د. محمد صلاح أبو رجب

العدل لشعب فلسطين وليس لدولة فلسطين

الجمعة، 20 أبريل 2012 06:56 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
رفض المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية الشكوى المقدَّمة من قبل السلطة الفلسطينية ضد إسرئيل، والتى تتهمها فيها بارتكاب جرائم حرب خلال عملية "الرصاص المسكوب" التى شنتها على قطاع غزة أواخر عام 2008 وتواصلت حتى بداية عام 2009.

وعلل المدعى العام قراره بقوله "إن الدول فقط هى التى تستطيع تقديم شكوى إلى المحكمة الجنائية الدولية، وأن مكانة فلسطين فى الأمم المتحدة هو دولة مراقبة فقط، وليست دولة عضوا".

ولا أدرى حتى الآن لماذا تصر الأمم المتحدة على عدم الاعتراف بدولة إسرائيل، خاصة وأن هناك حوالى 130 دولة من أصل 193 دولة هم أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة، إضافة إلى منظمات دولية بما فيها منظمات تابعة للأمم المتحدة كاليونيسكو، قد اعترفت بفلسطين حتى الآن.

ويعد قرار المدعى عام فى غاية الخطورة لأنه ببساطة يعنى احتمال أن يُحرم ضحايا الحرب الإسرائيلية من الفلسطينيين من العدالة. ويفتح هذا القرار الخطير الباب أمام اتهام المحكمة الجنائية الدولية بالانحياز السياسى خاصة وأن كافة الجرائم التى تنظرها المحكمة الآن تتعلق جميعها بقارة أفريقيا، فتنظر قضايا السودان ولبيبا والكونغو وأوغندا وجمهورية أفريقيا الوسطى وساحل العاج، رغم أن هناك العديد من الجرائم الدولية ترتكب فى كافة أنحاء العالم وتهدد السلم والأمن الدولية كجرائم القوات الأمريكية والبريطانية فى العراق، وجرائم الإسرائيليين بحق الشعب الفلسطينى، ومع ذلك لا تحرك المحكمة ساكنا.

وإذا كانت الجرائم الدولية الخطيرة على مستوى العالم والتى تختص بها المحكمة الجنائية الدولية هى جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجرائم العدوان، فإن جميع هذه الجرائم ترتكب من قبل القادة والجنود الاسرائيلين بحق الشعب الفلسطينى، والغريب فى الأمر أن مجلس الأمن لا يتحرك تجاه هذا الأمر رغم أنه تحرك فى ليبيا بعد 15 يوم فقط من حدوث الثورة الليبية، وهذا بالفعل يثير علامات استفهام حول دور مجلس الأمن فى حفظ السلم والأمن الدوليين وسيطرة دول كبرى على قراراته كأمريكا وروسيا وغيرها من الدول الدائمين، خاصة وأنه أحد من لهم الحق فى تحريك الدعوى أمام المحكمة الجنائية الدولية.

ويعد قرار المدعى العام مخالف للهدف التى أنشئت من أجله المحكمة الجنائية الدولية فهى أنشأت من أجل ألا تمر أخطر الجرائم التى تثير قلق المجتمع الدولى بأسره دون عقاب، وأن يكون هناك ضمان لمقاضاة مرتكبيها على نحو فعال من خلال تدابير تتخذ على الصعيد الوطنى، وكذلك من خلال تعزيز التعاون الدولى. وأن يوضع حد لإفلات مرتكبى هذه الجرائم من العقاب والإسهام بالتالى فى منع هذه الجرائم.

ويخالف كذلك هذا القرار مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وبخاصة المبدأ المتعلق بأن جميع الدول يجب أن تمتنع عن التهديد باستعمال القوة أو استعمالها ضد السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسى لأى دولة، أو على أى نحو لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة.

كما أننى أرى أنه إذا كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد ظلمت فلسطين بعدم الاعتراف بها كدولة فلا يجب للمحكمة الجنائية الدولية أن تظلم شعب هذا البلد وتتركه لجرائم الإبادة والقتل الجماعى المنظم التى ترتكب من قبل القوات الإسرائيلية، فالعدل يجب أن يتحقق لشعب فلسطين بغض النظر عن كونها دولة من عدمه، وإلا فتحنا الباب لارتكاب كافة الجرائم بحق أى أناس يتجمعون على أى شكل بخلاف شكل الدولة، وهذا مؤشر خطير، ومن المفروض أن يتحقق العدل للناس جميعا بغض النظر عن الشكل الذى يتجمعون فيه.

وأخيرا فإن الجمعية العامة للأمم المتحدة لها طبيعة سياسية وثقافية واجتماعية دولية، أما المحكمة الجنائية الدولية فهى جهة قضائية مستقلة لها هدف واحد وهو محاسبة كل من تسول له نفسه ارتكاب جريمة دولية، وعدم إفلاته من العقاب حتى يتحقق العدل على المستوى الدولى مما يسهام فى منع هذه الجرائم، لذا يجب على المدعى العام للمحكمة عدم الانسياق خلف الأهواء السياسية الدولية والانسياق فقط خلف تحقيق العدالة الدولية.





مشاركة




التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

eman

الشعب الفلسطينى رمز للصبر

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة