بعد الثورة وبعد انقشاع غمة القهر والفقر والنهب والفساد انتشرت شعارات رائعة بين الشباب تنادى بنبذ الاستهتار والحفاظ على رونق وجمال الوطن، فوزعت أوراقا على الناس من الشعب لأفراد الشعب تقول: من النهاردة مش هادفع رشوة.. من النهاردة هحافظ على نظافة بلدى وهأنضف بنفسى.. من النهاردة الثورة مستمرة من أجل الرقى.. من النهاردة سأتقن عملى.. من النهاردة مش هامشى فى الاتجاه المعاكس.. من النهاردة مش هاعطل الطريق.. من النهاردة مش هاشتغل بكسل.
ولكن ما لبثت الأمور أن تغيرت وأصبح كل شىء مباح كل استهتار متاح... فقد كنا عندما نسير فى الطريق ونجد شرطة المرافق تطارد الباعة الجائلين قبل الثورة نقول فى قرارة أنفسنا ما هذا الافتراء؟ اليوم بعد الثورة نجد أن الإزالة وشرطة المرافق ليس لها وجود.. فهل أصلحنا من أنفسنا هل نظمنا أنفسنا بأنفسنا لنثبت أننا شعب متحضر لا يسير بالكرباج والعنف فقط؟ بل إننا أصحاب أعظم ثورة فى العالم؟؟ لا بالعكس أن شوارعنا أصبحت الفوضى بعينها فالباعة الجائلون لا يرعون حرمة الطريق بل يفرشون بضائعهم على جانبى الطريق بل فى أرقى الطرق الرئيسية لا يسع الطريق سوى مرور سيارة واحد أن استطاعت أن تمر.. بل أصبحنا نستيقظ نجد أحدهم احتل الرصيف وأتى بمقاعد وموائد وبوتاجاز صغير وجعل من الرصيف مقهى أو محل للفاكهة كل ذلك يشعرك بالغيظ والاشمئزاز لهذا التحدى السافر.. ولا أحد يتحدث ولا رقابة وإن نصحه أحد بالتراجع والمحافظة على حرمة الطريق العام فتجده يغلظ صوته وبصوت أجش بلاش ناكل عيش ولا إيه؟ إحنا فى ثورة وكأن الثورة قلة أدب وسفالة وعدم احترام.
لقد أصبح يا سادة كل شىء مباح فقد شاهدت بعينى ضابط شرطة شاب محترم يفض نزاع بين اثنين من السائقين أحدهما سائق ميكروباص ليتحدث معه سائق الميكروباص بصوت مرتفع وقبيح يه إيه دى بلد بنت "...." ولفظ لفظ سىء فاندفعت وفى قمة ثورتى وقلت له البلد ليست كما تقول إنما أمثالك من الأغبياء هم النقطة السوداء فى هذا البلد وقد أمسكت به وكدت أن أفتك من شدة غيظى لولا تدخل المارة لأنه قبل الثورة عندما كان ينظر الضابط لأمثال هؤلاء كان من الممكن أن يتوسل إليه ويبكى ويتصنع البؤس والضعف والاستكانة خوفا من اعتقاله أو سحله والبركة فى قانون الطوارئ.
فهل يكون التعامل باحترام يكون مردوده السفالة وقلة الاحترام ؟
كل شىء أصبح العكس لماذا لا نثبت للعالم أننا شعب حضارى ينظم نفسه بنفسه ويحكم نفسه بنفسه فالثورة تجعلنا كالشاب الدمث الخلق والده يعامله كصديق، فيرد له تربيته بأخلاق كريمة وبر بوالديه فليس العنف والقهر هما الحل، فنحن بشر نفهم الغث والثمين ونفرق بينهم فلا بد أن نثبت جدارتنا بحاكم وحكومة تعاملنا معاملة حضارية ننبذ الفوضى والبلطجة والعنف ونتحمل مسئولية أشخاص راشدين حالمين بوطن متقدم يملأه الأمن والعلم والتقدم والرخاء وذلك لا يأتى إلا بجهد من الجميع وتكاتف المواطنين وتعاونهم على البر والتقوى ومراعاة ضمائرنا فى تعاملنا مع الوطن.. فاتقوا الله يجعل لكم مخرجا.
