سعد هجرس

الشيطان.. شاطر!

الأربعاء، 04 أبريل 2012 03:49 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لأول وهلة يبدو قرار ترشيح جماعة الإخوان المسلمين، للمهندس خيرت الشاطر والدفع به إلى السباق الرئاسى قراراً «غبياً»، لكن جماعة الإخوان المسلمين ليست «غبية»، ولا «ساذجة» سياسياً، بل هى على العكس من ذلك تماما تتمتع بدرجة عالية من الدهاء والبرجماتية التى تصل إلى حدود المكيافيللية أو تتجاوزها فى كثير من الأحيان.

وإذن.. فإنه لابد أن تكون هناك اعتبارات قوية -من وجهة نظر «الجماعة»- أقوى من السلبيات التى تعلم الجماعة -قبل غيرها- أن قرار ترشيح خيرت الشاطر سيتسبب فيها، خاصة أن هذا القرار يضيف حلقة جديدة فى سلسلة طويلة جداً من نقض جماعة الإخوان المسلمين لوعودها التى قطعتها على نفسها، مما يزيد صورة «الإخوان» سوءًا على سوء، فما الذى دفع الإخوان إلى هذه الخطوة التى تبدو لأول وهلة فى غير صالحها؟!
هناك أكثر من تفسير وأكثر من سيناريو وبعضها متضارب. التفسير الأول: يرى أن «الجماعة» قررت -أخيرًا وبعد أخذ ورد- التصعيد مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وأنها تقوم -شيئا فشيئا- بفسخ «التحالف» أو «التفاهم» القائم بين الطرفين والذى كان يتلخص فى المعادلة الحاكمة للعلاقة بين الطرفين «البرلمان لكم والرئيس لنا»، وبعد أن كانت هذه المعادلة هى التى أفضت إلى تصريحات المرشد العام التى تؤكد أن الجماعة لن ترشح إخوانياً أو حتى إسلامياً، ثم أفضت إلى مفاوضات بين الجانبين حول منصور حسن كمرشح «توافقى»، عادت «الجماعة» لتتخلى عن منصور حسن -الذى أدلى بتصريحات مفعمة بالمرارة من سلوك الإخوان معه- ثم أقدمت على ترشيح الشاطر. وأصحاب هذا التفسير يبررونه بأن الإخوان خشوا من احتمالات التصعيد من الطرف الآخر والإقدام على حل البرلمان، وحل الجمعية التأسيسية المنوط بها كتابة الدستور، مما يحرمهم من أى موطئ قدم كسبوه فى العملية السياسية، خاصة بعد أن اصطدمت محاولاتهم -المتأخرة- لإسقاط حكومة الدكتور كمال الجنزورى بحائط الإعلان الدستورى ورفض المجلس العسكرى.

التفسير الثانى: يرى بالعكس أن خيرت الشاطر هو المرشح التوافقى للجماعة والمجلس العسكرى. ويدللون على ذلك بأن ترشيح الشاطر لم يكن ليحدث -قانونياً- لو لم يقم المشير محمد حسين طنطاوى برد اعتبار الشاطر والعفو عنه. والأهم أن لكل طرف من الطرفين مصلحة فى ترشيح الشاطر: من جانب الإخوان يمكن لهذا الترشيح ومع ما سيستتبعه من حملات دعائية إنقاذ «الجماعة» من عزلتها بسبب منهجها فى تشكيل «تأسيسية الدستور»، كما أن هذا القرار يمكن أن يعيد «الإخوان» إلى مقعد قيادة تيار الإسلام السياسى الذى احتله حازم صلاح أبوإسماعيل فى الفترة الأخيرة. ومع صعود نجم حازم أبوإسماعيل يمكن استنتاج صعود موازٍ لقلق دوائر دولية وإقليمية ومحلية ترى أن «الإخوان» أكثر براجماتية وأنهم سيكونون ملتزمين بالاتفاقات الدولية وفى مقدمتها اتفاقات كامب ديفيد.

وهذه النقطة الأخيرة تمثل نقطة توافق بين «الجماعة» و«المجلس»، النقطة الثانية هى أن تفتيت الأصوات الذى سيحدثه ترشيح الشاطر يمكن أن يصب فى صالح مرشح المجلس أو المرشح القريب -نسبياً- من المجلس، ناهيك عن أنه سيوقف قطار حازم أبوإسماعيل الذى يسير بسرعة متزايدة ودون فرامل.

وبصرف النظر عن اى من التفسيرين أقرب إلى الحقيقة، الصدام أو التوافق، فإن زلزال قرار ترشيح المهندس خيرت الشاطر يبعث برسالة ضمنية إلى المعسكر الثالث، معسكر القوى المدافعة عن مدنية الدولة، لأن تتوقف عن الشكوى من «تغول» الإسلاميين، وأن ترتفع إلى مستوى المسؤولية وتتحد خلف مرشح واحد.. وإلا فإنها تصبح شريكة فى الجريمة.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة