د. رضا عبد السلام

لِما لم يرشح الإخوان شاباً لرئاسة الجمهورية؟!

الإثنين، 23 أبريل 2012 10:46 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قد يتصور البعض من كتاباتى المتتابعة بشأن الإخوان أوالتيار الدينى بوجه عام أننى معادٍ للتوجهات الإسلامية، أو لمسألة الحفاظ على هويتنا وقيمنا الدينية الرفيعة، وهذا اعتقاد خاطئ تماماً، فأنا ممن صوتوا للإخوان فى الانتخابات البرلمانية وممن تمنوا أن يهل الخير على أيديهم.

لذا فأنا – وأنا على يقين أن هناك الملايين غيرى - ممن لا ينتظرون الفشل للإخوان وغيرها من التيارات الدينية، ولكن على نفسها جنت براقش.
دعونا نركز على جماعة الإخوان المسلمين، وهى صاحبة تاريخ نضالى طويل ومشرف، كما أنها تضم بين أحضانها نخبة من خيرة عقول مصر، فى الطب والهندسة والقانون والعلوم المختلفة، هذا ناهيك عن تنظيمها الجيد، وهو أمر جسده أداء الانتخابات البرلمانية.

الحقيقة، أن خلافى - كمواطن مصرى – هو مع القيادة الحالية لجماعة الإخوان، والتى توشك أن تمحو جهد أكثر من ثمانى عقود لآلاف ممن ضحوا بالغالى والنفيس فى سبيل الوصول إلى هذه المرحلة. نعم.. إن قيادات جماعة الإخوان المسلمين لا تختلف فى ديكتاتوريتها عن ديكتاتورية نظام مبارك، وليس أدل على ذلك من موقفها من الدكتورعبد المنعم أبو الفتوح، الذى تجرأ وأراد أن يكون له رأى مخالف، فكان جزاؤه الطرد واللعنة الأبدية، وكأنه سب الذات الإلهية!! وهو نفس الحكم الذى تريد الجماعة تطبيقه على كل عضو يبادر برأى مخالف لرأى قيادات الجماعة!!
إن أكبر دليل على ديكتاتورية هذه القيادات أنها عندما فكرت فى تقديم مرشح للرئاسة، لم تخرج فى منهجها عن المنهج البائد للنظام البائد، وقدمت مرشحين كلاهما ممن تخطوا سن الستين!! أنا أتذكر شباب الإخوان الرائع، الذى سطر تاريخاً بحروف من نور فى ميدان التحرير وفى مختلف ميادين مصر خلال ثورتنا المبهرة.. فأين هؤلاء من المراكز القيادية، بل من رئاسة الجمهورية؟!
إذا كنا نؤمن أن جماعة الإخوان هى جماعة فى غاية التنظيم، وتضم كوادر من مختلف الأعمار والمؤهلات، ألا يوجد بين شباب هذه الجماعة الرائعة، وهم بمئات الآلاف فى مختلف محافظات مصر، من يصلح لرئاسة جمهورية ما بعد الثورة؟ أم أنكم يا جماعة الإخوان لا تؤمنون بالشباب وبقدرات الشباب الذى أبهر العالم؟ أتعلمون كم هو عمر ديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا العظمى؟ أو أوباما رئيس الولايات المتحدة الأمريكية؟؟! ما الذى ينقص شبابنا ليكون فى مصاف هؤلاء؟!
لما لم يقدم الإخوان المثل والقدوة لباقى فئات وتيارات المجتمع المصرى؟!... لنا أن نتخيل وضعاً مختلفاً، أى أننا رأينا مرشحاً للإخوان دون الخمسين ربيعاً؟! هل كان سيختلف الوضع؟ فى رأيى كان الوضع سيختلف كثيراً، مؤكد أن من يعارضون ترشيحات الإخوان الحالية كانوا سيقفون موقفاً مختلفاً، وكان هذا المرشح الشاب سيلهب شهية وحماس شباب الثورة، والمصريين جميعاً، فقط لو أعطى الفرصة ليقدم نفسه للمجتمع المصرى، ولكننا صدق فينا قول الحق "إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون".

لذا، أقولها وبكل أسف، الرحلة لا تزال طويلة، سواءً بالنسبة للإخوان أوغيرهم، فالشباب فى نظر الكبار ليسوا إلا قوة تنقصها الخبرة والدراية، ومن ثم هى غير مؤهلة لقيادة أمة، فضلاً عن عنصر الأنانية فى الكبار، الذين يريدون أن يكونوا قادة لكل العصور، وليذهب الشباب وأحلامه وطموحاته إلى الجحيم!!

فى اعتقادى المتواضع، أن أكبر وأعظم هدية يمكن أن يقدمها الإخوان، ليس فقط لتاريخ جماعة الإخوان، ولكن أيضاً للمجتمع المصرى الذى عول كثيراً على تلك الجماعة وإلا لما انتخبها، تتمثل فى "قيام قيادات الجماعة بتقديم استقالات جماعية، بعد الاعتراف بالفشل الذريع فى إدارة تلك المرحلة"، وهو الفشل الذى يكاد يودى بتاريخ ونضال آلاف من أبناء هذه الجماعة!! لو حدث هذا وأجريت انتخابات شفافة سيأتى على رأس الجماعة من هو أهل للتعامل مع متطلبات هذه المرحلة، عندها ستستعيد الجماعة ثقة الشارع المتعطش للإصلاح. لقد كفانا تسلطا وعنجهية وغرورا واستعلاء، وما نراه من قيادات الجماعة ليس إلا تكراراً لأخطاء من قمنا بخلعهم!! فهل تقر قيادات الجماعة بالخطأ، أم أنها ستتمادى وستواصل رحلة هدم تاريخ الجماعة؟!

* أستاذ بحقوق المنصورة .









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة