أعتقد أننا جميعا متفقون على أن ثورة مصر المباركة هى ثورة شعبية ربانية على الظلم والاستبداد والفساد السياسى والمالى والأخلاقى، الذى وصل الذروة، بمخطط توريث الحكم بطريقة خبيثة. أعتقد أن هذا المعنى محل اتفاق من جميع فئات الشعب سواء عسكريين أو يساريين أو ليبراليين أو علمانيين أو إسلاميين.
أعتقد أيضا أن الثورة المصرية المباركة كانت بدون قيادة، مما جعلنا جميعا أن نقبل، بل نطالب بأن يكون الجيش هو المؤتمن على هذه الثورة، باعتباره الفصيل الوحيد الذى يحظى برضا الجميع، وخاصة أن الجيش رفض إطلاق رصاصة واحدة على أى من الثوار.
بعد تنحى الرئيس المخلوع، تسابق الجميع فى التعبير عن رؤيته للمستقبل، فى هيئة رسائل مطمئنة لهذا الشعب العظيم، وصدرت بيانات الجيش تؤكد إيمان المجلس الأعلى بمبادئ الثورة، وتعهد بالعمل على تحقيق أهدافها، وصدرت بيانات الإخوان المسلمين تؤكد على المشاركة لا المغالبة، وتعهدت بعدم منافستها على منصب الرئيس، وصدرت بيانات القوى السياسية جميعاً، تؤكد على دولة الحرية والعدالة الاجتماعية والقانون، والحفاظ على كرامة الإنسان المصرى.
بدأت المرحلة الانتقالية باستفتاء على التعديلات الدستورية، ثم الإعلان الدستورى، وتحولت هذه المرحلة الخطيرة إلى مسرح للصراع على السلطة بين القوى السياسية المختلفة، وحدثت استقطابات سياسية حادة، وأحداث جسيمة، كان بعضها دموياً، أدى إلى سقوط مزيد من الشهداء والمصابين كضحايا لهذا الاستقطاب السياسى الحاد بين القوى السياسية. وأخيرا تمت الانتخابات البرلمانية بحرية ونزاهة، لم نرها من قبل، كما وعدنا المجلس الأعلى للقوات المسلحة الشريفة، وتم اختيار الجمعية التأسيسية للدستور، حسب مواد الدستور، وفى ظل طفرة كبيرة من الاستقطاب الحاد بين القيادات السياسية، بدون استثناء مع ازدياد الجدل والصراع السياسى الخطير، وخاصة أن اللجنة مكونة من مائة شخص، يتم اختيارهم من بين آلاف القامات السياسية والفكرية فى بلد عظيم مثل مصر.
أخيرا وصلنا إلى النقطة الحرجة، والتى تحمل لب الصراع وقلب المعركة السياسية فى إطار صراع الحيتان السياسية على السلطة. النقطة الحرجة تشمل ثلاث كلمات (الدستور ووضع المؤسسة العسكرية فى الدستور والرئيس القادم ومدى صلاحياته فى الدستور). عند هذه النقطة الحرجة ازداد الجدل، ولكن كان أخطر ما سمعناه إعلان الإخوان المسلمين عن تفكيرهم فى التقدم بمرشح للرئاسة من حزب الحرية والعدالة أو من الجماعة، وخاصة بعد إعلانهم أن مبررهم أن هناك نية لتزوير انتخابات الرئاسة، وأيضا طلب إسقاط الحكومة، وتشكيل حكومة يرأسها أحد الإخوان المسلمين. أيضا رد المجلس العسكرى برفض فكرة تغيير الحكومة، ورفض تهمة التزوير، وحذر من تكرار أخطاء الماضى. فعلا وصلنا إلى النقطة الحرجة، وهدد الجميع بما فى جعبته وما لديه وما أوتى من قوة، وأتمنى من الله أن لا نصل إلى نقطة الصدام لا قدر الله.
فى هذا الجو والمناخ المقلق والكئيب الذى لا يمكن التهرب من وصفه بالأزمة السياسية الطاحنة، أرى بصيصاً من نور للخروج من هذه الأزمة، الأساس فيه هو نبذ الخلافات السياسية بين كافة التيارات السياسية، وإعلاء قيمة الحوار السياسى، والسبب بسيط، وهو أن المرحلة لا يمكن أن يتحمل مسئوليتها فصيل سياسى واحد، وخاصة أن كل القوى السياسية هدفها واحد، وهو بناء دولة مصر الديموقراطية الحديثة.
أعتقد أن اللجنة التى تكونت من مائة شخصية مدنية، ممثل فيها كل التيارات السياسية، والتى تهدف إلى الاستقرار على مشروع رئاسى للثورة، هى الفرصة الأخيرة للثورة، وأعتقد أن اختيار مشروع رئاسى يتكون من الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح والسيد حمدين صباحى نائباً له، هو عين العقل، والحقيقة رئيس ليبرالى ذو خلفية إسلامية موضع الاحترام والتقدير من الجميع، ومناضل سياسى محسوب على تيار اليسار والناصريين نائبا له، هو المحاولة الوحيدة لرأب الصدع القديم الحديث، وهو الخيار الوحيد القريب من طموحات الأكثرية الغالبة من هذا الشعب.
وأخيرا، من على هذا المنبر الحر، دعونا نحول ذكريات الصدام القديم، وتهديدات الصدام الحديث إلى التحام بين شخصية ليبرالية ذات خلفية إسلامية، وهو الوحيد الذى يستطيع لجم محاولات الاحتكار والغرور، الذى تحاول أن تمارسه بعض التيارات الإسلامية التى نعرفها جميعا، وشخصية أخرى يسارية ناصرية يميل تماماً إلى فقراء هذا الشعب، والاثنان لهما باع طويل فى النضال السياسى ضد النظام المخلوع على مدى عقود، وكلاهما من الشرفاء أبناء الميدان.
وأعتقد أن هذا الخيار هو ما تبقى للثوار من الكعكة السياسية. لانريد مرشحا من الإخوان، ولا نريد مرشحاً من العسكريين، ولا نريد مرشحا محسوباً على النظام المخلوع، ولا نريد مرشحا من السلفيين. من هنا أعلن انضمامى التام إلى هذا الخيار المقترح من لجنة المجلس الرئاسى للثورة، وخاصة أن أعضاءها ثبت أنهم لا يريدون إلا مصلحة هذا الوطن والله أعلم. وبعد ما نشاهده فى سوريا، وما شاهدناه فى ليبيا، وما علق بذاكرتنا من أحداث الماضى، لا أملك إلا الدعاء، وأقول حمى الله مصر من شرور الغرور والصدام.
د.عبد الجواد حجاب يكتب: مصر والفرصة الأخيرة للثورة
الخميس، 05 أبريل 2012 10:52 ص
حمدين صباحى
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
بيتر صفوت
ممتاز
عدد الردود 0
بواسطة:
AHMED
I HOPE FROM ALLAH TO PROTECT OUR EGYPT
I HOPE THIS WILL HAPPEN
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد رزق
من اجل مصر
عدد الردود 0
بواسطة:
TAREK
رسالة رجاء
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود
معاك
عدد الردود 0
بواسطة:
sam
موافق
عدد الردود 0
بواسطة:
م/ هشام موسى
مصر اهم من الثورة
عدد الردود 0
بواسطة:
walid
يا سلام ايوه كده يا وديع اخيرررررا
عدد الردود 0
بواسطة:
بحب مصر
الحل فى حمدين صباحى
عدد الردود 0
بواسطة:
د. طارق النجومى
لنتقى الله فى وطننا