قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها.. إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا خاصم فجر وإذا عاهد غدر" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إن ثورة يناير 2011 إنما هى ثورة إلهية بآليات شبابية.. لقد عاش الشعب أكثر من 30 عاما تحت وطأة حكم الفرد الواحد الذى أفرز علينا جميعا ظلما وفقرا وضياع الإنسان المصرى، بل لا أكون مبالغا إذا قلت انهيار الإنسان المصرى أمام الفساد الذى استشرى فى جسد الوطن.
ولما قامت الثورة وتم إيداع رؤوس الفساد خلف القضبان وتوارى الحزب اللاوطنى اللاديمقراطى الذى كان أهم معول من معاول هدم الاقتصاد تربص بالثورة الكثير ممن يحلمون بالوصول إلى المقاعد البرلمانية.. ولقد سمعنا من المرشد العام للإخوان المسلمين "الجماعة المحظورة"، فى فبراير 2011 سمعناه يقول ليس لنا مطمعا دنيويا ولا نتطلع إلى كرسى الرئاسة للجمهورية، وإنما نحمل الخير للجميع.. وكرر هذا القول مرات ومرات ومرات.. ومع أول انتخابات برلمانية التف الشعب حول حزب الحرية والعدالة الجناح السياسى "لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة".. وخرج الشعب فى واقعة لم يسبق لها مثيل كراهية فى الحزب اللاوطنى اللاديمقراطى وحبا فى التغيير "لعل وعسى"، أن يكون الصوت الإسلامى هو المنقذ من براثن الحكم الفاسد والانتقال إلى عهد جديد يحمل الخير للجميع كما وعد أصحاب الصوت الإسلامى.
ولما حظى حزب الحرية والعدالة بالحصول على الأغلبية فى مجلس الشعب.. سقطت ورقة التوت التى كانت تستر عوراتهم.. وأصيب أصحاب عباءة الزهد فى المطالب الدنيوية بمرض عشق الهيمنة والاستحواذ على معظم لجان مجلس الشعب.. واستشرى المرض فى نفوس القائمين على حزب الحرية والعدالة الذى لم ينفصل عن توجيهات المرشد العام الذى أعلن من قبل بان الحزب هو الجناح السياسى وليس لجماعة الإخوان المسلمين سيطرة عليه.. واستفحل المرض من عشق الهيمنة والاستحواذ إلى مرض النهم السلطوى.. وتبين ذلك من تشكيل اللجنة التأسيسية لوضع الدستور.. ثم استفحل المرض أكثر فتحول إلى مرض عضال السعار السلطوى الذى جعل من القائمين على حزب الحرية والعدالة التطلع بشغف إلى منصب "رئيس الجمهورية".. وتناسوا وعودهم التى انطلقت من تحت عباءة الزهد فى التطلع للمناصب.. لقد دابت خيوط العباءة وتبخرت ألوانها مع أول خطوة داخل البرلمان.. وتحول الأمل الذى عاشه الشعب المصرى فى أعضاء حزب الحرية والعدالة إلى ندم وخيبة أمل.
إن جموع الشعب الذى خرج يهتف حتى التهبت الحناجر بتأييد حزب الحرية والعدالة هو نفسه الشعب الذى لمس بأن أحلامه تبخرت بالخداع فالتهبت الحناجر أيضا تنادى بضرورة تحقيق الديمقراطية فى الإسلام.
نعم إن السياسة لعبة قذرة.. ولكن اختلاط السياسة بالدين وفرض معاييرها التى لا يرضى بها الله ورسوله على تسيير أمور الوطن شىء مرفوض تماما بالمؤمن إذا حدث صدق.
واسمحوا لى أن أذكر نفسى وأذكركم بأن الثورة الإلهية بآليات شبابية هى التى أخرجت المارد من القمقم.. ومن السهل جدا بأدوات شبابية تقليص هذا المارد تصغيرا وإدخاله فى القمقم مرة أخرى.
اتقوا الله فى مصر.. اصدقوا مع أنفسكم.. اصدقوا مع شعب منحكم الثقة فى النهوض بالوطن كم وعدتم مرارا وتكرارا.
اللهم إنى قد بلغت من دافع حبى لمصر.. اللهم عليهم فاشهد.
