هنا.. إلى متى سنظل قابعين تحت وطأة الإعلام الموجه؟






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة