مفتى الجمهورية يزور القدس ويؤم المصلين بمسجد البراق بالحرم القدسى.. هذا هو نص الخبر الذى تلقيته ظهر الأربعاء، المصدر وكالة أنباء الشرق الأوسط، وهى وكالة الأنباء الرسمية المصرية، أى أن الخبر مؤكد وهناك رغبة رسمية فى الإعلان عنه، والذى قام بالزيارة شخصية رسمية.
قبل زيارة فضيلة المفتى، قام أحد أبرز الدعاة الجدد بزيارة مشابهة إلى القدس، وهو الحبيب بن على، وأثارت زيارته عددا من المقدسيين.
فى السياق نفسه، قام عدد من المصريين المسيحيين بزيارة القدس، لأداء بعض المناسك والاحتفالات الدينية، يومها أعلنت الكنيسة المصرية أنها متمسكة بقرارات وتعاليم الأنبا شنودة فى هذا المجال.. أى أنه لا تطبيع ولا دخول للقدس إلا حين يدخلها الجميع: مسلمين ومسيحيين، «إيدينا فى إيد إخوانا المسلمين»، كما قالها قداسة الأنبا شنودة الثالث، ورفض كاهن الكنيسة القبطية بالقدس استقبال الزائرين المصريين يومها، كنت ومازالت أصرخ، أن التطبيع ليس قضية طائفية وليس شأنا كنسيا فقط، وحذرت من أن التطبيع يمكن أن يجرى من المدخل الدينى، وإذا بدأ بالأقباط فسوف يتبعهم المسلمون، خاصة أن أولى القبلتين بالقدس والمزارات الإسلامية كثيرة هناك.
وللتذكرة فقط فإن القدس، مدينة فلسطينية - عربية، محتلة منذ سنة 1967، وتقوم إسرائيل بجهد جبار لتهويدها.. وكان أهلنا فى فلسطين يقولون للزائرين من هنا أو هناك، نحن نريد أن نستقبلكم محررين لا زائرين.
فى مناسبات سابقة كانت مثل هذه الزيارات تستفز وتحرك التيارات السياسية، من الإخوان المسلمين إلى الجامعات الإسلامية، فضلاً عن القوميين والناصريين وغيرهم، كانت الندوات تعقد والمسيرات تتحرك للاستنكار، واليوم لا شىء من هذا، لا أحد يستنكر، لا هنا ولا هناك، هل نتذكر ما حدث للراحل أحمد ماهر وزير خارجية مصر حين زار المسجد الأقصى للصلاة؟!
المنطقة العربية يجرى إعادة رسم خرائطها منذ سنوات، حدث ذلك فى العراق وفى السودان، والمشهد أمامنا الآن.. حرب عسكرية على الحدود بين شمال السودان وجنوب السودان، قوات مراقبة وقف إطلاق النار بين الجيش السورى النظامى والجيش السورى الحر داخل المدن السورية، ليبيا توشك على التفتت إلى ولايات متنافسة بل متصارعة، وفى مصر قلب العروبة النابض، انكفأنا على همومنا، وباتت جنسية والدة الشيخ حازم هى القضية الكونية الأولى، وسط هذا كله، فإن إسرائيل هى الكاسب والرابح الوحيد، تحقق لها ما تمنته طوال عقود، وهو أن يزور المسلمون والمسيحيون من مصر ومن العالم العربى القدس، ويمارسوا طقوسهم وعباداتهم، وتصبح القدس مدينة مفتوحة وتستقبل الزائرين، ومن ثم تسقط مقولات تحرير القدس وأن تكون القدس عاصمة الدولة الفلسطينية.. الكل منشغل عن القدس وعن فلسطين، حتى حماس وفتح لديهما ما يشغلهما أيضًا عن القدس وتحريرها.
قلنا من قبل إن تحرير القدس واستقلال فلسطين ليس معناه أن يفرض الاستبداد على شعوب المنطقة، ولا أن تكون تلك القضية النبيلة سلما يصعد عليه المغامرون إلى السلطة فى بلادنا، واليوم نعيد القضية المعكوسة، إن التحرير من الاستبداد والفساد لا يعنى التطبيع مع إسرائيل والقبول باحتلالها فلسطين وحصار شعبها.. وأظن أن باب الاستبداد والفساد وشبح الدولة العسكرية والدولة الدينية فى بلادنا مخيم ما لم يتم حل المشكلة الفلسطينية وإقامة دولة فلسطين وفق قرارات الأمم المتحدة.
وإذا كان فضيلة المفتى سافر إلى القدس، حتى لو لم يكن بتأشيرة سفر إسرائيلية، فإن المراد تحقق لإسرائيل، وبالتأكيد لم يسافر فضيلته سرا ولا خفية، ولن أسأل فضيلته كيف فعلها ولماذا؟.. القدس تريد محررين لا زائرين.
ترى لماذا يصمت السادة مرشحو الرئاسة عن التعليق وتحديد موقفهم من موجة التطبيع الدينى التى بدأت ويبدو أنها ستفتح الباب لتطبيع آخر.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
على حلمى
سياسة الخطوه خطوه