كسر المخرج يسرى نصر الله السنوات العجاف التى شهدتها السينما المصرية بعيدا عن مهرجان كان السينمائى، والتى امتدت لأكثر من 15 عاما منذ آخر مشاركة للفيلم المصرى فى ذلك الحدث السينمائى الأبرز على الساحة العالمية، حيث يشارك نصرالله بفيلمه «بعد الموقعة» الذى كان يحمل اسم «فاطمة وريم ومحمود» فى المسابقة الرسمية للمهرجان وينافس للفوز بالسعفة الذهبية، ويسافر المخرج اليوم إلى باريس، لطبع نسخة نهائية من الفيلم.
ويعد فيلم يسرى نصرالله إحدى المشاركات المصرية القليلة بالمهرجان حيث نجح فى إعادة الأفلام المصرية لـ«كان» بعد غياب طويل عندما شارك المخرج المصرى العالمى يوسف شاهين فى المهرجان عام 1997 بفيلمه «المصير» بطولة نور الشريف وليلى علوى وحصل وقتها على جائزة السعفة الذهبية عن مجمل أعماله، بينما شارك من قبل «وداعا بونابرت» ليوسف شاهين، واللافت للنظر أن يسرى عمل فى «وداعا بونابرت» كمساعد مخرج ليوسف شاهين، كما شاركت أفلام منها «ابن النيل» ليوسف شاهين أيضا، والمخرج كمال الشيخ عام1965 بفيلمه «الليلة الأخيرة».
وتعيد مشاركة «بعد الموقعة» فى المهرجان إلى الأذهان مقولة الناقد السينمائى كلود ميشيل بعد رؤيته لفيلم «الأرض» عام 1970 فى «كان»، حيث قال إن المصريين لابد أن يعرضوا أفلامـهـم فى المهرجانات طالما أن لديهم مستوى «الأرض». تدور أحداث «بعد الموقعة» حول ناشطة سياسية تعمل فى شركة إعلانات وتواجه مشكلة فى عملها، والفيلم بشكل عام يتناول أحداث ما بعد الثورة المصرية وتبلغ مدته حوالى ساعتين.
وأكد نصر الله لـ«اليوم السابع» سعادته بمشاركة الفيلم فى مهرجان كان، ورفع اسم مصر فى أحد أهم المهرجانات السينمائية بالعالم، موضحا أنه كان يترقب اليوم الذى تعلن فيه أسماء الأفلام المشاركة رغم أن الأمر كان فى منتهى الصعوبة حيث تشاهد لجنة المهرجان حوالى 3 آلاف فيلم لتختار 20 فقط بالمسابقة الرسمية.
وأشار نصر الله إلى أنه سيسافر إلى فرنسا اليوم الأحد لطبع نسخ نهائية للفيلم استعدادا لـ«كان»، ومن المقرر أن يعود إلى القاهرة يوم 4 مايو المقبل، ثم يستعد بعد ذلك للسفر إلى المهرجان مع أسرة الفيلم منة شلبى وباسم سمرة وغيرهما من أبطال العمل.
وحرص المخرج على التأكيد على المجهود الذى بذله جميع طاقم العمل، حيث أكد أن عمر شامة شاركه فى كتابته، وقام بعمل المونتاج له منى ربيع وديكور محمد عطية، وملابس ناهد نصرالله، ومهندس الصوت إبراهيم دسوقى وموسيقى تصويرية لتامر كروان، وأشرف على إنتاجه أمل الحامولى، وساعد فى الإخراج وائل مندور ودينا حمزة وعمر الزهيرى ومنى أسعد، وساعد فى المونتاج زياد حواس، وشارك فى بطولته فيدرا وسلوى محمد على وصلاح عبدالله وتميم عبده، وعدد كبير من أهالى نزلة السمان، والمنتج الفنى أحمد بدوى ومن إنتاج شركة نيو سينشرى.
يتضمن الفيلم مشاهد حقيقية من «موقعة الجمل» التى يظهر فيها أهالى نزلة السمان على الجمال والأحصنة يضربون المتظاهرين فى ميدان التحرير، حيث صرح نصر الله بأن الذى حمسه لتصوير العمل هو شعوره بأن أهالى نزلة السمان تعرضوا لظلم كبير وأنهم كانوا كبش الفداء وتحملوا وحدهم مسؤولية ما حدث ذلك اليوم، وصورهم البعض على أنهم يحملون أسلحة ويقتلون المتظاهرين، لافتا إلى أنه لا يدافع عنهم لكنه يرفض أن يكونوا وحدهم المسؤولين عن المجزرة التى حدثت ذلك اليوم.
وقال المخرج إن بعض أهالى نزلة السمان شاركوا فى تصوير الفيلم وكانوا متعاونين جدا، رغم ظروف التصوير الصعبة، فهم مثل غيرهم من الشعب المصرى يتمتعون بالطيبة ومشكلتهم أنهم تعودوا على أن يكون هناك «رئيس العائلة» و«رئيس القبيلة»، وشعروا بأن مصدر رزقهم فى خطر وهو السياحة و«اتحطوا فى وش المدفع» وأهينت كرامتهم وكانوا يحاولون استردادها، مشيرا إلى أن الكارثة الحقيقية فى يوم موقعة الجمل حدثت فى الليل ولم يكن هناك أحد من نزلة السمان وقتها، حيث انصرفوا أثناء النهار بعدما فشلوا فى تفريق المتظاهرين.
وحول ظروف تصوير الفيلم أوضح نصرالله أنه تقدم للرقابة بسيناريو مكون من 5 أو 6 ورقات فقط حيث لم يكن هناك سيناريو بالمعنى الحرفى للكلمة، وإنما كان هناك عبارة عن رؤية لعمل فنى، وأن جميع طاقم العمل تعب كثيرا حيث لم تكن هناك مشاهد مكتوبة وإنما كان يتم صياغتها حسب المتغيرات التى تحدث، وكان هناك ما يشبه جلسات العمل النقاشية بين جميع المشاركين فى الفيلم، وتم بدء تصوير العمل فى مايو 2011 وانتهى منه فى يناير الماضى، أى استغرق حوالى 7 أشهر وهو أمر صعب بالنسبة للممثلين والفنيين، ويشكرهم جدا على تحملهم ذلك.