"الصباغ": ما تشهده الثورة المصرية لا يساوى عشر ما حدث فى الروسية

الخميس، 26 أبريل 2012 10:09 ص
"الصباغ": ما تشهده الثورة المصرية لا يساوى عشر ما حدث فى الروسية غلاف الكتاب
كتب بلال رمضان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
صدر مؤخرًا، عن المجلس الأعلى للثقافة، بأمانة الدكتور سعيد توفيق، ضمن سلسلة "مفاهيم ثقافية"، كتاب بعنوان "الدروس المستفادة من الثورة الروسية"، للكاتب أشرف الصباغ، ويقع الكتاب فى 206 صفحات من القطع المتوسط، وفى كتابه.

يوضح "الصباغ" أن ما يحدث فى مصر الآن لا يساوى عشر ما حدث فى روسيا، من الأجهزة الأمنية التى كانت تقتل فى عز الظهر، واخترعوا لها مشكلة المسيحيين والمسلميين، فكانت حرباً الشيشيان.

يقول "الصباغ" فى مقدمته للكتاب، الذى يروى فيه تفاصيل كان فى يومٍ ما هو شاهدٌ عليها، أنه إذا كان القرن العشرون قد بدأ بحرب عالمية أولى عام 1914، ثم بثورة بلشيفة 1917 غيرت المعالم الاجتماعية والأيديولوجية والجيوسياسية للكرة الأرضية طوال ما يقرب من سبعين عامًا حتى مطلع التسعينات، وتلتها حرب عالمية ثانية ساهمت فى تعميق ما أرسته الثورة الروسية من تغيرات جيوسياسية على وجع الخصوص، فسوف نجد أن منتصف حقبة الثمانينات فى الاتحاد السوفيتى لا يقل فى أهميته وخطورته عن الثورة البلشفية والحرب العالمية الثانية.

ويوضح، أنه بمجرد انهيار الاتحاد السوفيتى وحلف وارسو والكتلة الشرقية كلها، تركزت مقاليد السلطة العالمية فى بد الولايات المتحدة الأمريكية التى صارت "الدركى" الوحيد فى العالم، وصار نمط التفكير الأمريكى، ونموذج الحياة الأمريكى – أولاً – ثم الأوروبى، هو النظام أو الشكل الوحيد المعتمد ليس فقط من قبل الشعوب الفقيرة فى العالم، ولكن أيضًا من قبل الأنظمة الحاكمة أيضًا فيها.

وبدا الأمر كما لو أنه – وهو بالفعل كذلك – إعادة تقسيم جديدة للخريطة الجيوسياسية العالمية وعلى الأخص لدول العالم الثالث وروسيا وبعض دول آسيا الضخمة مثل الهند والصين، والسيطرة على الاقتصاد العالمى وتوجيهه، وإثارة النعرات القومية والدينية فى جميع دول العالم تقريبًا، الأمر الذى أدى فى النهاية إلى تعيين مندوب عن الرئيس الأمريكى فى السفارات الأمريكية – فى كل دول العالم – لمراقبة حكومات هذه الدول ودرجة التزامها بصيانة حقوق الإنسان، والالتزام بحقوق بحقوق الأقليات الدينية والإثنية، والأخطر من كل ذلك هو تصاعد الحملة الموجهة لإلغاء التأمينات الاجتماعية للعمال والطقبات الفقيرة، وزيادة سن التقاعد، وتخفيض المعاشات، وإعادة النظر فى مجمل القوانين والعلاقات الاجتماعية التى ظلت حكومات الولايات المتحدة ودول أوروبا والكثير من دول العالم الثالث تلوح بها لعمالها وطبقاتها المطحونة طوال سبعين عامًا؛ تفاديًا لأية مشكلات يمكن أن يستغلها الاتحاد السوفيتى فى إثارة المشكلات الاجتماعية فيها، كل ذلك أعيد فيه النظر، وبخاصة علاقة المالك بالمستأجر.

ويقول "الصباغ" أنه لعل انهيار الاتحاد السوفيتى كان سببًا رئيسيًّا – إذا لم يكن الأساسى والوحيد – ضمن أسباب كثيرة وجوهرية فى تغيير خريطة العالم فى نهاية قرن وبداية آخر كما حدث بالضبط فى نهاية القرن التاسع عشر، وبداية القرن العشرين، ومن هنا تحديدًا يبدو أن التصور الذى ساد آنذاك بأن البيريسترويكا (مصطلح "إعادة البناء" الذى أطلقه ميخائيل جورباتشوف بمجيئه إلى السلطة)، وانهيار الاتحاد السوفيتى كانا آخر الأحداث الجسام فى القرن العشرين، هو مجرد تصور مبسط، فقد كانت هناك مفاجآت أخرى فى الطريق، فى روسيا، لا يمكن التكهن بنتائجها، والخطير أنها جرت فى روسيا الجديدة رغم ما حل بها من تغيرات جذرية – تحولات اقتصادية وسياسية وأيديولوجية واجتماعية – والأخطر أن تلك الأحداث تشابهت فى الكثير منها مع أحداث ما قبل ثورة 1917، والفارق البسيط – الأكثر خطورة – هو أن روسيا الجديدة تمتلك أسلحة الدمار الشامل، والقوة الوحيدة – حسب تأكيدات الرئيس الأمريكى ريتشارد نيكسون – القادرة على تدمير الولايات المتحدة.

ويشير المؤلف إلى أن انهيار التجربة السوفتية عام 1991 أدى إلى قيام حربين داخليتين، وانهيار اقتصادى شبه كامل، وبصرف النظر عن الاتفاق والاختلاف حول انهيار التجربة السوفيتية، فقد تمكن الروس بعد عشر سنوات كاملة من استرداد عافيتهم.

ويوكد "الصباغ" على أن ما يحدث فى مصر الآن لا يساوى عشر ما حدث فى روسيا، فالأجهزة الأمنية عاثت فى الأرض فسادًا فى تلك الدولة المترامية الأطراف، وكان قطاع كبير من العاملين فى أجهزة الشرطة يرتدون زيهم الرسمى نهارًا، ويستبدلون به ثياب اللصوص ليلاً، وكان القتل يتم فى عز الظهر، وفى أى مكان فى موسكو والمدن الأخرى، اخترعوا لروسيا أيضًا مشكلة المسيحيين والمسلميين، فكانت حربا الشيشيان، وما سمعنا عنه وشاهدناه ممن أحداث مأساوية للأطفال والنساء فى المدارس والمسارح.

ويضيف، لا شك أن الموضوعين الطائفى والعرقى لهما امتدادات داخلية وخارجية، الأولى تتمثل فى التيارات والقوى الفاشية والعنصرية، والأحزاب والجماعات السياسية التى تعتاش على ذلك، وتطمح لاستخدام هذه الملفين للوصول إلى السلطة أو العودة إليها، والثانية جيوسياسية؛ لإضعاف الدولة اقتصاديًا وعسكريًا وأمنيًا وضرب منظومة عاداتها وتقاليدها ومنظومتها القيمية، ومن ثم تحويلها إلى أما سوف مفتوحة للمركز الأورو – أمريكى أو مصدر للمواد الخام والقوى البشرية الرخيصة.

ويرى "الصباغ" أن مصر على أول الطريق، لأن القضية لم تكن إطلاقًا فى رأس النظام والطغمة المالية – الأمنية – المافياوية المحيطة به، وهى ومنظومتها التشريعية والإدارية والفكرية والقيمية، كل ذلك لم يحدث، ولم يبدأ أصلاً؛ لأن الثورة المضادة ليست مجرد كلمة تتضمن الرئيس وزوجته وأولاده وأقاربهم وعناصر التنظيميات الأمنية السابقة وطواغيت المال والحزب الحاكم فقط، بل وأيضًا المنظومة الإدارية فى مؤسسة الدولة التى كانت أحد أكبر المستفيدين من وجود النظام السابق.

ويتضمن الكتاب عشرة محاور عناوينها (ثلاث أيام هزت العالم، الأزمة الديموغرافية وهجرة العقول، دولة المخدرات فى روسيا، ثقافة التسعينات فى روسيا الإصلاحية، أزمة أغسطس 1998 وبداية انهيار نظام بوريس يلتسن، وإمبراطورية المال والإعلام وانهيار الاقتصاد الروسى، رسالة مفتوحة، من توبل إلى دوستويفسكى، فضيحة إعلامية مالية، بداية عهد بوتين والتركة الثقيلة).





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة