
انتقل "اليوم السابع" إلى منزل الرائد أحمد، حيث قالت زوجته التى انتابتها حالة من البكاء الهستيرى وهى تحكى لنا عن زوجها المجنى عليه وكيف كان مثالا للأدب والسلوك القويم وأشارت إلى أن زملاءه والمجندين يشهدون له بأنه ليس بالمتكبر، ولكنه كان محبوبا من الجميع، وذكرت أن العساكر عندما يقومون بتوصيله إلى المنزل يصر على تقديم الطعام لهم قبل أن يغادروا من منزله وكان من ضمنهم المجند "عزام"، الذى قتله غدرا داخل مكتبه بمعسكر الأمن المركزى ونفت أن يكون الدافع وراء قيام المجند بقتل زوجها معاملته السيئة له.

وقالت إن أحمد متفوق منذ صغره فى دراسته وحصل على مجموع 99% فى الثانوية العامة والتحق بكلية الصيدلة واستمر بها عاما حتى التحق بكلية الشرطة، وأنه حصل على شهادة تقدير من الداخلية حسن سير وسلوك، فكيف تكون معاملته سيئة للجنود الذين يعملون معه.

بينما قال والد زوجته الحاج "حسين" إن يوم الحادث كانت ابنته قد سافرت إليه فى دولة الإمارات كعادتها لتزوره، وعندما سمعنا بخبر وفاة الرائد "أحمد" أصبنا بحالة من الانهيار حزنا على فراقه وبشاعة الجريمة التى ارتكبت بحقه، وأضاف أنه من المستحيل أن الدافع وراء ارتكاب المجند لجريمته أن يكون بسبب المعاملة السيئة، حيث أشار إلى أن أحمد كان يحضر الماجستير فى القانون الدولى والجميع يشهد بحسن سلوكه، حتى إن إمام مسجد المنطقة التى يسكن بها أحمد بمدينة العبور شهد له أنه كان مواظبا على الصلاة ولا يترك فرضا وحزن حزنا شديدا على وفاته.

ورجح أن يكون سبب ارتكاب المجند جريمته هو جنون لحظى، خاصة أن المجند "عزام" كان قد طلب من الرائد أحمد أن ينقله إلى معسكر آخر لرغبته للعمل فى خدمة المركبات فوافق على طلبه ونقله وبعد مرور أيام على نقله توجه المجند إلى الرائد أحمد أن يعيده مرة أخرى إلى المعسكر وهو الأمر الذى رفضه، وأضاف أن الروايات التى قيلت عن طريقة قتل الرائد "أحمد" كثيرة ولكننى أرجح أن يكون المجند قد اختبأ داخل مكتب الرائد أحمد أثناء انشغاله بمعاينة المعسكر، واستحوذ على سلاحه الميرى وعند مشاهدته أطلق 6 طلقات نارية استقرت فى رأس وبطن وصدر الرائد أحمد، ولكن شاء الله أن بعدها بأيام يعثر الأمن على جثة المجند تنهش فيها الحيوانات بعدما قال رجال المباحث انه انتحر وهذا" قصاص الله".

بينما وصفه "خالد حسين"، شقيق زوجه الرائد "أحمد"، بالرجل الشجاع الذى لا يخاف إلا الله، حيث ذكر أنه أثناء ثورة 25 يناير اتصل به هاتفيا وطلب منه العودة إلى المنزل خوفا عليه من الانفلات الأمنى فرد عليه أنه لن يترك مكان عمله ولا سلاحه حتى الموت خوفا على المجندين الذين كانوا معه فى الخدمة أثناء ثورة 25 يناير وأشار إلى أن معظم المجندين الذين يعملون معه كانوا يقترضون منه أموالا فكان بمثابة الأخ لهم ويشهد له الجميع بذلك.
بدأت تفاصيل الواقعة بتلقى قسم شرطة الشروق إخطارا من مستشفى البنك الأهلى يفيد بوصول "أحمد.م" (27 سنة ـ رائد شرطة) جثة هامدة إثر تعرضه لـ 6 طلقات نارية فى البطن والصدر أودت بحياته، فتم إخطار اللواء محسن مراد، مدير أمن القاهرة بالواقعة، حيث تبين من تحقيقات النيابة التى أشرف عليها المستشار وائل الدرديرى، رئيس نيابة القاهرة الجديدة، أن المجند كان يعمل مع الضابط المجنى عليه داخل معسكر الأمن المركزى بطريق السويس، فنقله الضابط بسبب خلافات بينهما لمعسكر آخر، فعندما علم المجند بالأمر ذهب لرائد الشرطة وحدثت بينهما مشادة كلامية قام على إثرها المجند بإطلاق النيران على الرائد فسقط على الأرض قتيلا ولفظ أنفاسه الأخيرة داخل المعسكر وتمكن المجند من الهرب من المعسكر.
وبعد مرور أيام عثرت الأجهزة الأمنية على جثة مجند الشرطة مذبوحاً ومفصول الرأس واليدين عن الجسد ومصاباً بطلق نارى بطريق السويس الصحراوى، وتبين من التحقيقات أن المجند قتل بعد ساعات من قيامه بقتل رائد الشرطة، بحسب أقوال زملائه، الذين أكدوا أمام محمد يوسف، وكيل أول نيابة القاهرة الجديدة وسكرتارية رومانى ذكرى، أن الملابس التى يرتديها المجنى عليه هى نفس الملابس التى كان يرتديها عند هروبه من المعسكر بعدما قتل رائد الشرطة.
انتقل إسلام الهرميل، مدير نيابة القاهرة الجديدة، إلى مكان الواقعة، وبمناظرته للجثة تبين أنها فى حالة تعفن لوفاته منذ أسبوع، وبتفتيش ملابسه عثر بداخلها على "طلب إجازة" كان قد تقدم به المجند إلى رائد الشرطة الذى كان يعمل معه، فأمرت النيابة برئاسة المستشار وائل الدرديرى بتشريح جثة المجند "محمد" لبيان سبب الوفاة ما اذا كان انتحارا أو مجهول قتله، واستعجال تحريات المباحث حول الواقعة واستدعاء أقاربه لسماع أقوالهم.