تعليقًا على الآراء الداعية للحد من تعليم اللغات الأجنبية فى مصر، والتى ظهرت فى الآونة الأخيرة، أكدت السفيرة نائلة جبر، رئيس اللجنة الوطنية الفرانكوفونية على أن اللغة تعد من أقوى أدوات الاتصال لنشر المعرفة، وأنها لا تؤثر على الخصوصيات الحضارية والدينية، كما أنها تساعد على توصيل رؤية ورسالة الشعوب، وتوطيد العلاقات.
وأضافت أن الفرانكوفونية تعد مدخلاً لإفريقيا، مؤكدة أن الأزهر الشريف يعد من أولى المؤسسات التى أدركت قيمة الفرانكوفونية وأهميتها فى تعزيز دوره فى أفريقيا.
وأوضحت أن مصر يوجد بها 30 ألف شخص يتحدث اللغة الفرنسية، بالإضافة إلى وجود عدد كبير من الاتفاقيات والمبادرات لنشر الفرنسية مع عدد كبير من المؤسسات فى القاهرة والإسكندرية، والتى تهدف إلى نشر الفرنسية والتنوع الثقافى.
وأشارت إلى أن الجامعة الدولية الفرنسية للتنمية الإفريقية "جامعة سنجور"، ومقرها مدينة الإسكندرية، تلعب دورًا كبيرًا فى هذا الإطار، وأضافت أن محافظة الإسكندرية بصدد توسيع وتدعيم الجامعة لخدمة متطلبات الدارسين والأساتذة الذين تستقبلهم الجامعة من البلاد الناطقة باللغة الفرنسية والمهتمين بقضايا القارة الإفريقية.
وأشادت بدور المكتبة الفرانكوفونية بمكتبة الإسكندرية فى إتاحة ونشر المعرفة باللغة الفرنسية، وذلك من خلال مجموعة تضم 500 ألف كتاب باللغة الفرنسية فى مختلف التخصصات العلمية.
جاء ذلك خلال افتتاح حلقة نقاشية بعنوان "حقك فى إتاحة المعرفة"، والتى تنظمها المكتبة الفرانكوفونية بمكتبة الإسكندرية صباح اليوم ، بالاشتراك مع "مبادرة إتاحة المعرفة" بإدارة الشئون القانونية، وذلك يومى الأحد والاثنين 29 و30 إبريل، فى إطار الاحتفال باليوم العالمى للكتاب وحقوق المؤلف، واليوم العالمى للملكية الفكرية.
حيث تناولت الحلقة النقاشية إتاحة المعرفة والحق فى الحصول على المعرفة، فى إطار عدد من المحاور مثل نظام الملكية الفكرية وحقوق الكاتب وانتشار المعرفة على الانترنت، ودور المكتبات فى إتاحة المعرفة.
وافتتح الحلقة كل من الدكتور أسامة الفولي؛ محافظ الإسكندرية، والسفيرة نائلة جبر، رئيس اللجنة الوطنية الفرانكوفونية، والدكتورة نازلى فريد، مدير إدارة المكتبة الفرانكوفونية بمكتبة الإسكندرية، وهالة السلماوي؛ المحامية ومسئولة الملكية الفكرية.
من جانبه، أعرب الدكتور أسامة الفولى عن اعتزازه بالدور الذى تقوم به مكتبة الإسكندرية لنشر المعرفة فى المجالات المختلفة، معتبرها مجموعة من المؤسسات وليست مكتبة بالمفهوم المعروف للناس.
وتحدث عن تجربته فى الدراسة بفرنسا وتأثير مبادئ وقيم الفرانكوفونية على حياته العلمية والشخصية، مؤكدًا أن الفرانكوفونية تساعد على تعليم الممارسة الحقيقية للحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وتأسيس الفكر الحر.
وأكد أن الحق فى إتاحة المعرفة يرتبط ارتباط وثيق بمشروع الإسكندرية، والذى يقوم على إقامة بناء معاصر يحافظ على تراث عريق من خلال عملية تنمية مستدامة حقيقية، يحصل فيها كل إنسان على كافة حقوقه فى كرامة، ومن أهمها حق الحصول على المعرفة.
واقترح أن تقوم الحلقة النقاشية بمناقشة كيفية ضمان إتاحة المعرفة بكل الطرق الممكنة، خاصة فى الدول النامية، وذلك لوجود علاقة قوية بين تطوير التعليم وإتاحة المعرفة. وأكد على أهمية إتاحة الكتاب بشكل أكثر اتساعاً وأكثر وصولاً للشباب، خاصة فى ظل الظروف الاقتصادية التى تجعل من الوصول للمعرفة أمرًا صعبًا.
وأشاد فى هذا الإطار بمشروع "إعادة إصدار كتب التراث فى الفكر النهضوى الإسلامي" الذى تقوم به مكتبة الإسكندرية، والذى يهدف إلى تقديم مختارات من تراث هذا الفكر، والتعريف بأهم كتابات التجديد والنهضة وأعلامها فى القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين ـ التاسع عشر والعشرين الميلاديين.
من جانبها، تحدثت الدكتورة نازلى فريد عن الجانب الإنسانى للمعرفة، مبينة أن هناك جهات تمتلك المعرفة وجهات أخرى تحاول الوصول إليها، وأن بعض الجهات لا تقوم بتوصيل المعرفة بالشكل المطلوب.
وأشارت إلى أن المكتبات الرقمية قدمت مساهمة فعالة فى إتاحة المعرفة لعدد هائل من الأشخاص فى الوقت ذاته، إلا أن الوصول إلى المعرفة يصطدم بعدد من الأفكار، ومنها حرية التعبير فى مقابل إشكاليات الملكية الفكرية والمشاركة فى الإعلام العام.
وقالت إن وسطاء نقل المعرفة، ومنهم المكتبيين، عليهم التفرقة بين ما هو ظاهر وما هو باطن، ومعرفة إذا كانوا قادرين فعلاً على نقل المعرفة أم أنه مجرد اعتقاد بأن المعرفة تصل بالفعل للجمهور.
وشددت على أهمية تبسيط أدوات توصيل المعرفة للجمهور، والابتعاد عن كل الوسائل المعقدة لضمان وصول المعرفة للجمهور. وأكدت على أهمية أن يكون هناك توازن وتنسيق بين ما يطلبه الجمهور وما يتم عرضه عليهم من خلال جهات إتاحة المعرفة، كالمكتبات.
وفى كلمتها، تحدثت هالة السلماوى عن الملكية الفكرية، مبينة أنها أداة قانونية ظهرت لتقديم حقوق استئثارية لممولى المشروعات والابتكارات، وذلك لمدة محددة، مع وجود عدد من الاستثناءات لإحداث التوازن. وأضافت أن العصر الرقمى كان من المفترض أن يقدم حرية أكبر فى إتاحة المعرفة، إلا أن الوعاء الرقمى يتعرض لعدد من القوانين التى تحول دون نشره.
وأشارت إلى وجود مجموعة من الحلول التى تساعد على إتاحة المعرفة بشكل قانونى، منها: التوسع فى الاستثناءات لصالح التعلم والبحث ونشر المعرفة، والاعتماد على أرشيف الإبداع المؤسسي، ووضح نصوص دستورية لدعم الحقوق الأساسية.
يذكر أن الحلقة تأتى استكمالاً للفعاليات التى تقوم بها مكتبة الإسكندرية من أجل زيادة الوعى بحق الإنسان فى الحصول على المعرفة، حيث قدمت المكتبة العديد من الفعاليات التى تهدف إلى نشر فلسفة إتاحة المعرفة وتنمية مهارات الباحثين والمكتبيين حتى يتسنى لهم استخدام أدوات وأساليب جديدة. ويعد هذا الحدث فرصة للفرنكوفونية يمكن من خلالها تسليط الضوء على كل ما قامت به فى هذا المجال من خلال قيم التعددية اللغوية والتنوع الثقافى التى تدعو لها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة