تشعر من الوهلة الأولى عندما ترى وتسمع مرشحى الرئاسة، أن بلدنا العزيز مصر ما هى سوى كعكة كبيرة تكفى الجميع ولكن هناك سوء فى التقسيم أو عدم عدالة فى التوزيع، وأن كل ما فى الأمر هو سوء تصرف لدرجة تتصور معها أن الشعب لا يهمه فى الرئيس القادم فى المقام الأول ألا يكون طماعا أو جشعا، ويأكل من هذه الكعكة برفق، ولا يكون نهماً مثل الرئيس السابق حيث أخذ النصيب الأكبر هو وحاشيته، و لم يترك لهم إلا الفتات.
فأصبح كل واحد منا متحفاز و يشمر عن ذراعيه لا يريد من ذلك أن يعمل ويبنى ولكن لكى يقطع ويأكل ويحصل على حقه المهضوم من الكعكة ، والشعب لديه كل العذر من كثرة ما يسمعه إلى جانب كمية الأموال المهربة من مصر إلى الخارج أرقام خيالية يسيل لها اللعاب، وهذا لا يدل على أن مصر بلد عظيم الثراء ، ولكن يدل على أن النظام السابق ورجاله باعوا ونهبوا مقدراتها، ولذلك نلاحظ تكرار الإضرابات والمطالب الفئوية، وهذا الإقبال الكثيف على الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، وإذا كان هذا حالنا فكيف نبنى مصر الجديدة القوية ؟
علينا جميعا وخصوصا مرشحى الرئاسة أن نرى الصورة الحقيقية لمصرنا العزيزة فمصر من دول العالم الثالث، الأغلبية العظمى من أبناء هذا البلد فقير لا يجد قوت يومه أو يحصل عليه بصعوبة ومشقة بالغة ويعانى الأمرين فى الحصول على رغيف خبز أو أنبوبة بوتاجاز مصاب بكثير من الأمراض المستعصية بسبب المياه الملوثة ، والغذاء الفاسد أو غير الصحى ..... فمصر تحتاج إلى كثير من العمل والجهد والتفكير السليم والمنظم لكى تصل إلى أول درجة من سلم التقدم .
هذه هى الفرصة الثالثة وأظنها الأخيرة فى تاريخ مصر الحديث لبناء دولة قوية تسير فى ركب التقدم والرقى وتراعى مصالح أمتها العربية والإسلامية ، والفرصة الأولى كانت مع محمد على مؤسس مصر الحديثة ولكن طموحه المفرط وتربص الدول الغربية به ضيع على مصر فرصتها الأولى ، والثانية جاءت مع عبد الناصر وهو كفرد قدم لمصر الكثير وضحى من أجل أمته العربية بالكثير أيضا ، ولكن لم يضع مصر على الطريق الصحيح ( طريق الديمقراطية ، والفصل بين السلطات ) .
تتأمل مرشحى الرئاسة المعروفين تجد أن أى واحد منهم يصلح أن يكون رئيساً لمصر ولكنه لا يمثل الرئيس الأمثل الذى يتمناه كل المصريين ويجتمعون عليه وليتفون حوله ، فليس منهم من يمتلك "الكاريزما" وهذا الشخص الكارزمائى مهم بل فى غاية الأهمية فى بداية تشكيل وبناء نظام واضح للدول والشعوب ، وهذه حقيقة يجب أن نسلم بها ؛ لذلك ونحن على أعتاب كتابة دستور جديد تحدد فيه جميع الاختصاصات ، ومنها اختصاصات رئيس الجمهورية ، وبما أننا لا نمتلك هذا الشخص فى الوقت الحاضر ِلا يجب أن يكون النظام الحاكم فى مصر نظام رئاسى كما أن هذا النظام أثبت فشله فلا يجب أن نعيده إلى الحياة مرة أخرى وإذا لم نتفق على النظام البرلمانى يكون نظام مختلط برلمانى رئاسى ، فأنا أحلم برئيس وزراء لمصر مثل المستشار الألمانى "بسمارك" فهذا الرجل وحد الدويلات الألمانية فى دولة واحدة قوية ونحن نحتاج لمن يوحد الصف المصرى فنحن أشبه بمن يعيش فى جزر منعزلة مع أننا نعيش فى دولة مركزية ، ومن مميزات هذا الرجل أيضا أنه كان يطبق النظام بصرامة على الجميع بلا استثناء ، فنحن فى أمس الحاجة لوضع نظام عام يسرى على الجميع فلا يتم ادارة مصر بعد الآن وكأنها عزبة أو كفر من الكفور؛ أو يظل هناك من يعتقد مهما كانت أهمية أنه من أبناء "البطة البيضه" وأنه فوق القانون . ولهذا هل يمكن أن يكون هناك نص أو آلية فى الدستور الجديد تتيح لبعض الفئات ( للمفكرين – الإعلام – الرأى العام ...) أن ترشح للبرلمان من تراه مناسبا لتولى منصب رئيس الوزراء حتى تكون هناك قاعدة عريضة للاختيار من داخل المجلس وخارجه ، وحتى لا تضيع على مصر أيضا فرصتها الثالثة .
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة