إن ما تشهده الساحة المصرية هذه الأيام من حراك سياسي لا مثيل له سابقا
شيء يدعو إلى الدهشة و امرأ يثير الاستغراب .. فبعد عصور من الكبت المتوارث والذي كان نتيجة حتمية و نتاج طبيعي لفترة من الحكم منذ أربعينات القرن الماضي توالى فيها حكام و حكومات القاسم المشترك بينها جميعا هو الاستبداد و ازدراء رأي الشعب و حقوقه .. فترة فيها كان المواطن ساقط قيد من كشوف الحكام و حكوماتهم اللهم إلا من بعض مداعبات الحاكم للشعب و مغازلته بمنحه بعض من الحرية و الديمقراطية
الوهمية كأن يقول الشعب ما يريد و يفعل الحاكم ما يريد أيضا .
و انتهاء بحقبة مبارك و التي امتدت لأكثر من ثلاثين عاما كان فيها المواطن هو مواطن من الدرجة الخامسة أمواله مؤممة و حرياته مصادره و آراءه لا يتم العمل بها .. و تقلد أمور
الحكم و النظام شلة من المنتفعين من أهل الحظوة و الثقة من رجال أعمال و أشباههم باعوا البلد في سوق النخاسة و كأنها عزبة و ملك خاص لهم ... و تتحول نتيجة البيوع تلقائيا إلى خزينة الحكام بعد اقتصاص بعض فتات الكعكة لشلة المنتفعين و بعض كسرات خبز لعامة الشعب .
و بتراكم تلك المظالم و عمليات النهب المنظمة لثروات البلد و استشراء الفساد بصورة مذهلة في كافة مرافق الدولة و كأنه سوس ينخر في أعمدتها .. كان لزاما أن يتحول هذا الكبت إلى بركان غضب ينفجر بشدة لينسف رأس هذا النظام و يلقي به لأقرب سلة مهملات .
و كان من الطبيعي أن يتنفس الشعب لأول مرة مذاق الحرية و خروج ذلك الكبت في صور متعددة كالإعتصامات و الإضرابات و المليونيات المتكررة فرحا و ابتهاجا و نشوة بلذة الحرية .
و كان من مظاهر الفرحة بالحرية و انفكاك القيد المزمن للشعب ما رأيناه في خروجهم لاستفتاء الدستور
ثم انتخابات مجلس الشعب . .... وعروجا على الانتخابات الرئاسية
إن ما حققته ثورة 25 يناير من فتح باب الحرية و التعبير عن الرأي على مصراعيه كان منطقيا أن نرى هذا العدد الكبير من الذين سحبوا استمارات ترشيح لمنصب رئاسة الجمهورية .. و لكن هناك أمرين لا يجب نسيانهما أو المرور عليهما ببساطة أولهما كثرة من يحاولون الترشح و ثانيهما نوعيتهم .
فمن حيث العدد فربما هو متوقع نظرا لتعداد الشعب الذي فاق 85 مليون و كذلك نظرا للرغبة في الإحساس بمزيد من الحرية .
أما من حيث النوعية فهو أيضا متوقع إلا انه يثير الدهشة أن نجد أصحاب مهن و أعمال كالحانوتي و الفران و السباك و .. و... الخ . يتقدمون للترشح
فإما أن يكون هناك أيادي خارجية أو ربما داخلية تريد إغراق المنصب بالكثير من المرشحين
ليتم ازدراءه استنادا إلى كثرة العدد أو التقليل من شأنه استنادا إلى نوعية بعض المرشحين .
الأمر الأخر أنه محاولة ممتازة لتفتيت الأصوات ثم تحويل تلك الأصوات إلى مرشح بعينه حال الإعادة
و هذا أمر خطير بأن يتم التلاعب بهؤلاء الذين تم الزج بهم في أتون هذا المارثون الرئاسي ليكونوا مجرد
كومبارس أو سنيده لبطل تم تحديده مسبقا بأيدي لم نتوصل إليها بعد .
أيادي تخطط في الخفاء ربما لخلق مبارك آخر أو لصنع فرعون أخر أو ربما وضع دمية جديدة
على كرسي الرئاسة يتحكم فيها أسيادها الذين وضعوها و الماسكين بالخيوط المحركة لها .
أو إغراق البلاد في حالة من الانقسام الشديد بين تيار سلفي و تيار إخواني و تيار ليبرالي و تيار كهربائي
يصعق الشعب بأكمله و تتحول الانتخابات إلى حرب أهلية إذا لم يستطيعوا وضع
رئيس يكون مجرد منفذ لأوامر أسياده سواء في الداخل أو الخارج ليشرب الشعب أكبر مقلب في حياته
على مر العصور بأن يتوهم انه أختار رئيسا له بالانتخاب لأول مرة في تاريخ مصر منذ فجر التاريخ !
و بناء عليه نرسل فاكسات لمن يهمه الأمر
1- الحاكم الإسلامي حتما سيحرم الخروج عليه بثورة آخري
و لكنه سيترك الطريق مفتوحا لها بأن يكون ديكتاتورا آخر !
2- أخشى أن يرفعنا الحاكم الجديد بالحرية .... إلى مشانقنا !
3- إن الطغاة لا يولدون كذلك ... لكن يصنعهم نفاق بطانة .. و غباء مؤيدين !
4- رغم بيع البلد كلها بيد مبارك ... إلا أن قدرة الله وحدها أنقذت ميدان التحرير - ليسقط به ديكتاتور آخر
5- ما أسوأ من يتهمون الحاكم بالكذب ... و ما أغبى من يصدقه على طول المدى !
6- الحاكم ليس عملة نادرة ... فللعملة وجهين فقط !
7- أمريكا تحتسي في الكؤوس دمائنا ... على مائدة كل حاكم غبي !
8- رغم نجاح أمريكا في إرهاب العالم إلا إنها فشلت في إرهاب شعب قرر خلع حليف لها !
9- أجهزة الأمن اختراع لحماية الشعوب و ليست لحصارها !
10- أقصر طريق لنهاية حاكم ... تطعيمه بفيروس الصمم !
محمد برجيس يكتب: لغز انتخابات الرئاسة المصرية !
الخميس، 05 أبريل 2012 09:18 ص