مصير العلاقات المصرية السعودية.. أزمة القاهرة والمملكة بين «لقمة العيش والكرامة»

الإثنين، 30 أبريل 2012 09:05 ص
مصير العلاقات المصرية السعودية.. أزمة القاهرة والمملكة بين «لقمة العيش والكرامة» الاحتجاجات امام السفارة السعودية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كتب محمود عسكر - مدحت وهبة - علام عبدالغفار - أشرف عزوز - نجلاء كمال - رباب فتحى - رحاب عبداللاه - مدحت عادل - مريم بدر الدين - ريم عبدالحميد - محمود محيى - محمد رشاد -

فجأة.. تحولت أزمة المحامى أحمد الجيزاوى المقبوض عليه فى السعودية أثناء توجهه لتأدية العمرة -بتهمة لم نتيقن من صحتها وهى حيازته مواد مخدرة- من قضية مواطن مصرى إلى أزمة تهدد بمستقبل العلاقات الدبلوماسية بين أكبر دولتين عربيتين إحداهما تباطأت فى الدفاع والسعى لحل مشكلة مواطنها وهى مصر، والثانية ترى أنها تطبق قوانينها وتمارس سيادتها وهى السعودية التى ترفض ما اعتبرته تعبيرا سافرا عن الرأى من قبل مصريين احتشدوا أمام سفارتها بالقاهرة ومن هنا اتخذت القضية مسارا ينذر بكوارث اقتصادية ودبلوماسية حال استمرارها.

وما بين الاتصالات المكثفة من قبل مرشحى الرئاسة والمجلس الأعلى للقوات المسلحة برئاسة المشير طنطاوى مع القيادة السياسية بالسعودية لحل أزمة المحامى وعودة السفير وفتح السفارة والقنصليات السعودية من جديد، يبقى تحسن الأوضاع مرهونا بوعود من الجانب السعودى، الأمر الذى يثير القلق لدى قطاعات عريضة فى المجتمع المصرى منها الوزارات المنظمة للحج، لأن بقاء هذا الوضع يهدد استخراج 100 ألف تأشيرة فضلا عن تهديد شركات العمالة المصرية بالشلل وحرمان المصريين من السفر للعمل بدول الخليج أو تمكن أقاربهم من زيارتهم بالسعودية، وذلك بسبب توقف تأشيرات الزيارات مع توقعات بخسائر تصل قيمتها إلى ملايين الجنيهات قد تصيب تجار تأشيرات العمرة والحج.

وفى وسط هذا الجو الضبابى يبقى الأمل مرهونا بالتاريخ الذى يؤكد أن العلاقات السعودية المصرية مهما واجهت من أزمات تبقى مستمرة وإن توترت أو توقفت بعض الوقت فإنها أبدا لم تمت.

◄سياسيون: الماضى كان أشد وطأة لكن العلاقة استمرت
◄الفقى يطالب بعدم الربط بين الجيزاوى والعمالة المصرية.. وشكرى: الدبلوماسية هى الحل


فجأة توترت العلاقات المصرية السعودية بعد قرار الرياض أمس الأول بغلق سفارتها بالقاهرة وقنصلياتها بالإسكندرية والسويس واستدعاء سفيرها أحمد عبدالعزيز قطان، على خلفية المظاهرات التى قام بها نشطاء أمام السفارة السعودية احتجاجا على إلقاء الأمن السعودى القبض على المحامى أحمد الجيزاوى واتهامه بحيازة عقاقير مخدرة، وهو توتر يعتبره الكثيرون غريبا على العلاقات بين البلدين التى شهدت طيلة السنوات الماضية حالة من الهدوء، بل التعاون فى قضايا إقليمية ودولية، لم يعكر صفوها التقارير التى تصدر بين الحين والآخر حول تعرض مصريين يعملون فى المملكة لاضطهاد على يد كفلاء سعوديين.

التوتر فى العلاقات بين البلدين رغم أنه جديد نسبيا وفقا لما وصفته وكالة «الأسوشيتيد برس» الأمريكية التى قالت إن هذا الصدع الدبلوماسى بين أكبر قوتين فى المنطقة يعد الأسوأ منذ عام 1979، لكن هناك محطات عديدة شهدت هبوطا فى مستوى العلاقات بين الرياض والقاهرة، بدأت فى عهد الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، بسبب الخلاف الذى حدث نتيجة حرب اليمن، ففى 26 سبتمبر 1962 أرسل عبدالناصر القوات المسلحة المصرية إلى اليمن لدعم الثورة اليمنية التى قامت على غرار الثورة المصرية، وأيدت السعودية الإمام اليمنى المخلوع، خوفا من امتداد الثورة إليها، وهو ما أدى إلى توتر العلاقات المصرية السعودية، إلى أن انتهت بالصلح بين ناصر والملك فيصل فى مؤتمر الخرطوم، بعد نكسة 1967 عندما ساهمت السعودية فى نقل الجيش المصرى من اليمن.

واستمرت فيما بعد العلاقات المستقرة بين البلدين خلال عهد عبدالناصر، وفى بداية عهد الرئيس أنور السادات وصلت العلاقات إلى أبهى صورها خاصة بعد الدور الذى قامت به السعودية خلال حرب أكتوبر، إلا أنه فيما بعد جاءت اتفاقية كامب ديفيد لتعصف بهذا الاستقرار بين البلدين، حيث قررت السعودية فى 23 إبريل 1979 قطع العلاقات الدبلوماسية مع مصر بعد توقيعها لـ«اتفاق سلام مع إسرائيل»، إلى أن أعيدت العلاقات مرة أخرى عام 1987.

وجاء فى قرار مجلس الوزراء السعودى لقطع العلاقات مع مصر عام 1979 «أنه نظرا لأن حكومة مصر العربية قد قبلت وعزمت على تبادل التمثيل الدبلوماسى مع العدو الصهيونى، وبدأت فى إنشاء علاقات طبيعية معه دون مراعاة الحد الأدنى من المطالب التى تتطلع الأمة العربية من خلالها إلى تحقيق السلام العادل والشامل، فإن المملكة السعودية قررت قطع العلاقات الدبلوماسية والسياسية مع جمهورية مصر العربية»، وهو القرار الذى واجهه السادات بشن هجوم على حكام السعودية، مؤكدا أن موقف السعودية من حملة قطع العلاقات يعود إلى الاحتجاج على أمريكا، لأنها تخلت عن شاه إيران ويمكن أن تتخلى عنهم، وإثبات زعامة لا يستطيعون تحمل مسؤولياتها أمام العالم العربى.

ومنذ أن عادت العلاقات مرة أخرى بين القاهرة والرياض عام 1987 لم تشهد أى توتر على الأقل علنيا، خاصة أنه فى الغرف المغلقة كانت تثار مجموعة من الخلافات المتعلقة بإدارة عدد من الملفات الإقليمية إلى أن حدث تطابق فعلى بين البلدين مؤخرا فى الملفين السورى واللبنانى، بالإضافة إلى أن البلدين تقاسما المخاوف من النفوذ الإيرانى فى المنطقة.

ورغم أن التوترات بين البلدين فى الماضى كانت أشد وطأة من التوتر الحالى، ووصلت إلى درجة قطع العلاقات الدبلوماسية، لكن وضع العمالة المصرية فى المملكة لم يتأثر، الأمر الذى يختلف عن الوضع الراهن، مع وجود تخوفات من أن تنعكس أزمة الجيزاوى على مصير أكثر من مليونى مصرى يعملون فى السعودية، وهو ما دعا المفكر السياسى الدكتور مصطفى الفقى ليقول: «إنه يجب عدم الخلط بين قضية أحمد الجيزاوى ووضع المصريين هناك، خاصة أن أكثر من مليون مصرى يعملون ويعيشون هناك منذ سنوات لا يشكون من أى شىء، وبالتالى فإن عملية التعميم والإثارة والتحريض التى حدثت لم تكن صحيحة أو مطلوبة على الإطلاق».

الفقى وصف القرار الذى اتخذته السعودية بإغلاق سفارتها فى مصر وسحب السفير بأنه مؤسف ويعبر عن حالة من حالات التصعيد من الجانب السعودى، ودعا إلى تهدئة الأوضاع والحفاظ على العلاقات بين البلدين، خاصة أن لدينا ما يتجاوز مليون مصرى فى السعودية، مستبعدا تماما أن يتم اتخاذ أى إجراءات ضد المصريين الموجودين فى السعودية الآن، معربا عن أمله فى حكمة البلدين وقياداتهما فى احتواء الموقف لأن العلاقات المصرية السعودية حساسة بطبيعتها وتطورت بشكل إيجابى خلال السنوات الماضية، ويجب أن نحافظ على ذلك، مشددا على احترام أى قرار يصدر من القضاء السعودى فى أزمة الجيزاوى، مشيرا إلى ضرورة تقدير مؤسسات القضاء بكلا البلدين وعدم اللجوء إلى التراشق الإعلامى فى الفضائيات والذى أدى من وجهة نظره إلى تصعيد الأمر إلى هذا الحد السيئ الآن.

ومن جانبه، وصف السفير محمود شكرى مساعد وزير الخارجية السابق القرار الذى اتخذته السعودية بأنه قرار سياسى مؤسف ضد المظاهرات التى تعتبر نوعا من الاحتجاج الشعبى، لافتا إلى أنهم اتخذوا هذا الإجراء كنوع من الحماية والتأمين لسفارتهم الموجودة فى مصر خاصة فى ظل حدة المظاهرات التى نظمت ضدهم والألفاظ التى تم استخدامها، واعتبر أن بها تجاوزا ضد الذات الملكية السعودية.

وقال شكرى إنه لا يفضل تماما التصعيد من الجانب المصرى الآن، لافتا إلى أنه يجب أن يتم اللجوء للحل الدبلوماسى بشكل رئيسى وبالنسبة لقضية الجيزاوى لا يوجد أمامنا سوى التعامل القضائى معها حتى لا نزيد من حدة التوتر، مطالبا بأن يتم تأمين السفارة بشكل جيد جدا ضد أى احتجاجات شعبية ومظاهرات تحدث فى مصر ضد السعودية.

من جهته أكد سيد قاسم المصرى، سفير مصر الأسبق فى السعودية، أهمية العلاقات المصرية السعودية بالنسبة للأمة العريية، وقال إن العلاقات المصرية السعودية هى «ترمومتر العلاقات العربية»، مشيرا إلى أن المؤسس الأول للمملكة العربية السعودية، الملك عبدالعزيز آل سعود، الذى كان يوصى دائما أبناءه بالعلاقات مع مصر، معربا عن أمله فى أن يكون هذا الموقف «سحابة صيف لأن العالم العربى وفى مثل هذه الظروف البالغة الحساسية لا يتحمل مثل هذا الموقف فى العلاقات بين السعودية ومصر»، على حد تعبيره.

فيما أكد السفير على العشرى، قنصل مصر لدى الرياض، أن العلاقات بين القاهرة والرياض مستمرة ولا يوجد أى نوع من أنواع التوتر بالرغم من قرار المملكة سحب سفيرها لدى القاهرة .

◄إغلاق السفارة يربك عمل الوزارات المنظمة للحج

فى الوقت الذى تتابع فيه الوزارات المنظمة للحج هذا العام وهى الداخلية والسياحة والتأمينات والشؤون الاجتماعية تلقى طلبات حج الجمعيات الأهلية من الراغبين فى الحصول على تأشيرات الحج، أغلقت السلطات السعودية سفاراتها بالقاهرة، وقنصلياتها بالإسكندرية والسويس، الأمر الذى خلق أزمة داخل هذه الوزرات، خاصة أنها بصدد إرسال تسجيل بيانات الراغبين فى الحج على الحاسب الآلى وإعلان الأسماء الفائزة تمهيدا لإرسالها إلى السفارة السعودية واستخراج التأشيرات فى الفترة المقبلة.

القرار السعودى سبب ارتباكا فى جميع الهيئات والمؤسسات التى لها مصالح مع السفارة مثل وزارة التأمينات والشؤون الاجتماعية المنوط بها تنظيم حج الجمعيات الأهلية من خلال المؤسسة القومية لتيسير أعمال الحج والعمرة لعدد 12ألفا و500 حاجة، وكذلك وزارة السياحة التى تنظم رحلة الحج لـ 30 ألف مواطن إضافة إلى تنظيم رحلات العمرة بواسطة الشركات السياحية.

كما سبب القرار ارتباكا لدى وزارة الداخلية التى تساهم فى تنظيم الحج لـ 30 ألف حاج من خلال القرعة فى مختلف المحافظات، إضافة إلى أكثر من 20 ألف تأشيرة يحصل عليها المصريون من السفارة بشكل فردى سنويا بعيدا عن التأشيرات الرسمية المخصصة لمصر.

وأكد مصدر مسؤول بوزارة التأمينات، أن تلقى طلبات الراغبين فى الحصول على تأشيرات الحج تتم بشكل طبيعى حتى الآن، خاصة أنه لم يتم الإعلان عما ستفعله السلطات السعودية، غرفة السياحة خاطبت الشركات السياحية التى تنظم رحلات الحج والعمرة بإخطارها بالمشاكل التى تواجهها لاتخاذ قرار بشأنها.

◄المستشار القانونى للسفارة السعودية: الخارجية المصرية أدارت أزمة الجيزاوى بشكل سي

أرجع المستشار سامى جمال الدين، المستشار القانونى للسفارة السعودية، استدعاء سفير السعودية بالقاهرة إلى الحملة الإعلامية ضد المملكة وسفيرها، موضحًا أن الرياض التزمت بضبط النفس، كما أنها ترفض إهانة أى مصرى على الأراضى السعودية.

وأكد جمال الدين، أن محمد كمال عمرو، وزير الخارجية، حقق مع السفير المصرى فى السعودية، لأنه قال فى تصريحات صحفية إن الجيزاوى كان يحمل مواد مخدرة. لافتا فى حواره لبرنامج «مصر تقرر» إلى أن هناك سوء إدارة لأزمة المحامى المصرى أحمد الجيزاوى، من قبل وزارة الخارجية المصرية، التى كان يجب أن تضع الشعب المصرى أمام الصورة الحقيقية للأزمة. من ناحية أخرى، قال مصطفى بكرى، عضو مجلس الشعب، خلال مداخلة هاتفية مع البرنامج ذاته، إن الأحزاب المصرية أصدرت بيانا مشتركا، طالبت خلاله العاهل السعودى بإعادة العلاقات بين مصر والسعودية، بعد قرار سحب السفير وإغلاق السفارة والقنصليتين فى الإسكندرية والسويس.

◄شركات العمالة المصرية: «الوضع ينذر بخراب بيوتنا».. و940 شركة مهددة بانخفاض أسعارها لامتلاكها كودا سريّا سعوديّا
◄الأزمة توقف التأشيرات لدول الخليج وتضاعف نسبة البطالة وتضعف الاقتصاد

توقع عدد من القائمين على شركات إيفاد العمالة المصرية إلى السعودية وأخرى تنظم رحلات الحج والعمرة إصابتهم بخسائر فادحة حال استمرار توتر العلاقات المصرية السعودية، لافتين إلى أن هذه الخسائر تطال نحو 940 شركة عمالة %90 منها يعمل فى إيفاد المصريين للسعودية ودول الخليج للعمل وأداء العمرة والحج.

وأوضح مسؤولو هذه الشركات أن أبرز الخسائر تتمثل فى حرمان العمال من العمل فى السعودية وبعض دول الخليج، ذلك أن السعودية هى ممر المصريين إلى هذه الدول كما يتسبب استمرار غلق القنصليات والسفارة فى توقف التأشيرات، ما يعنى أن قرابة مليون و500 ألف من العمالة المصرية بالسعودية سيتم حرمانهم من الحصول على تأشيرات لزيارات أقاربهم فى القاهرة وقت الإجازات، كما أن الأسر لن تستطيع زيارة العاملين فى المملكة، بل والأخطر يتمثل فى أن العمال المتواجدين فى مصر خلال هذه الفترة لن يتم تمديد عملهم بالسعودية بسبب غياب التأشيرات التى تعيدهم إلى أعمالهم، ما سيضيع عليهم تكاليف العقود ورواتب متوقعة يحصلون عليها من شركات يعملون فيها بالسعودية.

كما تتضمن خسائر أصحاب شركات العمالة انخفاض أسعارها فى سوق المال فالشركة التى يقدر ثمنها بـ600 ألف جنيه لامتلاكها كودا سريا سعوديا تعمل به فى التأشيرات تفقد ثلثى قيمتها السوقية عند توقف العمل بالقنصليات السعودية.

وعن خسائر العاملين قال عادل حنفى أحد المصريين بالرياض، إن استمرار الأزمة يؤدى إلى مزيد من الخسائر المالية والمعنوية للمصريين فى المملكة الذين يتجاوز عددهم مليونا و500 ألف عامل بمختلف المجالات.

ومن الخسائر المتوقعة حيال استمرار هذا الوضع قال حنفى إن من بينها تشتت الأسر المصرية لعدم حصولها على تأشيرات زيارة بسبب توقف عمل القنصليات والسفارات خلال فترة الغلق، ما يعنى عدم حصول هذه الأسر على تأشيرات زيارة لأبنائهم فى الرياض، إضافة إلى عدم تمديد تأشيرات العمل المنتهية خلال تواجد العمالة المصرية بالرياض فى القاهرة.

وأشار حنفى إلى أن الأمر لن يقتصر على هذا الحد، بل تمتد خطورته على العمالة المتجهة لدول الخليج، فالمصرى الذى يرغب فى العمل بالكويت والإمارات وغيرها من دول الخليج، لابد له من المرور على السعودية، ومع استمرار الوضع سيتوقف ذلك الأمر، لافتا إلى أن العمالة المصرية الملتزمة بالرياض لن يصيبها خطر كبير أو ضرر اقتصادى فى الوقت الحالى لكن الطورة ستكون فى تطور الأحداث فيما بعد.

وتوقع محمد أحمد أحد العاملين بشركة توظيف عمالة فى الخارج بحى الدقى إصابة 940 شركة «تسفير» فى مصر يعمل منها %90 منها فى إيفاد العمال إلى دول الخليج وأداء مناسك الحج والعمرة بالضرر، ما يؤثر سلبا على أكثر من 10 آلاف مصرى يعملون بها فى الداخل، فضلا عن تضرر الراغبين من خلالها فى السفر للعمل بدول الخليج.

◄حقوقيون يضعون خارطة طريق لإنهاء أزمة «الجيزاوى» والمعتقلين بالسعودية
◄وفد مصرى للدفاع عنهم - السماح بزيارتهم بالسجون - إلغاء نظام الكفيل

عدد من التصورات والحلول يراها حقوقيون ضرورة لتجاوز الأزمة التى أصابت العلاقات المصرية السعودية على خلفية احتجاز المحامى أحمد الجيزاوى تمحورت فى عدد من النقاط، أبرزها زيارة وفد من المحامين للدفاع أمام القضاء السعودى عن الجيزاوى وغيره من المعتقلين المصريين فى سجون المملكة مع سماح السلطات هناك بزيارتهم والتعرف على أحوالهم ودفوعهم وحضور ممثلين من وزارة العدل المصرية للتحقيقات التى تجرى مع الجيزاوى وغيره، بل وصلت المطالب إلى حد إلغاء نظام الكفيل وغير ذلك من الأمور التى اعتبرها الحقوقيون كفيلة للحفاظ على كرامة المصريين فى الخارج بعد ثورة يناير العظيمة.

ويقول المحامى محمد زارع، رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائى، إن أزمة أحمد الجيزاوى تعكس معاناة الشعب المصرى من الأنظمة العربية بشكل عام، ومعاناة العمالة المصرية فى السعودية من نظام الكفيل بشكل خاص مبديًا انزعاجه من سوء الأوضاع التى يعيشها المصريون بالخارج والظلم الواقع عليهم. وأوضح زارع أن حل أزمة الجيزاوى يكمن فى الشفافية والعلانية أثناء محاكمته وإرسال وفد مصرى للدفاع عنه والسماح لمبعوثين من وزارة العدل بحضور التحقيقات وتحديد ملابسات الحادث وحقيقة المواد المخدرة التى كان يحوزها، وأن يكون التحقيق جديّا وشفافًا مع بيان الحقيقة للشعب المصرى، مؤكدًا أن هذه الخطوات تمتص الغضب الشعبى، ولا تمس فى الوقت ذاته السيادة السعودية.

وحول تأثير أزمة الجيزاوى استبعد زارع تسببها فى قطيعة بين الشعبين، خاصة أن العلاقات بين البلدين استراتيجية باعتبارهما أهم دولتين تقودان الوطن العربى، وأكد حاجة هذه العلاقات المصرية إلى إعادة صياغة، مشيرًا إلى أن النظام السابق كان لا ينتصر للمصريين واصفًا أداء سفارتنا فى السعودية بالهزيل، ولا يخدم المواطنين. ومن جانبه شن الحقوقى نجاد البرعى هجومًا على السياسات المصرية فى التعامل مع أزمة الجيزاوى، مطالبًا بإستدعاء سفيرنا للتشاور. واتهم البرعى السفارة المصرية بالسعودية باحتقار المصريين، مطالباً بإعلان أسماء المعتقلين والسماح بزيارتهم فى السجون مع المراقبة الدولية للمحاكمات لضمان الشفافية والنزاهة. وقال حجاج نايل، رئيس البرنامج العربى لنشطاء حقوق الإنسان، إن المواطن المصرى بالخارج يعانى من نتاج 30 سنة من حكم المخلوع مبارك انهارت خلالها كرامة المواطن، مطالبًا بوقفة صارمة مع كل البلاد التى تنتهك حقوق المصريين، وخاصة دول الخليج. وأوضح نايل أن حل أزمة الجيزاوى والمعتقلين المصريين فى السعودية يكمن فى الإفراج عنهم وتوضيح أسباب محاكمة الجيزاوى والكشف عن شريط القبض عليه بالمطار وتعديل التشريعات الداخلية لضمان حقوق العمالة المصرية بالخارج وإلغاء نظام الكفيل واحترام حقوق المصرى بالخارج.

◄البرعى: السعودية لا يمكنها الاستغناء عن العمالة المصرية
◄رئيس اتحاد العمال يحذر من استبدال المصريين بالآسيويين.. ويطالب بسرعة حل الأزمة دبلوماسيّا

أكد الدكتور أحمد البرعى، وزير القوى العاملة السابق، أن قرار المملكة العربية السعودية سحب سفيرها من القاهرة لن يؤثر على العمالة المصرية الموجودة بالمملكة والتى يزيد عددها على 2 مليون، مؤكدًا أنه يصعب الاستغناء عن هذا الكم الكبير من العمال فى الوقت الحالى.

واستبعد البرعى فى تصريحات خاصة لـ «اليوم السابع» استبدال الحكومة السعودية العمالة المصرية بالآسيوية بعد هذه الأزمة، موضحًا أنه رغم انخفاض أجور ورواتب العمالة الآسيوية فإن السعوديين ومواطنى الخليج يميلون إلى استقدام العمالة المصرية، نظرًا للتقارب فى العادات والتقاليد واللغة.

وهدد البرعى، الذى يشغل حاليّا منصب خبير فى منظمة العمل الدولية، بأنه فى حال وجود ضرر لأى عمالة مصرية أو مساس بكرامة أى مواطن فى الأراضى السعودية فإنهم سيقيمون دعاوى أمام محكمة العدل الدولية، مضيفًا أن الدفاع عن كرامة المصريين بعد الثورة أصبح واجبًا وفرضًا على الوطن والمواطنين، ولن نقبل بأى إهانة لأى مصرى فى الخارج.

وأوضح البرعى أن الكثير من المصالح السعودية موجودة فى الأراضى المصرية، والحكومة السعودية تخشى أن تتأثر أو تضار فى حال المساس بالعمالة أو المصالح المصرية لديها.

من جانبه حذر الدكتور أحمد عبدالظاهر، رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر من خطورة قرار الحكومة السعودية سحب السفير، وأكد أن هذا القرار سيكون له أثر سلبى على تواجد العمالة المصرية فى المجالات المختلفة هناك، ومن الممكن تأثر رجال الأعمال السعوديين بتظاهر المصريين أمام سفارتهم وإهانتهم الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ومن ثم يستغنون عن العمال ويستبدلونهم بعمال آخرين مثل الآسيويين. وطالب رئيس اتحاد العمال وزارة الخارجية والمجلس العسكرى بسرعة التحرك لحل الأزمة حفاظًا على العمال فى الأراضى السعودية، موضحًا أن الدبلوماسية هى الطريق الوحيد لحل الأزمة، ملقيًا باللوم على وزارة الخارجية لتأخرها فى معالجة الأزمة حتى تفاقمت ووصلت إلى ما وصلت إليه.

◄15 مليار جنيه خسائر الاستثمارات السعودية إذا تدهورت الأوضاع السياسية
◄6 مليارات تحويلات المصريين من المملكة فى 3 شهور.. و5 مليارات فى قطاع الكيماويات.. و4 مليارات صادرات

حذر عدد من رجال الأعمال وخبراء الاقتصاد من تعرض 5 ملايين أسرة لآثار سلبية، واستثمارات تقدر بـ 15 مليار جنيه لخسائر فادحة إذا ما تدهورت الأوضاع السياسية بين مصر والسعودية، ويقدر حجم التبادل التجارى بين البلدين فى قطاع الكيماويات بـ5 مليارات جنيه، بالإضافة إلى 6 مليارات جنيه تحويلات المصريين خلال 3 شهور فقط، و4 مليارات صادرات مصرية من الخضروات والفاكهة.

يحيى زلط، رئيس غرفة صناعة الجلود وعضو المجلس التصديرى للجلود، قال إن حالة الاضطراب فى العلاقات بين البلدين ستؤثر سلبا على معدلات حجم التبادل التجارى بين البلدين، لافتا إلى أن حجم العمالة فى السعودية يبلغ مليونى عامل يستفيد منهم ما يقرب من 5 ملايين أسرة مصرية ستتأثر سلبا من قطع العلاقات الاقتصادية والسياسية مع السعودية، مشيرا إلى أن حجم التبادل التجارى بين البلدين ارتفع خلال 2011 رغم ظروف مصر السياسية.

وأضاف عضو المجلس التصديرى للجلود أن حجم صادرات منتجات الجلود إلى السعودية تقدر بـ100 مليون جنيه سنويا، لافتا إلى أن الوضع الحالى فى مصر لا يتحمل مثل هذه المواقف.

ومن جانبه قال مسؤول مصرفى رفيع إن مصر تلقت نحو مليار دولار من تحويلات المصريين العاملين بالمملكة العربية السعودية خلال الفترة من أكتوبر إلى ديسمبر 2011، تمثل 50% من تحويلات المصريين بالخارج، تشكل الجالية المصرية فى السعودية أكثر من نصفها، مشيرا إلى أن سرعة تدارك الأزمة الحالية بين مصر والسعودية التى أدت إلى سحب سفير الرياض لدى القاهرة، وتجاوز المواقف الانفعالية الشعبية والرسمية سوف يعمل على امتصاص التداعيات السلبية على الاقتصاد، موضحا أن حادثة أحمد الجيزاوى حادثة فردية، وسوف تظهر نتائج التحقيقات حقيقتها.

أما المهندس محمود نظيم، وكيل وزارة البترول، فقال إن الشركات المصرية العاملة فى مجال البترول فى السعودية ستكون أول الخاسرين إذا تدهورت الأوضاع السياسية بين البلدين، لكنه يصف تلك الأزمة بأنها سحابة صيف عابرة، لأن ما يربط بين الدولتين والشعبين أقوى وأعمق من أن يؤثر فيه مثل هذه الخلافات البسيطة، لافتا إلى أن الاستثمارات السعودية فى قطاع البترول قد تكون محدودة حيث تمتلك أرامكو السعودية 15% من شركة سوميد لأنابيب البترول.

وقال نظيم إننا لدينا بعض الشركات التى تعمل بالسعودية ولم تجد أية عقبات هناك، مثل شركة «إنبى» التى تواصل عملها هناك.

قال الدكتور وليد هلال، رئيس المجلس التصدير للصناعات الكيماوية وعضو بمجلس الأعمال المصرى السعودى، إن حجم التبادل التجارى بين مصر والسعودية يصل إلى أكثر من 5 مليارات جنيه فى الصناعات الكيماوية والأسمدة، مستبعدا أن تتأثر تلك الأعمال بالأزمة.
وقال السفير جمال الدين بيومى، رئيس برنامج دعم المشاركة المصرية الأوروبية بوزارة التعاون الدولى، لن يؤثر هذا الحادث الفردى بأى شكل من الأشكال على البلدين، وذلك لأن السعودية تعرف قيمة مصر فى المنطقة فعندما تدعم مصر اقتصاديا فهى على ثقة بأنها فى صالح الطرفين وليس فى صالح مصر فقط.

وأوضح أن الأزمة سيتم احتواؤها خلال أيام أو أسابيع على أقصى تقدير، والدليل على ذلك الاتصال الذى تم بين المشير حسين طنطاوى والعاهل السعودى عبدالله بن عبدالعزيز لاحتواء الموقف.

ومن جانب آخر، قال مصدر مسؤول بوزارة المالية: «نأمل ألا يؤثر هذا الحادث على العلاقات الاقتصادية الكبيرة بين البلدين الصديقتين لأن هناك حزمة مساعدات مرتقبة من السعودية من المنتظر البدء فى تقديمها أول مايو المقبل على أقصى تقدير، وتتضمن قرضا بقيمة 500 مليون دولار، ومليار دولار وديعة، فضلا على 750 مليون دولار فى السندات والأذون الحكومية. موضحا أن هذا القرض من المنتظر أن يساعد بشكل كبير فى تغطية العجز الحادث حاليا فى الاحتياطى النقدى لمصر، مضيفا أن قد تم توقيع اتفاق إطارى بقيمة هذا القرض بين الحكومة المصرية ممثلة فى فايزة أبوالنجا، وزيرة التخطيط والتعاون الدولى، وإبراهيم العساف، وزير مالية المملكة العربية السعودية، رئيس مجلس إدارة الصندوق السعودى للتنمية، وذلك على هامش أعمال الاجتماعات السنوية المشتركة لصناديق وهيئات التمويل العربية التى انعقدت فى مراكش بالمغرب.

قال محسن عادل، نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار، إن مستقبل البورصة المصرية خاصة خلال الأشهر القليلة القادمة سوف يظل مرهونا بأداء المستثمرين المحليين من أفراد وبنوك وصناديق ورغبة هذه الأطراف فى مساندة السوق ودعمها حتى تجتاز هذه الفترة، مشيرا إلى أن دعم الأطراف المحلية للسوق يعطى رسالة ثقة للمستثمرين العرب بأن الأمور تمضى إلى الأفضل، وبالتالى لا داعى للخروج من هذه السوق الواعدة، موضحا أن السيولة العربية المستهدفة خلال هذه الفترة لن تكون ضخمة داخل السوق، بل إن ارتفاع نسب تداولات العرب السوقية أحيانا يرجع فى الأساس إلى تراجع قيم وأحجام التداولات، وهو أمر طبيعى فى إطار سياسة «الحذر الاستثمارى» التى ينتهجها المتداولون العرب خلال هذا العام.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة