ساركوزى.. الإسلام والانتخابات الرئاسية الفرنسية

الثلاثاء، 01 مايو 2012 04:24 م
ساركوزى.. الإسلام والانتخابات الرئاسية الفرنسية سيد حمدى
كتب سيد حمدى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تقام الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية يوم الأحد القادم فى ظل تقدم طفيف لصالح المرشح الاشتراكى فرانسوا هولاند على حساب الرئيس نيكولا ساركوزى، مرشح حزب اتحاد من أجل حركة شعبية. ويعتمد ساركوزى سياسة إدماج البلاد فى مزيد من النهج الرأسمالى، الأمر الذى أفقده الكثير من أصوات العمال والفقراء على وجه الخصوص.

ويتلقف الاشتراكيون تلك السياسة بالتركيز على البعد الإنسانى فى برنامجهم الاقتصادى الاجتماعى، وهو ملف يتقنونه تاريخياً بالمقارنة مع اليمين الفرنسى الذى يمثله ساركوزى.

ووسط أزمة حقيقية يواجهها اليمين الأوروبى والفرنسى، خاصة جراء السياسات النقدية وتنامى معدلات البطالة، يلجأ ساركوزى إلى ملف الأمن كأحد الخيارات التى من شأنها أن تعوضه بعضاً مما فقده من شعبية. ومثلت جريمة تولوز التى وقعت فى مارس الماضى وراح ضحيتها أبرياء على يد الفرنسى محمد مراح هدية لساركوزى، وجرى توظيفها إعلامياً لصالح حملته الانتخابية. إنه سيناريو مصغر لسيناريو الحادى عشر من سبتمبر الذى أنقذ جورج بوش الابن من الفشل فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

من جديد بات المسلمون الفرنسيون هدفاً لسياسة ساركوزية تستعدى بقية الفرنسيين عليهم. تلك السياسة كانت قضية "الهوية الفرنسية" التى تمت إثارتها على نحو واسع العام قبل الماضى، وإخضاعها للنقاش فى جميع محافظات فرنسا، إحدى أهم المحطات فى شحن الشارع ضد الإسلام والمسلمين. وأصبح الإسلام- والحال هكذا- مناوئاً ومهدداً للهوية الفرنسية.

فى الطريق أيضاً تمت معالجة قضية النقاب وسط تهييج سياسى للتسريع بإجراءات تتعلق بما لا يزيد عن نحو ألفى منتقبة فى سائر أنحاء فرنسا. وتدخلت الجمعية الوطنية لتصدر قانوناً بالإجماع يحظر تماماً ارتداء النقاب، وإلا الغرامة المالية أو الحبس فى مرحلة تالية. ووصل التهييج الدعائى إلى حد وضع ملصق فى كافة البلديات الفرنسية لصورة تركز على كشف الوجه وتهاجم تغطيته.

العديد من السياسيين الفرنسيين ومن بينهم مرشحون من اليسار والوسط عبروا عن اعتقادهم بأن فرنسا تجنى ثمار تأليب طوائف من الشعب على طوائف أخرى، بحيث كانت جريمة مراح من تجليات هذه السياسات المرتبكة والمتعصبة. وشدد هؤلاء على أن تقسيم الأمة الفرنسية يمثل خطراً على تماسكها الاجتماعى. وفى غمرة التصريحات يفاجئنا إيف بونى الرئيس الأسبق لجهاز(حماية التراب الوطنى) فى عقد الثمانينات بمقال يقول فيه إن مراح كان على علاقة بجهاز (الإدارة العامة للمخابرات الداخلية)، وأنه أمد رجال المخابرات بصور من رحلاته فى الخارج. ويتهكم البعض على هذه الصور بأنها لم تكن بطبيعة الحال صوراً سياحية! الرجل صاحب الخبرة الأمنية العريضة، والذى انخرط بعد التقاعد فى الحياة السياسية، أبدى عدم رضاه عن التوظيف الإعلامى للحادث الأليم الذى راح ضحيته أبرياء من الرجال والأطفال.

ساركوزى وسط حملته الانتخابية استعرض مجموعة مقترحات لمواجهة الإرهاب من بينها تجريم السفر إلى الخارج لأهداف أيديولوجية. وفى هذا المقترح أمور عدة تسترعى الانتباه، منها أن فرنسا بموجبه ستفرض وستقود حظراً أوروبياً على السفر إلى عدد من الدول الإسلامية. من هذه الدول طبعاً باكستان التى اقترن اسمها بتحقيقات فى اتهامات طالت فرنسيين بممارسة الإرهاب دون أن ننسى أن الحملة الأمنية التى أعقبت جريمة تولوز أسفرت عن إطلاق سراح الأغلبية الساحقة من المقبوض عليهم، دون توجيه أدنى اتهام لهم. ولم يكن الاهتمام الاعلامى بإطلاق سراحهم فى مستوى الضجيج والصخب الإعلاميين عند إلقاء القبض عليهم.

الأمر كان مفيداً للغاية لساركوزى فى حملته الانتخابية، وهو يتحدث عن الوحدة الوطنية ربما لتعويض جزء من قصوره فى الملف الاقتصادى- الاجتماعى المثقل بالإخفاقات. والحديث عن السفر لأغراض أيديولوجية واسع فضاض قابل لتطبيق المقترح بشكل تعسفى فى حق الفرنسيين المسلمين. ففى بلد مثل مصر يوجد العشرات، وربما المئات منهم للدراسة، بل والعيش الدائم بحثاً عن سلام الروح والجسد، وبعيداً عن تيار العنصرية الذى يرسم ساركوزى ومارين لوبن رئيسة حزب (الجبهة الوطنية) ملامحه بعناية.

هذا المقترح المطاطى يدعونا للتساؤل عما إذا كان ساركوزى صديق إسرائيل- كما يسمى هو نفسه- راغب فى تطبيقه على الدولة العبرية. فهل يحظر مثلاً انخراط المواطن الفرنسى- الإسرائيلى المزدوج الجنسية فى الخدمة العسكرية الإسرائيلية. قد يكون من أصعب جداً أن يفعل ذلك فى حال نجاحه فى الرئاسيات. والشاهد على ذلك الجندى جلعاد شاليط الذى تبنى ساركوزى قضيته، رغم أن شاليط جندى فى جيش احتلال يوجد فى أرض محتلة منذ عام 1967 بنص قرار الأمم المتحدة.






مشاركة




التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

ايمان

عن المقال

المقال حلو اوي

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة