تمر بنا الأيام ببطء شديد لاسيما بعد أيام من الفرح والسرور عقب قيام ثورة يناير المجيدة... يأبى كل يوم أن يمر بسلام... يقسم أن يذيقنا من بعض البأس وبعض الصعاب ألوانا من هموم كنا حسبنا أنها لن تعود ولكنها عادت بوجه قبيح كئيب... تغير فينا الكثير والكثير بعد الثورة حتى صار الخوف والقلق والتوجس من الغد سمة كل فرد فينا.... لماذا حدث هذا ؟؟؟ أبدا لم تكن هذه آمالنا بعد بزوغ فجر جديد من الحرية والكرامة.... من سرق من هذا الشعب فرحته سريعا سريعا؟؟؟ من استكثر عليه أن تقر عينه برؤية وطن عزيز آمن مستقر فحول الحلم إلى سراب .؟؟؟
ألم نخلص جميعا فى وطنيتنا وقت أن قامت الثورة..؟؟؟ بلى كنا وطنيين مخلصين حتى النخاع....
ألم ندعو ربنا دعاء المستغيث المضطر فنصرنا فى أيام قلائل ؟؟؟ بلى دعوناه فاستجاب لنا وتحطم الصنم الأكبر من أصنام الذل والهوان هو وأركان نظامه....
ألم نكن صادقين فى مشاعرنا تجاه بعضنا البعض وكنا جميعا مسلمين وأقباطا يدا واحدة ؟؟؟
بلى كنا صادقين ومتحابين بصدق وصلى المسلم فى محراب أخيه المسيحى تحت بصره وحمايته من كيد الكائدين... وأدى القبطى صلواته فى رعاية المسلمين..؟؟؟.
إذن ماذا حدث؟؟؟؟
تتجول فى ربوع مصر فإذا بك ترى أناسا عابسين.. يائسين غير هؤلاء البشر الذين رأيناهم إبان ثورتنا المجيدة ممن كانت تعلو وجوههم البسمة والسرور.....
تسمع لغة حوار متشنجة منفرة وشاذة غير تلكم اللغة التى عهدتاها من تلكم الأفواه المتأدبة فى حديثها وقت ثورتنا....
ما بال الإعلام بعد الثورة أصبح ساحة للسب والقذف والتشهير لبعضنا البعض؟؟؟ ما بال مصر تتحول يوما بعد يوم إلى تكتلات وأحزاب وجماعات متنافرة... كل حزب بما لديهم فرحون....؟؟؟؟
ويغلف هذا التيه والدوار سؤال أهم يا سادتى.. لماذا لم نتفق على هدف واحد طالما اتفقنا على ثورة واحدة..؟؟؟
يدور فى خلدى سبب مهم من بين أسباب عدة أسباب... فنحن على مدى عقود من الزمن سلمنا عقولنا وعواطفنا إلى أنظمة فاسدة استطاعت وبكل خبث ودهاء زرع روح الفرقة والشحناء بيننا وتقسيمنا إلى جماعات وأحزاب يجهل بعضها بعضا فضلا عما تكنه لبعضها البعض من تنافر وتشاحن....
كل رئيس حكم مصر فى عقودها الأخيرة أدرك تلكم الحقيقة.... فرق تسد.... ومن حاول يوما ما من الجماعات أو الأحزاب الصادقة فى أهدافها ووطنيتها أن تظهر على الساحة فعلى الفور تم تشويه صورتها واتهامها بالعمالة للغرب والتمويل منه وكل ذلك فى محاولة لتشويه صورة هذا الحزب أو الجماعة لدى الآخرين.... وهكذا كان الديدن لكل رئيس حكم مصر فى عصورها الحديثة...
وتأتى ثورة يناير المجيدة فلم يمتلك الشعب بكل فئاته وطوائفه مقومات أو حتى معطيات التوحد على هدف واحد... فقط قام بثورة لإسقاط نظام دون تحديد هدف مشترك للخطوة التالية..
هدف تتفق عليه كل الأطياف... مما دعا كل فصيل أن يعلن الوصاية على الشعب ظنا منه أنه الأقدر على قيادة السفينة إلى بر الأمان.... حتى صار لدينا فى بحر ثورتنا العديد من القادة والعديد من السفن كلها مكتوب على شراعها... سفينة النجاة.... وإذا بنا نفيق على واقع أليم من تصادم بعض هذه السف ببعضها وبضحايا كثر ممن على متنها من شعب مصر التائه بين كل هذه السفن...
نحن فى حاجة ماسة أن نجلس جميعا مع بعضنا البعض حول مائدة مستديرة مكتوب عليها... مصر أولا.... ننسى أثناء تحاورنا ذواتنا وأحزابنا وجماعاتنا نفكر بهدوء وبروية.... نلتمس العذر لبعضنا ونقدم النصح مجردا من الأهواء وبعيدا عما يسئ للطرف الآخر حتى نصل إلى هدف مشترك يجمعنا ونمحو به آثار عقود مضت من التشتت والتشرذم الفكرى..
نحن بحاجة أن نتذكر شيئا واحدا فقط.. إننا بدون مصر صفرا على الشمال...
د. الحسينى إسماعيل يكتب: حتى لا نكون صفراً على الشمال...
الجمعة، 06 أبريل 2012 08:51 ص