ما حدث بعد قرار اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة الخاص باستبعاد عشرة من مرشحى الرئاسة جعل قطاعا كبيرا من الشعب المصرى فى حالة من المشاعر المتناقضة ما بين الابتهاج لخروج المرشح الأبرز فى إثارة جدل الرأى العام والإعلام عمر سليمان، وما بين المفاجأة لخروج مرشحى التيار الإسلامى الممثل لأغلبية البرلمان.
قد يرى البعض أن استبعاد المرشح الأبرز اللواء عمر سليمان من سباق الرئاسة جاء كغطاء لاستبعاد كبار مرشحى التيار الإسلامى وأكثرهم شعبية من جهة، وللطمأنة أو للتأكيد على أن المجلس العسكرى يقف على مسافة واحدة من كل المرشحين من جهة أخرى، لكننى أرى أن الأمر قد يتخطى ذلك وأنه قد يكون تغييرا لقواعد اللعبة السياسية طبقا لمتغيرات جديدة، فنزول عمر سليمان إلى سباق الرئاسة قبل غلق باب الترشح بساعات، وشخصية عمر سليمان التى أراها أنها من النوع الذى لا يضع نفسه فى منافسة وهو غير ضامن للنتائج، مكتفيا بشرف المحاولة، وقبوله الترشح "مكرها"- كما تم الترويج لذلك - نزولا على "مطالبات المؤيدين" من شعب مصر الذين لا يستطيع أن "يتخلى عنهم" فى وقت كهذا إضافة إلى استمرار البلاد فى انفلات أمنى يجعل بسطاء هذا الشعب- وهم السواد الأعظم- يتطلعون إلى "الرجل القوى" الذى سيعيد للبلاد أمنها حتى لو حكمها بقبضة من حديد ما دام ذلك سيؤدى إلى الاستقرار كل هذه المقدمات تنتهى حتما إلى وصول سليمان إلى كرسى الرئاسة، ولما كانت هذه المقدمات لا تتسق أبدا بحال من الأحوال مع خروج الرجل الحديدى الغامض الواثق تماما من نسب فوزه بهذه الطريقة ولهذه الأسباب الواهية وغير المقنعة أبدا أجد أن الموضوع لا ينطوى فقط على كونه غطاء لإقصاء مرشح أو اثنين بعينهم بقدر ما ينطوى على اضطرار لهذا إجراء لمواجهة متغير جديد فى اللعبة السياسية وهو دعوات الخروج فى مليونية جديدة، وهى مليونية قد تعيد إلى الميادين زخمها وبريقها وتعيد اللُحمة من جديد بين أبناء الشعب الواحد الذين فرقتهم مواقف أحزاب وجماعات سعت بل واستعجلت جنى ثمار نبتة لم يغرسوها منفردين ورويت بدماء أنبل شباب مصر.
أتصور أن أهم تبعات قرار الاستبعاد الذى قد يدعم رؤية استبعاد عمر سليمان على النحو سالف الذكر هو دعوة المجلس العسكرى بكامل أعضائه للاجتماع برؤساء الأحزاب وهو أمر يعيد إلى الأذهان مشهد اجتماعات سابقة على نفس المستوى وكان غالبا ما يحدث ذلك لاحتواء أزمة وامتصاص غضب جماهير متحمسة لكن هذه المرة أجد أن المجلس العسكرى تصرف بشكل استباقى بمعنى انه دعا للاجتماع كخطوة يمكن من خلالها تجنب تجدد موجة أخرى من موجات الغضب وقد يُرى أن استبعاد عمر سليمان من شأنه أن يفى بالغرض فى هذا الخصوص أو على الأقل سيجعل من كان مستجيبا لدعوات النزول اعتراضا على ترشح عمر سليمان يعيد النظر فى فكرة نزوله بعد الاستبعاد.
من تبعات هذا القرار أيضا الحديث الآن عن الدستور وانتخابات الرئاسة وهذا ما يجعلنا ندخل فى تساؤلات جديدة حول مصير كليهما والعودة إلى الكلام عن معايير الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور وهل سيتم التوافق المنشود لوضع دستور مناسب وكم سيأخذ من الوقت وما مصير انتخابات الرئاسة وهل ستتوقف لحين وضع دستور أم ستستمر بغض النظر عن إمكانية الفراغ من كتابة الدستور من عدمه كلها تساؤلات كان يمكن تجنبها لو تم وضع الدستور أولا لكن على أى حال ستجيبنا الأيام القادمة على تلك التساؤلات، حمى الله مصر وأهلها.
المستبعدين من انتخابات الرئاسة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
صـفـوت صـالـح الـكـاشف / الـقــــــاهـرة
/////////////// لم يفتنى القطار بعد !!!! ///////////////