أشواق كثيرة تجمع المسيحيين تجاه زيارة الأماكن المقدسة، وفى مقدمتها كنيسة القيامة خاصة هذه الأيام. وقد نشرت «اليوم السابع» أن بضعة آلاف سافروا هذا العام لقضاء أسبوع الآلام الذى ينتهى بعيد القيامة فى منتصف الشهر الجارى. الأمر ليس جديدا فقد حدث فى السنوات الماضية، واضطر المخالفون إلى نشر اعتذار فى الصحف، لم يستسغه كثيرون، وكنت أحدهم. كان ذلك بسبب الموقف الصلب للبابا شنودة الرافض لزيارة القدس تحت الاحتلال، وهو الموقف الذى كان ولا يزال محل تقدير واحتفاء من العالمين العربى والإسلامى. وأتذكر أن نائبا سلفيا فى مجلس الشعب قال لى إنه إذا كان ينبغى عليه أن يقول كلمة فى مناسبة وداع البابا شنودة سيقول إنه يحيى موقفه الصلد تجاه زيارة الأقباط للقدس.
موقف البابا شنودة هو موقف الكنيسة القبطية المعلن إلى الآن، لم يتغير، ولا أعتقد أنه سوف يتغير، ولا أتصور أن بإمكان أحد المزايدة عليه، ففى الوقت الذى هرول كثيرون للتطبيع مع إسرائيل، كانت الكنيسة من المؤسسات الراسخة فى موقفها الرافض، وهناك كتابات للبابا شنودة، وغيره تؤصل لهذا الموقف، ولعل الجميع يذكر أن الرئيس الأمريكى الأسبق «جيمى كارتر» سأل البابا شنودة مرة لماذا تقف هذا الموقف من اليهود «شعب الله المختار»، فكانت إجابة البابا الراحل «لو كانوا هم شعب الله المختار لما كنت أنا وأنت من شعب الله المختار».
أعرف أن المسيحيين لديهم أشواق مشروعة لزيارة القدس، خاصة كبار السن، الذين يمنون أنفسهم بزيارة كهذه، فهم ليسوا من أنصار التطبيع، ولا تعنيهم إسرائيل، وليس فى مخيلتهم تطبيع ولا سلام أو خلافه، لكن هذه الأشواق ينبغى أن تُرشد، وتتعقل، وتعى أن موقف الكنيسة القبطية الصلب الرافض لزيارة القدس فيه حكمة، وإدراك بعيد للأمور، وتعميق للتوافق حول قضايا أساسية يلتف حولها المصريون، ولا ننسى أن إسرائيل تسىء للمقدسات المسيحية مثلما تسىء للمقدسات الإسلامية، وكلنا نتذكر الموقف الإسرائيلى المتعنت من دير السلطان، وهو الدير الذى أهداه صلاح الدين الأيوبى لأقباط مصر تقديرا لمواقفهم الوطنية فى مواجهة «الفرنجة» أو ما يصطلح خطأ على تسميتهم بالصليبيين، وسلبته إسرائيل.
بالطبع المسيحيون فى مصر لا ينتمون جميعا للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وهناك كنائس أخرى قد لا ترى فى زيارة دينية للاحتفال بعيد القيامة موقفا سياسيا من التطبيع مع إسرائيل، وهو ما قد يقتضى حوارا بين الكنائس حول هذه القضية، وقد يكون مفيدا أن يصدر الأنبا باخوميوس، القائم مقام البطريرك، وهو رجل أظهر الكثير من الحكمة والفطنة والعمق فى التحرك خلال الأسابيع الماضية، بيانا يعيد فيه التأكيد على موقف الكنيسة القبطية الذى تبلور، وتعزز خلال عهد البابا شنودة الثالث من رفض التطبيع مع إسرائيل، بما فى ذلك زيارة القدس وهى لا تزال تحت الاحتلال.
عدد الردود 0
بواسطة:
فايز
كل واحد حر
عدد الردود 0
بواسطة:
واحد من الناس
كفايه مخاصمينكم
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرى وافتخر
الى من يهمه الامر