د. رضا عبد السلام

أين قانون حظر تملك الأجانب يا نواب الشعب؟!

السبت، 28 أبريل 2012 09:46 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إذا سألت أى مواطن، وخاصة من جيل الشباب، الذى يبحث عن الستر لا أكثر: ما هى أهم مشكلة تواجهك فى حياتك، ستكون قضية المسكن هى الرد!! نعم.. قيام شاب فى مقتبل العمر بشراء أو استئجار شقة يكلفه مالا يطيق، فأسعار العقارات نار. كما أنه ونتيجة للارتفاع غير المبرر لأسعار المدخلات ومواد البناء، وخاصة الحديد والأسمنت، فإن أسعار الإيجارات هى الأخرى نار.

ولهذا، وفى ظل متوسط دخل شباب "لديه وظيفة"، وأنا لا أتحدث هنا عن العاطلين عن العمل وهم بالملايين، والذى يتراوح ما بين 500 و2000 جنيه، فإن الحصول على شقة للإيجار سيكون من ضرب المستحيل. ووفقاً لاستطلاع رأى قامت به إحدى المؤسسات مؤخراً، فإن 44% على الأقل من الشباب لا يقدرون على استئجار أو تملك مسكن!! فالفجوة خطيرة بين أسعار العقارات وبين مستويات الدخول!!

مؤكد أن ارتفاع أسعار العقارات، وتحديداً الأراضى الصالحة للبناء والشقق التمليك وشقق الإيجار ليس سببه قلة المساحات أو ضيقها أو الحفاظ على الأراضى الزراعية كما يحاول بعض الفاسدين والملوثين إقناعنا. هناك أسباب كثيرة تسببت فى إشعال سوق العقار على رؤوس الملايين من أبناء هذا الشعب البائس، ومن أبرز تلك الأسباب:
1. ما يسمى بشركات الاستثمار "أو النهب والسلب العقارى": فهؤلاء عبارة عن حفنة من العواطلية، تجدهم فى كل محافظة ومدينة، وتحت مسميات مختلفة، كل ما يفعلونه أنهم يقومون بتطويق كافة المساحات الصالحة للبناء والسيطرة عليها بأى سعر، ومن ثم تعطيش السوق مع الاحتكار، ولك أن تتخيل تبعات ذلك الاحتكار!!
إنه النهب والسلب وإحراق البلاد على من فيها. هؤلاء يتخذ أغلبهم من الدين ومن اللحى مطية للتجارة بأحلام الشباب، ولهذا اشتعل السوق بسبب تلك الحفنة الذين لم تأخذهم رحمة بهذا الشباب المطحون، ومن يبحث عن دليل عليه فقط التحرك والبحث عن أرصدة هؤلاء.

2. الفساد، الذى كان ولا يزال يعربد فى كل مؤسسات الدولة. فالرشاوى فى القطاع العقارى ليست بالعشرة جنيهات أو بأجندة، ولكن تصل أحياناً إلى الملايين، سواءً لموظفى التراخيص بالأحياء أو غيرهم فى سلم هذا القطاع المهلهل. النتيجة هى أن صاحب العقار يحمل كل تلك التكاليف على الزبون المثقل والغارق فى الفقر والبؤس!!

3. السبب الثالث، والذى لا يقل أهمية عن السببين المشار إليهما أعلاه، وهو المتمثل فى السماح للأجانب بتملك العقارات فى مصر. فالسعودى والكويتى وحتى الموزمبيقى بإمكانه شراء ما يشاء من عقارات فى مصر!! لقد أحرق زبانية مبارك مصر على رأس شعبها خلال السنوات الماضية، حينما حولوا مصر إلى أرض مستباحة لكل من هب ودب، ومن يستطيع أن يدفع أكثر فقد تحولت أرض مصر إلى مزاد كبير. تصرف هؤلاء الزبانية تصرفات التاجر المفلس الذى يفكر أول ما يفكر فى بيع بيته. لنا أن نتخيل منافسة بين سعودى ومواطن مصرى مطحون على شقة فى مدينة الإسكندرية أو القاهرة...إلخ!! هل سيفكر الخليجى فى مسألة السعر، هل سيتمكن المواطن المصرى من منافسته؟
لقد عايشت دول الخليج طفرة كبرى منذ مطلع 2003 بسبب تعافى أسعار النفط، انعكس هذا الوضع على دخول مواطنى دول الخليج، فهرعوا للبحث عن فرص استثمارية، ووجدوا ضالتهم فى سوق ليس له صاحب، وبلد مباع، ولهذا لم أعرف خليجى – خلال رحلتى بالخليج على مدى خمس سنوات – إلا ولديه شقة أو أكثر فى مصر، أو أنه يفكر فى شراء عمارة!! لك أن تتخيل تبعات هذا التدافع على سوق العقار فى مصر. والتجار – منهم لله – لا يعنيهم وضع المواطن المصرى المطحون، فما يعنيه هو من يدفع أكثر، حتى ولو كان من بنى إسرائيل!!

إذاً، إذا أردنا أن نعيد الحياة إلى مصر وشعبها، علينا أن نضرب بقوة وأن نركز على قضية فاصلة ألا وهى قضية تهدئة قطاع العقار، وعدم الاستماع إلى من يتاجرون بشعب مصر، مثل الحديث عن أن قطاع العقار قطاع واعد وأن علينا أن نشجع الاستثمار فيه، وأن دخول الأجانب يوفر العملات الصعبة. دعونا من هذا الهراء وتلك الأكاذيب، وعلينا أن نستفيد من تجربة أمريكا ودبى الأخيرة. هل بمقدور مصرى أن يتملك شبرا فى السعودية أو الإمارات أو الكويت؟!! علينا أن نبادر وعلى الفور بإصدار تشريع يتضمن ما يلى:
1. الحظر التام لتملك الأجانب للعقارات على أرض مصر، مع تمكين الشركات الاستثمارية من الانتفاع بالعقار (الخاص بالمصنع أو الشركة) دون تملكه، وتوفير كافة الضمانات التى توازن بين حق الدولة وحق المستثمر.
2. إعطاء فترة انتقالية لكافة الأجانب المالكين لعقارات فى مصر، بحيث تعطى لهم الفرصة لتصريف تلك العقارات خلال تلك الفترة الانتقالية، وأقترح ألا تزيد تلك الفترة الانتقالية على ستة أشهر.
3. إجبار كافة شركات الاستثمار العقارى على الاندماج والذوبان تحت مظلة مؤسسات عامة، تتمتع بالشفافية والنزاهة وتتقيد بضوابط الحوكمة المتعارف عليها عالمياً.
4. إصدار التشريعات التى تحفز ملاك العقارات والشقق المغلقة، وهى بمئات الملايين فى مختلف ربوع مصر، على تأجير تلك العقارات، كأن توضع التشريعات التى تؤمن حق المؤجر فى طلب إخلاء العقار فى المواعيد المتفق عليها، أى رفع كفاءة القضاء ومسألة تنفيذ الأحكام فى مجال إيجار المساكن.
5. تشديد العقوبات على كل من يثبت تواطؤه مع أجانب، كأن يتم شراء العقارات لحساب الأجانب، واعتباره ذلك التصرف جناية يعاقب عليها بعقوبات مغلظة، باعتبار ذلك الفعل يهدم استقرار المجتمع وسلامته.
مؤكد أنه إذا ما بادرنا باتخاذ تلك الإجراءات وإصدار ذلك التشريع، سنضمن تراجعاً فى أسعار العقارات بمختلف أشكالها، ومن ثم حل مشكلة اقتصادية كبرى ناهيك عن المشكلات الاجتماعية التى يصعب حصرها. وأذكر هنا مقولة لكارل ماركس "أن القرية تظل آمنة مطمئنة طالما تشابهت فيها الأكواخ، ولكن تبدأ المشكلات والصراعات والأحقاد عندما يتم بناء قصر وسط تلك الأكواخ. لايمكن أن نقارن الشاب والمواطن المصرى الذى يبحث عن كوخ يستره بشيخ خليجى يسعى لإقامة قصر وسط تلك الأكواخ!! علينا أن نعمل عقولنا وأن نعيد مصر إلى المصريين، وألا نفرط من الآن فصاعداً فى شبر من تراب هذا البلد العظيم. اللهم هل بلغت اللهم فاشهد.

• أستاذ بحقوق المنصورة








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة