سحر الصيدلى تكتب: الأطلال

الأربعاء، 25 أبريل 2012 10:07 م
سحر الصيدلى تكتب: الأطلال صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إلى متى سيظل الفراش يكبلنى وأسر حريتى.. فقد مللته على الرحيل منه لأنطلق إلى حريتى وأعاود عملى.. صبرا جميلا والله المستعان.

امتدت يده إلى مذياع صغير بجانبه وأخذ يحاور إبرته يمينا وشمالا لعله يحظى بموسيقاه الرائعة التى تنسيه ألمه وعذابه... انبعثت منه موسيقى صاخبة تهز الوجدان ألما وحسرة، على ما آلت إليه حالنا فى هذا الزمان... عاد ودغدغ الإبرة مرات ومرات حتى سكنت يداه على رائعة ست الكل الأطلال.. هنا أسند رأسه على وسادته ليستريح من أعباء المرض الذى ألم به وأخذته غفوة قصيرة وتذكر شريط معاناته عندما كان معتقلا فى سجن العدو.. تذكر معاناته وقهره وذله الذى كان يعيش بهم طوال سنين أسره.. كان يعامل كأنه حشرة فى صحراء نسماتها جافة ورياحها سديمية وقد طبقوا عليه جميع أنواع العذاب بالكهرباء إلى السوط والماء البارد صباحا فى يوم شتاء قارس وإلى نزع أظافره منه وهو يتلوى ألما وعذابا لينزعوا منه اعترافا كاذبا ...قاوم وقاوم وصمد.. الموت أرحم من نيل أهدافكم أيها الغزاة الطامعين.

كان العطش للوطن يحيط به فى أحلامه التى تسافر كل ليلة على دياره لتطمئن على الأرض والأهل والأصحاب... كان يخيل إليه أنه سيموت هنا فى هذه الصحراء الجرداء الخالية من الرحمة الإنسانية وسيكون لقمة فى فم الذئاب بعد أن فقد اليد الحنونة التى ستنقذه من كلمات الآه.

حتى حصلت المعجزة وبادلوه مقابل مائة من الأسرى الإسرائيليين... عمت النشوة قلبه وازدادت فرحته.. كرامتنا أكبر منهم بكثير كل واحد منا يساوى المئات من عندهم.. هذا والله فخر وعزة للمسلمين.. أيها الأوغاد سأنتقم منكم لقد حطمتم حياتى وقضيتم على مستقبلى وزرعتم الفتنة فى بلادى وحجزتم حريتى وجعلتم أيامى كلها غروبا لا تشرق فيها شمس ولا ينير بها قمر ولا تسطع فيها النجوم.. ولكن بعذابكم ازددت عزة وإباء وجعلتمونى أقسم بربى أننى فداك يا وطنى.

نزف قلبه من ذكرياته وبكت عيناه من إحساسه وعجز قلمه أن يسطر مأساته واحتل الحزن والألم كل وجدانه وسرت فى عروقه نغمة الانتقام ممن ظلموه وسرقوا بلاده واستولوا على أمنه وأمانه.. باتت عيناه جمرتين من نار يتأجج فيهما إصرار الانتقام ممن حول حياته من إنسان إلى شبه إنسان.. أسلم رأسه إلى راحتيه وبكى لأن حبه لوطنه يفوق الكلمات.. ولكن هاتفا بداخله ناداه..لا تبك يا إنسان ستأتى ساعة الانتقام، وسترد كرامتك وترفع راية بلدك وها قد حان الزمان.. طائرات تغرد فى كل مكان وانفجارات تدوى وتصرخ لك أيها الإنسان.. هلم لب نداء الوطن.. دفن ألمه وشد أمواج العزيمة وتراقصت الفرحة أمامه وثارت بنفسه موجة جامحة هادرة تلفه وتلوذ به وهو يصرخ بأعلى صوته.. لك النصر يا بلدى.. نسر بات يجوب أعباب الفضاء كشيطان مارد فى لحظات انتقام.. ويفرغ محتوى طائرته وما فى جوفها من حمم بكل مكان... ويشعر مع كل قذيفة يرميها بالفخر والاعتزاز ومع كل طائرة يسقطها بالنصر لهذه البلاد.. أحس بحبات العرق تندى جبهته فغطى وجهه بكلتا يديه وأغمض عينيه وتاه فى صحراء ليس لها حدود كثبان من الرمل ولا واحة ولا ماء مجرد فراغ موحش وعطش للحرية لن يرويه إلا واحة النصر.. قبل أن تغرب الشمس وتبكى المآذن وتجف البحار، وتندمى القلوب وتئن النفوس وبات يحلق عاليا وعاليا بدون مدى هنا وهناك فى ليل حالك يبحث عن شعاع نور ليرد له كبرياءه وحريته وكرامته.. لابد لزهرة أن تفوح بعطر الأمل ولابد لحروفى أن تتنفس ولكلماتى أن تخرج من ذاكرتى وآهاتى من قلبى.. سأقف نزيفكم جميعا وبيدى رايتى سأزرعها بكل مكان فيه أنت يا وطنى.. ها أنا الآن تحت ترابك ولكن طاب الموت يا عربى وستكملون رسالتى وتزرعون على قبرى وردة النصر.





مشاركة




التعليقات 10

عدد الردود 0

بواسطة:

roma roma

ولابد من يوم معلوم تترد فيه المظالم...

عدد الردود 0

بواسطة:

رولا

قصة رائعة سلمت يداك

عدد الردود 0

بواسطة:

أحمد محمود المالح الكاتب السيناوى

متجددة

عدد الردود 0

بواسطة:

منال

مبدعة

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد

حب الوطن لا يعادله حب

عدد الردود 0

بواسطة:

نور مصطفى

تفوقت على نفسك

عدد الردود 0

بواسطة:

عصام كرم الطوخى

مزيد من التألق

عدد الردود 0

بواسطة:

سحر الصيدلي

ردود الى أصدقائي الكرام

عدد الردود 0

بواسطة:

اكرم

الي النجم اللامع وكوكب اليوم السابع الأستاذه سحر الصيدلي

عدد الردود 0

بواسطة:

بديع باشات

تشكراااااااات

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة