"المصريون يبهرون العالم كل يوم"، كلمات قالها الإعلامى البريطانى تيم سباستيان، عندما سألته عن مخاوفه تجاه المستقبل الذى ينتظر مصر عقب ثورة 25 يناير، مؤكدا أن الربيع العربى جاء خارج توقعات المراقبين للشرق للأوسط، كما تطرق الحديث إلى دور الإعلام فى المرحلة الانتقالية بالبلدان العربية، فضلا عن تقييم تجربته التلفزيونية فى تونس ومصر من خلال برنامج المناظرات "حوارات العرب الجديدة" الذى تبثه قناة الحياة المصرية ودويتش – فيليه الألمانية، وعن هذه الموضوعات وغيرها كان حوار اليوم السابع مع صاحب البرنامج الأشهر "كلام قاسى" على تليفزيون البى بى سى، والذى جاء على هامش الحلقة الرابعة فى القاهرة الأسبوع الماضى.. وإلى نص الحوار:
- قبل أن تبدأ فى إطلاق برنامجك "حوارات العرب الجديدة" فى تونس مارس 2011 ثم مصر.. هل سبق وقمت بزيارة البلاد العربية أو كان لديك اهتمام بشئون الشرق الأوسط؟
بالفعل، لقد قمت بزيارة مصر قبل ثورة 25 يناير.
- وما هى الاختلافات التى ميزتها فى المجتمع المصرى بعد إطلاق برنامجك من القاهرة عقب الثورة مقارنة بالوضع فى ظل العهد السابق؟
بعد ثورة 25 يناير لاحظت أن المصريين أصبحوا واثقين من حلمهم، ولديهم الرغبة فى التعبير عن آرائهم بحرية.
- وماذا عن التغييرات فى مجال السياسة فى مصر بعد الثورة؟
وبالنسبة للواقع السياسى بعد الثورة فهناك تنوع كبير فى الآراء السياسية التى يعتنقها المصريون، بالمقارنة بالأحوال السابقة، فلدينا الآن أطياف سياسية متعددة من السلفيين والإخوان المسلمين والتقدميين، فالجميع ينضم إلى أحزاب أو حركات سياسية بعد الثورة، فأصبح الجميع يريد نصيبه من القوة والسلطة.
- وإلى متى تتوقع أن تستمر الخريطة السياسية فى مصر بهذا الوضع؟
يستمر ذلك الوضع حتى يغلق باب التكهنات السياسية مع قدوم النظام السياسى الجديد، من خلال انتخاب رئيس جمهورية ووضع دستور الدولة الجديدة.
- من خلال متابعتك لشئون الشرق الأوسط، هل توقعت حدوث تغييرات كبيرة فى الأنظمة السياسية تنطلق من الشارع العربى؟
لم أتوقع حدوث مثل هذا التغييرات الجذرية، وهكذا كان الحال لكل المتابعين للتطورات والأحداث فى الشرق الأوسط والبلاد العربية.
- كيف كانت استجابة الجمهور العربى فى تونس لبرنامجك "مناظرات العرب الجديدة"؟
كانت استجابة مدهشة للغاية، وظهر لديهم شغف حقيقى بمن تناولناهم فى المناظرات، وأحدهم جاء لى بعد أول حلقة هناك قائلا "إنها أول مناظرة حرة تناقش الآراء داخل تونس بشكل علنى".
- وماذا عن تفاعل الجمهور المصرى مع برنامجك؟
كان الجمهور كبيرا ومتحمسا بشكل رائع، وكان أمر عظيما أن أجرى هذا النوع من البرامج فى مصر، وأتمكن من رؤية الجمهور ورغبته القوية فى التعبير عن آرائه والدفاع عنها، وهو ما أتاحه برنامجى للجمهور المشارك فى الحلقات.
- بعد مرور أكثر من عام على إطلاق برنامجك ما هى أبرز ملاحظاتك التى عشتها خلال تجربة تقديم برنامج تلفزيونى فى بلدان الربيع العربى؟
التنوع فى المجتمع العربى من أكثر الأمور التى أحببتها، والمجتمعان اشتركا فى وجود نفس النظام السياسى والديكتاتورية، كما خرجت فى أعقاب الثورتين العديد من الآراء المختلفة على السطح بعد الثورة فى البلدين.
- فى رأيك.. بالنسبة للمرحلة الانتقالية، كم من الوقت نحتاج لتأسيس جمهورية ديمقراطية وللتخلص من آثار النظام الديكتاتورى؟
مصر ستمر بمرحلة تمتد من 15 إلى 20 عاما،وخلال هذه الفترة سنرى أى من الأغلبية التى تتمكن فى السيطرة على السلطة، وهذه الفترة ليست طويلة فهى معقولة للانتقال من نظام ديكتاتورى لأى نظام آخر يريده الشعب.
- هل فى اعتقادك هذا النمط من البرامج - المناظرات- تحتاجه الشعوب أكثر بعد الثورات والتغييرات الكبيرة فى المجتمعات؟
كل المجتمعات فى حاجة إلى عقد مناظرات علنية، فهذا يتيح للأنظمة معرفة آراء الناس حول الموضوعات المهمة المطروحة كمؤشرات أولية لاتخاد أصحاب السلطة قرارتهم مما يعطى لآرائهم ثقلا ويجعل السياسيين يأخذون آراء الناس فى حسبانهم.
- ما هى خططك بعد انتهاء هذا الموسم من البرنامج بانعقاد آخر حلقاته فى شهر يوليو المقبل؟
أتمنى العودة إلى مصر مرة أخرى، وعقد المزيد من المناظرات فى القاهرة، إذا كان لدينا سلسلة جديدة من حلقات البرنامج، كما أفكر فى إقامتها فى بلدان عربية أخرى.
- من واقع خبرتك وعملك فى مؤسسة صحفية كبيرة مثل هيئة الإذاعة البريطانية.. ما هى المعايير الصحفية التى يجب أن تركز عليها وسائل الإعلام فى البلدان العربية أثناء وبعد الثورات؟
القيم الإخبارية واحدة فى كل المجتمعات، بداية من الأمانة والمسئولية والموضوعية، ولكن أهم ما يجب أن تركز عليه وسائل الإعلام العربية أن توجه أسئلة مهمة إلى السياسيين بعضها يتعلق بـ"لماذا يخلفون وعودهم فى حال فعلوا ذلك"، ولماذا يجب أن يثق الناس بهم، فالصحفيون هم كلاب الحراسة فى المجتمع، لذا من المهم أن يكونوا أشداء مع المسئولين فضلا عن طرح الأسئلة التى يبحث الناس لها عن إجابة.
- إذن ما هى المهمة الرئيسية للإعلام فى المرحلة الانتقالية التى تمر بها مصر؟
تتلخص فى كلمتين الصحافة تعمل على خدمة الناس، وتقوم بدور كلاب الحراسة الساهرة على راحة المجتمع.
- بالحديث عن دور وسائل الإعلام الجديد فى قيام الثورات العربية.. هل بالغنا فى تضخيم هذا الدور؟
لا أستطيع أن أحكم الآن، نستطيع تقييم الدور الذى قامت به الشبكات الاجتماعية فى تحريك هذه الثورات ربما خلال 5 أو 10 سنوات قادمة.
- هل لديك مخاوف تجاه المستقبل فى مصر؟
ليس لدى مخاوف عن مستقبل مصر، المصريون يستمرون فى إبهار العالم كل يوم، فعندما ننظر للوراء عاما واحدا، من كان يتصور أن يقوم الشعب المصرى بثورة ويخلع الرئيس.
- ليس لديك أى مخاوف من سيطرة الإسلاميين على الحكم وكل مؤسسات النظام فى مصر بعد ثورة 25 يناير؟
مخاوفى تتمحور حول الفقر فى مصر، فمع وجود 30 مليون نسمة تحت خط الفقر، لا أرى أى حديث عنهم، فكل النقاش فى وسائل الإعلام عن السياسة ولا أحد يهتم بالحديث عن الفقراء، فالثوار يتحدثون عن حقوق الإنسان دون ذكر للفقراء.
- بالانتقال إلى بلدان الخليج العربى حيث قدمت برنامجك مناظرات الدوحة لمدة 8 سنوات، هل تتوقع حدوث تغييرات كبيرة مثل التى شهدتها بلدان الربيع العربى؟
لا أرى أى تغييرات قادمة فى هذه البلدان.
- هل تعتقد أن الشعوب تثور من أجل الحرية أم من أجل رغيف العيش؟
دائما هناك أسباب مختلفة وكثيرة تجعل الناس تثور على الحكام، فالبعض كانت أسبابه اقتصادية وآخرون كانوا يبحثون عن الحرية والكرامة.
- باعتبارك تنتمى إلى بلد لديه واحد من أعرق البرلمانات فى العالم.. كم من الوقت سنأخذ حتى يصبح البرلمان المصرى مشاركا فعالا فى بناء دولة ديمقراطية حقيقية؟
فى حقيقة الأمر، لا أعلم كم من الوقت ستحتاجون، فالديمقراطية ليست شيئا مثاليا، فى بريطانيا هناك سياسيون يكذبون ويخدعون ويأخذون رشاوى، ومن هنا جاءت أهمية وجود صحافة قوية تضع نصب أعينها النظام السياسى والعاملين فيه.
- مع اقتراب انتهاء المرحلة الانتقالية المعلنة، وانتخاب رئيس للبلاد ووضع دستور، هل تؤمن أن المجلس العسكرى سيخرج بشكل نهائى من المشهد السياسى؟
لا أستطيع أن أحكم على ذلك، فنحن لا نرى غير الناس فى الشوارع ولكن ما يحدث وراء الكواليس لسنا على علم به.
- كيف تصف المستقبل الذى ينتظره المصريون خلال الشهور القادمة؟
مستقبل ملئ بالاحتمالات، وبعضها يحمل أشياء جيدة أكثر مما تنذر بالسوء.
عدد الردود 0
بواسطة:
mostafa
ليست له مخاوف