جدل حول محاكمة جنرالات الجيش التركى بتهمة سلب السلطة من المدنيين

الخميس، 05 أبريل 2012 03:05 م
جدل حول محاكمة جنرالات الجيش التركى بتهمة سلب السلطة من المدنيين الرئيس التركى الأسبق كنعان إيفرين
كتب إبراهيم بدوى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بدأت توابع زلزال التعديلات الدستورية التى أقرتها حكومة حزب العدالة والتنمية الحاكم فى تركيا، ذى المرجعية الإسلامية عام 2010 فى دك حصون العسكر من قادة انقلاب 1980، وهو الانقلاب الأكثر دموية فى تاريخ تركيا.

وتشهد أنقرة منذ أمس الأربعاء حلقة جديدة من الصراع بين العسكر والإسلاميين ببدء محاكمة الرئيس التركى الأسبق الجنرال المتقاعد، كنعان إيفرين (94 عاما)، قائد الانقلاب العسكرى عام1980 فى تركيا، ورفيقه قائد القوات الجوية سابقا، تحسين شاهينكايا (86 عاما)، وهى المحاكمة التى وصفت بغير المسبوقة فى تركيا، حيث تحكم الجيش بالسلطة أربع مرات منذ 1960.

وتتأرجح تركيا ما بين مؤيد للمحاكمات ومعارض لها بعد تعديلات دستورية أقرها البرلمان التركى بحشد من حزب العدالة والتنمية الحاكم عام 2010، تقضى بالحد من صلاحية المحاكم العسكرية وتجيز للمحاكم المدنية محاكمة عسكريين فى أوقات السلم بتهمة محاولة تنفيذ انقلاب أو جرائم مرتبطة بالأمن القومى.

ويواجه الرجلان تهمة ارتكاب "جرائم ضد الدولة" خلال هذا الانقلاب الذى أعدم فيه نحو 50 شخصا واعتقل مئات الآلاف، وأدين نحو 250 ألفا منهم، فيما توفى العشرات فى السجن جراء التعذيب. وقد اضطر ـ أيضا ـ عشرات الآلاف من الأتراك إلى الهجرة بحسب تقارير دولية.

وشهدت المحاكمة حضور العديد من نواب الأحزاب الرئيسية الممثلة حاليا فى البرلمان التركى، والذين ادعوا بالحق المدنى ضد الانقلابيين، وما بين الأحزاب اليسارية والعلمانية والإسلامية يتصاعد الجدل السياسى فى تركيا حول هذه المحاكمات. وبينما يرى الإسلاميون أنه لا أحد فوق القانون أمام تلك الجرائم، يؤكد العلمانيون أن هؤلاء العسكر كانوا يؤدون واجبهم فى الحفاظ على مبادئ الدولة العلمانية.

وكان الجيش أطاح أربع مرات بحكومات منتخبة فى أعوام 1960 و1971 و1980 و1997 باسم الدفاع عن مبادئ الجمهورية التركية التى أرساها مصطفى كمال أتاتورك عام 1923، بإنهاء نظام الخلافة والتأكيد على فصل الدين عن الدولة بشكل تام.

وشهد عام 1960 الانقلاب الأول للجيش على حكم المدنيين بإقالة رئيس الوزراء عدنان مندريس وإعدامه بعد عام من الانقلاب إلى جانب إعدام وزير الخارجية ووزير المالية، بتهمة الارتداد عن المبادئ العلمانية بإعادة الآذان، ونشر مراكز تعليم القرآن.

وفى عام 1971 أسقط الجيش حكومة رئيس الوزراء سليمان ديميرال رئيس حزب العدالة، وفى عام 1980 تتدخل العسكر لإنهاء العنف المسلح بين ميليشيات اليساريين واليمينيين التى أوشكت على إدخال تركيا فى حرب أهلية، ودعمت واشنطن هذا الانقلاب بقيادة الجنرال كنعان ايرفن الذى يمثل للمحاكمة الآن حيث استولى على السلطة وأعاد كتابة الدستور لضمان القوة السياسية للعسكر.

وفى عام 1997 أجبر الجيش أيضا الحكومة الائتلافية برئاسة نجم الدين اربكان زعيم حزب الرفاه ذى الخلفية الإسلامية على التنحى بعد عام من توليه السلطة، وكان العسكر العلمانيون يخشون تحويل اربكان تركيا إلى دولة إسلامية مثل جارتها إيران، وقام العسكر بنقل كل المناصب والهيئات الحكومية إلى السياسيين العلمانيين.

وجاء رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان الذى أسس حزب العدالة والتنمية عام 2001 ليمثل امتدادا لفكر اربكان، إلا أنه يؤكد دائما على احترامه النظام الجمهورى الذى أسسه أتاتورك والقيم الإسلامية التى يدين بها 99% من الشعب التركى.

ونجح حزب اردوغان بأغلبية ساحقة فى انتخابات 2003 ليصبح رئيسا للوزراء ويستمر مسلسل التوتر بين الجيش والسلطة الحاكمة. وشهدت الفترة من 2007 إلى 2009 توترا جديدا فى العلاقة بين حزب أردوغان وجنرالات الجيش، حيث قامت الحكومة بالقبض على 86 مواطنا بينهم كتاب وأعضاء بمنظمات المجتمع المدنى وضباط سابقين بالجيش بتهمة الانضمام إلى منظمات متطرفة تخطط لإسقاط الحكومة التركية، وفى يناير 2009 تم إلقاء القبض على 30 آخرين بينهم ثلاثة من الجنرالات المتقاعدين ورئيس سابق للشرطة.

وبينما يرى العديد من المراقبين أن الهدف من وراء هذه القضية هو محاكمة جميع المسئولين عن الانتهاكات الجماعية لحقوق الإنسان التى رافقت هذا انقلاب 1980، لا يستبعد آخرون أن تكون تلك المحاكمات إحدى حلقات الصراع ما بين العسكر والإسلاميين وأن وراءها دوافع سياسية لحزب العدالة والتنمية ذى المرجعية الإسلامية الذى نجح بشكل كبير فى تنمية اقتصاد الدولة منذ توليه مقاليد الأمور عام 2003. ويرى المراقبون أن هذا النجاح كفل للعدالة والتنمية إجراء التعديلات الدستورية التى كانت شبه مستحيلة فى السابق.

ويرى محللون للشأن التركى أن كثرة الانقلابات العسكرية أعاقت تطور الديمقراطية فى تركيا لسنوات، إلا أنهم يراهنون على قوة اقتصادها للحفاظ على الاستقرار بداخلها، وهو ما نجحت فيه حكومة رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان حتى الآن بالتعاون مع رفيقه الرئيس التركى عبد الله جول.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة