نبيل عمر

بوستر أبوإسماعيل وتجارة الشاطر!

السبت، 07 أبريل 2012 03:55 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
المصادفة أوقفتنى فى إشارة مرور خلف سيارة عليها بوستر للمرشح الرئاسى حازم صلاح أبوأسماعيل، الإشارة سخيفة وطويلة فرحت أداعب الوقت الممل بقراءة البوستر اللامع، فوقعت عينى على آخر سطر فيها، ومقر الحملة الشرعية «.......»، لم أصدق عينى وتصورت أن بشائر «الحر» التى هجمت علينا هى التى أوهمتنى بكلمة «الشرعية»، فدنوت من السيارة حتى كدت «ارتطم» بها، ورحت أقرأ العبارة مرة ومرات و«أفعص» عينى، لكن العبارة ثابتة، فتأكدت من صحتها.. انتظرت قليلا وأسرعت حتى جاورت سيارة الرئيس المحتمل، ونظرت إلى ركابها ذوى اللحى الطويلة وسألتهم: هل هناك حملة شرعية وحملة غير شرعية؟ ابتسموا فى وجهى، وطلبوا منى صوتى، وبدا أنهم لم يفهموا سؤالى ومضوا فى حال سبيلهم.. لكن العبارة لم تمض معهم، وظلت عالقة بعينى تطعن بسنها الحاد أفكارى: هل توجد فعلا حملة رئاسية شرعية وحملة غير شرعية؟

طيب إذا كانت حملة حازم أبوأسماعيل شرعية، فهل هذا يعنى أن حملات بقية المرشحين غير شرعية؟!

بالقطع لا.. لأن فيهم من التيارات الإسلامية أكثر من مرشح.. أظن والظن بعضه إثم وبعضه حلال أن حملاتهم الرئاسية أيضا شرعية.. إذن نحن أمام حملات شرعية متنافسة وضد بعضها البعض، هل وصل بنا استغلال الدين وعواطف البسطاء وأنصاف المتعلمين إلى هذا الحد؟

هذا هو مأزق مصر السياسى والاجتماعى والاقتصادى الآن، وهو مأزق يبدو الخروج منه صعبا للغاية، لأن هؤلاء المرشحين الدينيين يتحدثون عن الشرع والأحكام أكثر مما يتحدثون عن التنمية والتقدم والنهضة، بل تبدو النهضة بالنسبة لهم «هى بركة» من السماء لهؤلاء الذين ربوا ذقونهم، ولبسوا الجلاليب القصيرة، وستروا نساءهم خلف أحجبة سوداء، وراحوا يقرأون فى كتب الأدعية والبركات، ونسوا أن الرسول الكريم «صلى الله عليه وسلم»، قال للرجل الذى كان يتعبد طول الوقت فى المسجد تاركا العمل لأخيه الذى ينفق عليه: أخوك عند الله أتقى منك.

ولا واحد من هؤلاء الرؤساء المحتملين الرافعين لشعارات الدين قدم لنا رؤية شاملة لمصر العصرية المتقدمة.. هم فقط يحاولون التسلق على حبال الدين إلى كرسى الرئاسة.

لم يحدثنا أحد عن العلاقات بين سلطات الدولة، ولم يقد مظاهرة ضد الطريقة التى تشكلت بها الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور، ما النظام الاقتصادى الذى سنتبعه؟! هل التجارة ستكون هى عماد اقتصادنا على أساس أن تسعة أعشار الرزق فى التجارة أم أنه لديه رؤية شاملة لتصنيع مصر وإعادة تعميرها؟ ما العلاقة بين الطبقات وتوزيع ثروة الوطن؟ ما موقفه من البنوك العامة وفوائدها؟! هل يعتبر اقتراض مشروع استثمارى لملايين الجنيهات من البنك يكمل بها إنشاءاته عملا ربويا؟ ما نظام التعليم الذى يفضله؟ كيف سيتعامل مع البطالة والجريمة والفوضى فى الشوارع؟!... إلخ.

عشرات القضايا الملحة التى هى عصب الحياة وصلبها لم يتطرق لها هؤلاء المرشحون الدينيون؟! وقبل أيام قرأت مانشيت جريدة الإخوان المسلمين وكان عن خيرت الشاطر مرشحهم لرئاسة الدولة، وكان: «مهندس نهضة مصر»، عبارة رائعة، وكنت أتمنى أن تكون صحيحة، فعلى الأقل نرى من بين المرشحين «واحدا» يتحدث عن النهضة ولا يتحدث إلينا كما لو أنه يتحدث مع مصلين فى خطبة جمعة.. لكن سألت نفسى: الإخوان لهم إمبراطورية اقتصادية، رينا يزيد ويبارك، ممتدة وواسعة ورأسمالها بالمليارات، لكن يا ترى هل لهم استثمارت صناعية؟ هل لهم استثمارات فى صناعة المعرفة، هل لهم استثمارات خارج التجارة تشى بأننا أمام عقول اقتصادية متكاملة؟.. للأسف أغلب استثمارات الإخوان - إن لم تكن كلها - فى البيع والشراء وجميعها يشرف عليها خيرت الشاطر، وهذا النوع من الأعمال يستحيل أن يصنع مستقبل أمة!








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة