فى إحدى قاعات الدرس التى يفترض فيها العراقة، أطل علينا أحد أرباب الفلول ليفرض ذاته مدرسا لإحدى مواد الدراسات العليا بأكاديمية الفنون، بالطبع لا نتعرض هنا لشخصه أو طبيعته الفلية ولكن محل النقاش الحقيقى وساحة الخلافات هى الأفكار وليس الأشخاص.
فى مثل هذه القاعات المخصصة للعلم الموضوعى تبث أفكارا مسمومة تأمل الأفاعى التى تحملها أن ينخدع بها بعض فاقدى بوصلة وعيهم، ففى معرض انتقاده لصعود حركات الإسلام السياسى إلى المنابر السيادية فى الدولة متجهين نحو سدة الحكم، قال: "كيف لمجتمع مـر فى آخر سنواته بـ 52 سنة تنوير أن يختار تلك القوى الظلامية؟"
بالطبع أنا لا أختلف مع هذه المقولة فى وصفها لحركات الإسلام السياسى بـ:"الظلامية"، فبالفعل تحمل هذه الحركات أفكارا فى سوادها الأعظم ظلامية، ولكن ما أختلف معه – بل ويحتم على الواجب الوطنى أن أتصدى له – هو ما يهدف هذا السؤال الفلى إلى تمريره فى ثنايا الانتقاد المشترك لفكر حركات الإسلام السياسى. فهل يصح وصف الثلاثين سنة الأخيرة – وهى سنوات استبداد المخلوع – بأنها سنوات تنويرية؟!
قد لا يختلف كثيرون على أن الستينيات شهدت نهضة ثقافية حقيقية، ولكن ما الذى شهدته الثلاثين سنة الأخيرة؟ ألم تكن تجلى فج لتقويض دعائم البنية الثقافية المصرية، ألم يبدأ هذا التقويض منذ سبعينيات القرن العشرين حين فتح النظام الباب على مصراعيه لتلك القوى الظلامية فى توجيهه لضربة عمدية للمثقفين المصريين، وحين ارتمى فى أحضان الرأسمالية الغربية؟ وإن كنت لا أرفض الرأسمالية جملة ولا أقبل الاشتراكية جملة.
إن بعض من كانوا يديرون مقدرات المؤسسات الثقافية المصرية فى عهد المخلوع يعتقدون أو يريدون منا أن نعتقد أنهم كانوا يفعلون أمرا جلل. وهم قليليون مقارنة بعدد ما كانوا يتقلدونه من مناصب مزعومة. فالواحد منهم كان يستأمنه النظام على إدارة أكثر من خمس مؤسسات. وبالطبع كانت إدارة أمنية فى المقام الأول والأخير، تتنصل من أى إستراتيجية حقيقية لنهضة ثقافية مفتقدة.
ومن ثم، أسفر المشروع الثقافى لمثل هؤلاء عن مجموعة من الشظايا الثقافية المتناثرة التى تساير أحدث الموضات العالمية، متشدقة بأقوال رنانة لتسويق منتجاتهم المزيفة. كانت الفاعليات الثقافية فاعليات نخبوية منفصلة فصلا حادا ليس عن ثقافة المواطن وحسب، بل عن المواطن ذاته. كان لا يدرك غالبية مرتادى هذه الفاعليات هذا الانفصال المأساوى فى خضم ما ينهال عليهم من مقولات عليا تبرر ما يحدث وتؤصل له، حيث كانت تصدر ممَن كانوا يديرون تلك الفاعليات مستهدفين تقويض الدعائم الرئيسية لثقافة الشارع المصرى.
فأين كان التنوير؟! هل يريد منا مدعو التنوير الترحم على أيام مبارك على المستوى الثقافى بالتوازى مع ما يحدث على المستوى الاقتصادى والأمنى؟ أم يريدون منا تقبل البراءة المرتقبة لمبارك بوصفه رائد النهضة الحديثة؟ فلينعم مبارك بحريته إذن، وليسجن بدلا منه رفاعة الطهطاوى بتهم قتل آلاف المتظاهرين والفساد الثقافى والسياسى والمالى والاقتصادى والاجتماعى. وبالطبع سيشارك رفاعة بك زنزانته بعض الإيرانيين وناشطى حركة حماس وشبكات البلاك وول. وسيحطم تمثال رفاعة من أمام المركز القومى للترجمة ليعود اسم مبارك على محطة مترو الشهداء.
ما كان لمثل هذه الأصوات أن تعلو ثانية لولا بركات سيدهم المجلس العسكرى. ولكن قريبا جدا سيعاودهم الخرس الذى أصابهم صباح ثورة يناير.
محمد رفعت يونس يكتب: رسالة من ثورجى إلى أحد أرباب الفلول
الثلاثاء، 03 أبريل 2012 11:14 م
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
نادية
الحقونا في طيبة جامعة الازهر
عدد الردود 0
بواسطة:
me
إلى رقم 1
عدد الردود 0
بواسطة:
طارق
وزاره للأخلاق
عدد الردود 0
بواسطة:
ملك الفيزياء و سأنتخب الدكتور شفيق
الثورة ليست لنا فقط بل للاخوان ايضا ... وهلم الى الحرية ومنها الى العدالة
عدد الردود 0
بواسطة:
ملك الفيزياء و سأنتخب الدكتور شفيق
سأختار الرجل الذى أراه يصلح لمصرقائدا قويا وليس " دلدولا " لحزب أو طائفة
عدد الردود 0
بواسطة:
ملك الفيزياء و سأنتخب الدكتور شفيق
.الجيش ها يقلب الترابيزة ويضرب كرسى فى الكلوب ويروحوا الاخوان فى خبر كان..