أخطاء كثيرة وقعت فيها القوى السياسية وكل الثوار سواء من يسمون أنفسهم الطليعة الثورية أو مجلس الأمناء أو شباب الثورة أو من أطلق على نفسه ائتلافات ثورية، وهى متنوعة وكثيرة لدرجة أن أغلبية الشعب لا يفهم إلا شيئاً واحداً، وهو أن الثورة المصرية ثورة صنعها الله سبحانه وتعالى، ولا فضل فى انتصار الثورة إلا لله سبحانه وتعالى، والثورة ثورة شعب وليست ثورة فصيل أو جماعة أو فئة أو حزب، ولا توجد للثورة صكوك ملكية إلا صكاً واحداً فقط، وهو صك ملكية الشعب لثورته.
لا يجوز ولا يصح لأحد كائناً من كان أن ينسب النصر لنفسه وما النصر إلا من عند الله. ولكن يصح أن نتمسك بأدبيات ميدان التحرير، ولا ننسى اللحظات الأخيرة عندما كان الجيش والشعب يداً واحدة، وعندما أعلن المجلس الأعلى للقوات المسلحة إيمانه بمشروعية مطالب الشعب فى الميدان، وتعهده بتنفيذها، وفى نفس اللحظة انصرف الجميع بعد تنظيف الميدان، بل وقام الشباب بتنظيف جميع ميادين وجميع شوارع مصر بعد استلام المجلس الأعلى سلطة إدارة البلاد لحين تسليم السلطة لرئيس منتخب من الشعب بإرادة حرة.
لا يجوز ولا يصح أبدا أن نهتف ونقول يسقط حكم العسكر وكلنا يعلم أن العسكر لا يحكمون بل يديرون مرحلة انتقالية خطيرة جدا ولا ننسى ما فعلته بنا الثورة المضادة وما زالت تفعل وستستمر.
لايمكن القفز وإنكار المواقف الشريفة للقيادات العسكرية عندما رفضت قمع الثوار، كما حدث فى بلاد أخرى، وأيضا وقوفها على مسافات متساوية من جميع القوى السياسية، وجميع الفرق الثورية، وعندما فككت مؤسسات النظام السابق، وخاصة البرلمان المزور، والحزب الوطنى الذى قام بالتزوير، وكذلك جهاز مباحث أمن النظام ووضعت رموز النظام فى سجن طرة، بأوامر قضائية، وخضوعهم لمحاكمات كلنا نتمنى أن تكون فى إطار سيادة القانون.
لا يمكن إنكار دور القوات المسلحة فى التصدى لمحاولات إسقاط الدولة وهيبتها وإشاعة الفوضى. لا يمكن إنكار جهود القوات المسلحة فى ضمان حرية ونزاهة العملية الديمقراطية التى ستنتهى بالنقل المنظم والديمقراطى للسلطة من خلال انتخابات حرة ونزيهة لم تشهدها البلاد من قبل. ولا يمكن إنكار أن المجلس الأعلى تسلم إدارة البلاد بطريقة تم فيها قذف كرة اللهب فى وجوههم، ولا ينكر أحد أن مرحلة الربكة كان بها بعض الأخطاء وبعض التباطؤ، وبعض التردد والتشتت الإدارى.
لا يجوز ولا يصح أبدا أن يطالب البعض باستمرار القوات المسلحة فى إدارة البلاد سنة أخرى أو سنتين، وتترك مهمتها الأساسية فى حماية الحدود والاستعداد المستمر لكسر عنق من يفكر فى الاعتداء على ترابنا الوطنى، وتوريط الجيش وقياداته فى مستنقع السياسة وما أدراك ما مستنقع السياسة.
لا يجوز ولا يصح الاعتراض على أحكام القضاء، ونبدو وكأننا فى غابة لا يحكمها سيادة القانون، يجب علينا جميعا احترام القضاء، مهما كانت أحكامه إلا بالطرق التى حددها القانون، مهما كانت آراء البعض فى شخصيات قضائية ذات تاريخ فى خدمة أغراض النظام الفاسد. ولقد شاهدنا فى قرار استبعاد بعض المرشحين للرئاسة وشاهدنا فى الحكم الخاص بالفنان الكبير والمحترم والمحبوب من الشعب عادل إمام، وكما شاهدنا فى الانفعال غير المبرر مع قضية المحامى المصرى فى المملكة العربية السعودية، وتطورها بشكل دراماتيكى ليس فى مصلحة مصر وشعبها، ولا فى مصلحة السعودية وشعبها. ولا أعرف ماذا سيحدث إذا صدر حكم على الرئيس المخلوع، ولم يعجبنا أو يشفى غليلنا.
أعتقد أنه توجد طرق مشروعة للاحتجاج، وطرق مشروعة للاعتراض على هذه الأحكام وليس بالسباب والهجوم ورفع الأحذية، وقطع الطرق، والاعتداء على قدسية حماية السفارات والمؤسسات ورموز السيادة الوطنية والرموز الدينية.
وبمناسبة الرموز الدينية لا يصح ولا يجوز أن نشكك فى وطنية شيخنا شيخ الأزهر بحجة أنه كان عضواً فى الحزب الوطنى المنحل، وخاصة أن الجميع إخواناً وسلفيين وأقباطاً قبّلوا رأسه الكريمة، وأقروا له أن الأزهر هو مرجعية كل المصريين.
الخلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية، والخلافات السياسية مشروعة، والتنافس بل والصراع السياسى مقبول طالما هناك التزام بالثوابت الوطنية. ولكن الخلاف السياسى لا يعنى أن نطالب بحل البرلمان، ونحرض على ضرورة حل البرلمان المؤسسة الوحيد المنتخبة بإرادة شعبية حرة، ونبنى كل آمالنا على فرضية حل البرلمان والكل يعلم أن البرلمان لو تم حله، وتمت انتخابات جديدة بنفس النزاهة والحرية النتائج لن تتغير، ولكنها نغمة تستخدمها الحكومة وبعض السياسيين سامحهم الله فى محاولة كسر إرادة البرلمان وتعطيل المسار الديمقراطى.
الخلاف السياسى لا يعنى أن يطالب البعض بتأجيل الانتخابات الرئاسية أو أن يخرج علينا البعض بمقترح رئيس مؤقت أو إعلان دستورى مؤقت، وأقول صراحة لا نريد اللعب بالنار ولا نريد أحلام الصفار، وأعتقد الكيل قد فاض من محاولات الالتفاف على إرادة الشعب. اتركوا الشعب يختار رئيسه القادم، مهما كان اسمه أو برنامجه، سنقول تعظيم سلام لاختيار الشعب.
الفشل السياسى لا يبرر لبعض النخب أو بعض الإعلاميين أن يتهم الشعب بالجهل والتخلف والضعف، وأن أى شخص يمكن أن يشترى إرادته بكيلو سكر أو كيلو زيت أو كيلو لحمه الشعب هو الشعب الذى رفض التزوير ومخطط التوريث وهو نفسه الشعب الذى خرج إلى الميادين معلناً ثورته على الاستبداد. الفشل السياسى لا يبرر لأى شخص أن يستعدى دولة إسرائيل، ويحلم بسيناريو إعادة احتلال سيناء اعتراضاً على حكم من سيختاره الشعب مهما كانت مرجعيته.
أعتقد أن الشعب المصرى لا يمكن شراؤه بأى ثمن، وأعتقد أن فطنة الشعب المصرى وتربيته السياسية لا تسمح لأى محترف سياسى أو إعلامى بالضحك على الشعب. الشعب هو من عزل الفلول وطرحهم أرضا فى الانتخابات البرلمانية، وسقط رموز الحزب المنحل التى عادت فى هيئة عشرة أحزاب بأسماء جديدة، وأسقطهم جميعا بإرادته الحرة، وبنفس الإرادة هو من سيختار رئيسه القادم إن شاء الله.
من على هذا المنبر الحر أطالب الجميع باحترام القانون، واحترام أحكام القضاء، واحترام سيادة أى دولة على أراضيها، كما نحب أن يحترم الآخرون سيادتنا على أراضينا، والابتعاد عن الخطوط الحمراء، ومحاولات إهانة رجال القوات المسلحة فى الشوارع، ومحاولات إهانة الرموز الدينية، ومحاولات النيل من هيبة الدولة.
أطالب الجميع بالالتزام بخارطة الطريق والدستور حتى لو كان إعلاناً دستورياً. أطالب الجميع بالتنافس ولكن بدون تجريح أو تشكيك فى الوطنية.
من على هذا المنبر أطالب الجميع باحترام إرادة الشعب واحترام الآليات الديمقراطية الحرة والنزيهة فى إنتاج مؤسسات منتخبة والإذعان للرئيس الذى سيختاره الشعب، مهما كان من هو، بمعنى الخضوع لإرادة الشعب. لقد وصلنا إلى نقطة تحتم علينا الخروج من المرحلة الانتقالية الخطرة إلى مرحلة البناء والتنمية، وإعادة هيكلة الدولة لتصل إلى الاستقرار المنشود والنهضة التى يتمناها الجميع. وحمى الله مصر من شر الفتن ما ظهر منها وما بطن.
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
عبد الحق
نداء لأولاد أبو إسماعيل!