أخى الفاضل..
لم أقرأ ما كتبته عن البحرين فى مقالك الأول فى صحيفة اليوم السابع المصرية، ولم أقرأ رد هيئة شئون الإعلام البحرينية على ذلك المقال، ولكننى قرأت مقالك الثانى بعنوان «إلى إخوتى فى البحرين»، وأرجو أن يتسع صدرك لسماع ردى على ما جاء فيه..
سأبدأ من حيث توقفت (فى منتصف الرسالة)، بتعريف نفسك باسم وتاريخ عائلتك، وأنت ابن شيخنا الفاضل يوسف القرضاوى، ولن أكرر ما سردتَ من تبجيل للسيد الوالد، الذى هو محل تقديرنا جميعاً، لأن العرب يقولون «العارف لا يُعَرّف»، بمعنى أن التعظيم الشمولى لعائلتك المنسوبة للشيخ الكبير، كما جاء فى رسالتك الموجهة إلى البحرينيين، لا يحتاج إليه إلا الشخصية النكرة، وأيضاً من هو غير واثق من ذاته ومن قدرته على إثباتها، وفى تقديرى إن شيخنا الفاضل لا يستحق منك هذه الإهانة.
أنا سيدة بحرينية، من عائلة معروفة، يمكنك السؤال عنها مَن تشاء من إخوتك البحرينيين، فليست عائلة نكرة ولا صغيرة ولا جاهلة.. ولكننى أعتز بتعريف نفسى بكلمتين فقط "سميرة رجب"، فأنا ذاتى، و«إن الفتى من قال ها أنا ذا، وليس الفتى من قال هذا أبى».
وأشد ما يؤسفنى أننى كثيراً ما أضطر، مؤخراً، أن أعلن فى وسائل الإعلام (الديمقراطية) أننى عربية بحرينية من المذهب الجعفرى، وهذا ما لم يكن «يرد لا عالبال ولا عالخاطر» أن يحدث فى ذلك الزمن الجميل الذى تنعتونه بأقسى الصفات السياسية، حيث كانت المصداقية مقياس العمل الوطنى، ولم يكن للأكاذيب مساحات كبيرة، كما هو الحال فى زمننا «الديمقراطى» الجديد، فأضطر أن أشهر عن مذهبى لكى لا يُنسب كلامى إلى نزعات طائفية.. مؤكدة أن قوة اعتزازى بهويتى العربية لا يقل درجة واحدة عن قوة إيمانى بالإسلام ديناً، وعقيدة، وأخلاقاً، وتراثاً، وتاريخاً، وحضارةً.
ورغم تاريخى المهنى الطويل، وما أحمله من مناصب، فلست بحاجة لأن تعرف عنى سوى أننى كاتبة صحفية، أجيد التعبير عن رأيى، وأتقبل آراء الآخرين باحترام شديد، فلا أحاول الاستهزاء بأى رأى من مدخل ما به من أخطاء لغوية، أو لأنه منسوب إلى نظام حكم، أو إلى معارضة، فالاحترام من أهم صفاتى الإنسانية والمهنية، ويعتصرنى الألم الشديد عندما أقرأ وأسمع ما يتداوله أقلام وخطباء وشعارات الإسلام السياسى من كلمات القذف والاستهزاء والشتم والاحتقار لكل رأى مخالف لهم.. ومما يؤسف له أن هذا السلوك بات أهم عنصر قوة يعتمد عليه الشباب فى هذه الحركات، حتى بات اشتراكهم فى هذا السلوك على امتداد الوطن الكبير، من المحيط إلى الخليج، يوحى بأن هناك تدريباً ثقافياً وإعلامياً موحداً يُقدّم لهم، رغم اختلاف مذاهبهم وتنظيماتهم.
وعليه أرجو أن تسمح لى بالقول، إن ردك على رسالة هيئة الإعلام البحرينية لم يوضح رأياً مقابل رأى، بقدر ما كان فيه استهزاء وتحقير للرسالة لسببين (بحسب مقالك)، الأول: لأنها مرسلة من طرف رسمى يمثل حكومة البحرين، والثانى: لأن فيها بعض الأخطاء اللغوية.. وفى نهاية المقال تعلن رفضك الكامل لسماع أى رأى يخالف رأيك حول ما نشرته، سواء ما يمكن أن يأتى من الحكومة أو من الكُتّاب «إياهم»، المكلفين من الحكومة (بحسب تعبيرك)، وهكذا قطعت الطريق أمام كل من ينوى الدفاع عن البحرين، والرد على ما جاء فى مقالك من أخطاء لا تمت إلى الحقيقة بصلة.. وكأنك تريد القول إنك تملك الحقيقة كاملة، ولا تنتظر الاستماع لأى رأى مخالف.. فهل هذا من مقومات حرية التعبير عن الرأى؟ أم هو نمط الديمقراطية الجديدة الموعودون بها؟
أخى الفاضل.. لا أعتقد أن هناك من هو أحَن على «العيال» من أمهم، وهذا ما يجعلنى، (كأم بحرينية خائفة على أجيالها)، مدافعة شرسة عن سيادة وعروبة البحرين عبر نشر الحقائق التى يحاول الطائفيون تزييفها.. أنا ابنة هذه الأرض، ونحن أعلم بشعابها، وليس هناك من هو قادر على وصف الحقيقة أو نصرتها، كما يمكن أن نقوم به نحن فى مواجهة المد الذى ينوى اقتلاعنا من جذورنا.
وفى زمننا الردىء هذا لم تعد وسائل الإعلام مصدراً يُعتد به فى معرفة الحقائق، فالأكاذيب باتت مادة الإعلام الدسمة فى تنفيذ مشاريع سياسية تتقاذف المنطقة، شرقاً وغرباً، فلا أعتقد أن استنادك لوسائل الإعلام، أو سماع بعض عناصر المعارضة البحرينية، يدعم حجتك فى الحديث عن البحرين.. فإنصافاً للشعب البحرينى أدعوك إلى الإلمام بالحقائق.
أخى عبد الرحمن، كنت أتمنى، وأنت ابن الشرفاء، أن تولى هذه القضية العربية أهمية وتزور وطنك الثانى، البحرين، وتستمع لكل الآراء، وتفحص الحقيقة على أرض الواقع، عوضاً عن الاستناد إلى حجة وسائل الإعلام المشوهة، قبل كتابة مقالك.
وعليه أضع أمامك هذه الحقائق البحرينية، التى أتحمل شخصياً مسؤولية إثباتها أمام كل العالم.
أولاً: ليس فى البحرين مظالم ضد طائفة.. وكل ما تزعمه طائفة واحدة من مظلوميات يعد افتراءً سياسياً، ولدى من الأرقام والأدلة المادية التى تثبت رأيى.. وقد عملت طويلاً فى البحث عن هذه الأرقام التى لم تعمل أجهزة إعلام الدولة على رصدها، وعملت أنا شخصياً على جمعها، وتنسيقها لأثبت للعالم الافتراء الطائفى الذى تقع البحرين تحت طائلته، فالمدعوون بالمعارضة يمارسون صناعة الأكاذيب، حتى انشق الشعب البحرينى على نفسه للمرة الأولى فى التاريخ.. وإن لم تدركوا أنتم، إخواننا فى مصر، هذا الأمر فهذا يعنى أن الأمة أمام خطر حقيقى.
ثانياً: "إخوتك" فى المعارضة البحرينية خطوطهم مفتوحة مع الخارج منذ سنوات طويلة وبابتذال وتحد، وما عليك إلا استعمال الرابط الصحيح فى مواقع الـ"ويكيليكس" لتطلع على جزء بسيط من هذه الاتصالات، التى كانت فى زمننا الجميل تعد خيانة عظمى، حتى من دون وجود الأدلة المادية المتوافرة اليوم.. يعنى لم ينتظروا ليسمعوا نصيحتك الكريمة بعدم اللجوء للخارج، فهم متلوثون بتلك الاتصالات لدرجة تعجز كل منظفات العالم من تنظيفهم.
ثالثاً: أما بخصوص استعمال العنف، فهم يتفاخرون بتصوير عملياتهم بـ"اليوتيوب"، وبإمكانك الدخول على شبكاتهم الإلكترونية للتعرف على جرائمهم المنظمة والمتكررة فى قتل الشرطة البحرينية، بعد دعوة مرجعهم الدينى، آية الله عيسى قاسم، بقتلهم.. فكلها موثقة بجانب تلك الدعوة المنبرية.. فاعلم أنهم لا يملكون واعزاً إنسانياً يحميهم من «الهلاك» الذى ذكرته فى رسالتك، لأنهم واثقون بأن كل مقال مثل مقالك يقربهم إلى كرسى الحكم، كما حصل فى العراق، هذا الكرسى الذى يُبذل له الغالى والنفيس.
رابعاً: مازالت الدولة تتعامل مع هذه الحالة بأعلى درجات ضبط النفس وحسن النوايا، لأننا، كأطراف شعبية ورسمية، مازلنا مصرين على إنهاء هذه الأزمة بأقل الخسائر، ووضع لغة العقل والحوار والإنصاف فى قمة أولوياتنا.
وتفضل بقبول فائق التقدير والاحترام..
sameera@binrajab.com
عبد الرحمن يوسف
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
fatma badr
رائعه انتى بحق
عدد الردود 0
بواسطة:
mohame4d youssef
حقا
حقا انك سيدة محترمةز
عدد الردود 0
بواسطة:
شوقي سكر
لسه بدري
عدد الردود 0
بواسطة:
عابر سبيل .. Aaber Sabil
توارد خواطر
عدد الردود 0
بواسطة:
gamal
من عبد الرحمن يوسف ده
عاجبنى المقطع الاول من الرد
عدد الردود 0
بواسطة:
مصري مقيم بالبحرين
كلام صحيح تماما
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود المصري
دولة البحرين
عدد الردود 0
بواسطة:
ايات
القتل واحد
عدد الردود 0
بواسطة:
من ارض الكنانة
الي المحترمة سميرة رجب
عدد الردود 0
بواسطة:
عبده بيه
بارك الله فيكم سيدتي الفاضلة