"اليوم السابع" يلتقى بأطفال "الحجارة" فى قطاع غزة

الإثنين، 02 أبريل 2012 07:11 م
"اليوم السابع" يلتقى بأطفال "الحجارة" فى قطاع غزة أطفال الحجارة
رسالة غزة – نورا فخرى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ماذا تعرف عزيزى القارئ عن أطفال الحجارة؟ أظنك لا تعرف الكثير عما كنت أعرفه سابقاً وتناسيناه بفعل الزمن، أطفال فلسطين العُزل حاملو الحجارة فى وجه دبابات العدو الإسرائيلى ممن أضاءوا كالقناديل، وجاءوا كالبشارة قاوموا.. وانفجروا.. واستشهدوا كما وصفهم الشاعر نزار قبانى، هؤلاء الأطفال مرضى وأصحاء بحاجة إليك فهل من مجيب، لم تعد تعيش فى ظلال الاحتلال فقط بل يحاصرها إهمال الحكام "العرب" لهم.

ظلام دامس يعيش فيه أطفال الحجارة فى قطاع غزة مع غروب الشمس، وسط انقطاع الكهرباء من المستشفيات والمنازل والشوارع بسبب نقص "الغاز الطبيعى"، إلا من رحم ربى ووصل إليه عبر المولد الكهربائى، وهو ما نقله جميع المسؤلين للوفد البرلمانى المصرى فى رحلته لـ"القطاع"، ومع ذلك تجد أطفال غزة صامدون أقوياء لحد يدفع للبكاء على نفسك التى قد لا تصمد أمام صغائر المصائب، لا أزال أتذكر وجه محمود عبد الغنى- حفيد المجاهد أحمد ياسين – الذى استقبلنا بوجهه الصبوح، وصاحبنى فى جولة بالمنزل ليقف أمام كرسى مدولب داخل بيت زجاجى ليؤكد أن هذا هو الكرسى الذى استشهد جده عليه، قائلاً بابتسامة عريضة يملأها الشوق "أريد أن استشهد مثله".

عطا هانى الزعانيين، طفل فلسطينى آخر يبلغ من العمر 15 عاماً يخبرك كم أنت أفضل حالاً، عندما صعد المنبر بوزارة الأسرى والمحررين بقطاع غزة أثناء زيارة الوفد البرلمانى المصرى برئاسة الدكتور محمد السعيد إدريس، متحدثاً عن والده الأسير الذى اعتقل منذ ولادته متسائلاً "أستحلفكم بالله أن تخبرونى هل ذنبى أنى ولدت فلسطينياً لكى يحرمنى الاحتلال من والدى وزيارته وهو معتقل، هل هذا هو قدر أطفال فلطسين؟.. أريد أن أرى أبى"، ومع ذلك تجد الفلسطينيين صامدين أطفالاً ونساء ورجالاً.. ذلك يفسر العبارة التى صاحبتنا على مدار الزيارة التى استمرت على مدار 3 أيام للقطاع "ابتسم أنت فى غزة"، والتى كان ماجد الزبدة مسئول العلاقات العامة بالمجلس التشريعى حريصاً على استقبالنا بها دوماً وأبدا.

ومنذ أن وطأت قدم الوفد البرلمانى رفح الفلسطينية تولى "الزبدة" مسئولية تزويد الوفد بالمعلومات عن صمود غزة، راصداً لنا كافة معالم الخراب التى خلفها الاحتلال الإسرائيلى، بدءاً من قصف مآذن المساجد التى تجدها على طريقك، والتى أشار "الزبدة" إلى أنها كانت حرب عقائد، وأن إسرائيل كانت تتعمد قصف المساجد، بجانب المنازل التى ترصدها فى طريقك مثقوبة من فعل القصف ولا يزال يسكنها الأهالى على حالها، "الشجر قبل البشر" كانت السمة الرئيسية للاحتلال وفقا لما يؤكده "الزبدة"، موضحاً أن إسرائيل كانت تعمد إلى تجريف الأرض التى كانت تطأ قدمها فيها.

الوفد البرلمانى تحرك من القاهرة إلى غزة حاملاً 4 رسائل نقلها فى لقاءاته مع المسئولين الفلسطينيين، بدءاً من إسماعيل هنيه رئيس، رئيس الحكومة الفلسطينية الُمقال، مروراً بالوزراء ونائب رئيس المجلس التشريعى أحمد البحر ورئيس الداخلية ووزارة الأسرى والمحررين، تمثلت فى التأكيد على دعم خيار المقاومة، وعلى دعم المصالحة الفلسطينية والاستماع إلى كافة الفصائل الفلسطينية للوقوف على الأزمات التى يعانى منها القطاع، فى المقابل حرص الجانب الفلسطينى على التأكيد على أمرين هامين، أولهما تأييد جميع الفصائل للمصالحة الفلسطينية بما فيها فتح وحماس، معتبرين أن الانقسام يصب فى صالح "إسرائيل" وحدها، الأمر الثانى عبارة كررها عدد من المسئولين، ومفادها أن أمن مصر مقدس للفلسطينيين، وأنهم لا يقبلون بأن يكونوا حملاً على مصر ، تعليقاً على ما يردد على لسان بعض الساسة حول وجود "مؤامرة على مصر".

الوفد البرلمانى المصرى لم يلتق "حماس" و"فتح" سوياً إلا تحت قبة المجلس التشريعى الفلسطينى، حيث تخلفوا عن حضور لقاء الفصائل الفلسطينية الذى حملت فيه الفصائل إسرائيل المسئولية الكاملة عن أزمة الوقود التى يعانى منها قطاع غزة مؤخراً، فى الوقت الذى حملت فيه نظام المخلوع محمد حسنى مبارك المسئولية عن المشكلات الراهنة بتواطئه مع إسرائيل فى حصار قطاع غزة لسنوات.

ومن الرسائل السياسية بين الطرفين إلى أزمة الكهرباء بقطاع غزة، حيث انتقل الوفد البرلمانى لزيارة محطة توليد الكهرباء التى أصيبت قوتها بعجز وصل إلى 70%، أسفر عن انقطاع التيار الكهربائى نحو 18 ساعة على مدار اليوم مقابل 6 ساعات فقط إنارة، وفقا لما يؤكده الدكتور رفيق مليحة، المدير الفنى لمحطة الكهرباء بقطاع غزة، مشيراً إلى أن المحطة بحاجة إلى 700 ألف لتر سولار صناعى لتشغيل المحطة بشكل كامل.

إلا أن كنعان عبيد، وزير الكهرباء الفلسطينى فجر مفاجأه من العيار الثقيل، عندما كشف عن أتفاق جرى مع الجانب المصرى، ممثلاً فى وزارة البترول، على توصيل السولار إلى قطاع غزة عبر معبر رفح بالسعر الدولى، وهو ما يعادل ألف دولار للطن عليه أرسل الجانب الفلسطينى 2 مليون دولار، إلا أنهم فوجئوا باتصال من الجانب المصرى يطلب فيه منا إرسال خطاب مفاده المطالبة باستلام السولار عبر معبر كرم أبو سالم قائلا "معبر كرم أبو سالم استخدم فى "خنق" غزة طوال السنوات الماضية.

وأوضح كنعان، أن الجانب الفلسطينى مستعد لإرسال 4 ملايين دولار أخرى الآن لمصر مقابل السولار، لافتاً لخطورة الأوضاع فى القطاع، والتى تهدد الأطفال والشيوخ والنساء، علق عليه الدكتور خالد حنفى، وكيل لجنة الشئون العربية بمجلس الشعب، بقوله، "واضح أن القرار سياسى وسنضغط بكافة السبل لإدخال السولار إلى غزة"، اللافت للنظر أن أزمات غزة لا تنتهى، فهناك أزمة المياه التى اعترف فيها المسئولون عن أن المياه فيها لا تصلح للشرب، فهى مياه "مالحة" نتيجة ضغط الضخ لتوفير احتياجات القطاع.

لقاء وزير الداخلية الذى عقد بمدينة بيسان شمال غزة - على الحدود الإسرائيلية كان محملاً برسائل مباشرة وواضحة لدرجة أن الدكتور محمد السعيد إدريس، علق عليها بقولة تعودنا من وزراء الداخلية شيئاً آخر، ولم نسمع، سابقاً، كلاما واضحاً ومباشراً كهذا من أى وزير داخلية، يعرف من عدوه تحديداً وكيف يسلك طريقه".

مصعب طالب الجانب المصرى بشكل واضح بتقديم الدعم الكامل وتوفير كافه الإمكانيات التى من شأنها تثبيت أقدام "الفلسطينيين" لمواجهة إسرائيل بقوله "إذا أردتم أن يرزق الله مصر عزيزاً من أرضها فاتجهوا إلى الأقصى، ولا يتخوف البعض ويبدأ الحديث عن ترتيب الأوراق وترتيب أوضاع مصر الداخلية، فإذا رفعتم الرمح جاءتكم العزة، أعدوا ما استطعتم من الجيوش لتحرير الأقصى".

بدا أبو مصعب واثق الخطى غير عابئ بغضب أمريكا وإسرائيل، حيث قال بكل وضوح نريد أن نؤسس مع العرب والمسلمين لخلافة قادمة تقود الأرض لتمتد الدعوة ويكون الدين لله سبحانه، مضيفاً "هناك من يقول لا تتحدثوا عن الخلافة حتى لا تُثيروا غضب أمريكا، إلا أنه فى غضب أمريكا نصرنا، ويجب أن نقف أمامهم بالوحدة وتطبيق الإسلام".

ومن أعلى المبنى التابع لوزارة الداخلية بمدينة على الحدود الفاصلة بين غزة والاحتلال، وقف وزير الداخلية متحدثاً بفخر عن صمود أهل غزة والمعارك التى خاضوها لتحرير القطاع، قائلاً "إننا نقف على أرض حرة بأيد المجاهدين الفلسطينيين".

وأنهى الوفد البرلمانى زيارته الرسمية إلى القطاع بالمشاركة فى مسيرة القدس بذكرى يوم الأرض فى وجود الآلاف الفلسطنييين، وألقى فيها إدريس كلمة الوفد موجها رسالة للقادة العرب بقولة "شرعيتكم تبدأ من هنا"، والتى سبقها أداء صلاه الجمعة بمسجد الشاطئ، حيث أم فيها المصلون إسماعيل هنية، وخطب فيهم النائب أحمد الشريف عن حزب النور.

الساعات الأخيرة قضاها الوفد البرلمانى بمخيم الشاطئ داخل منزل إسماعيل هنية، الذى يقع بمخيم الشاطئ، بلا حراسات مشددة كما تراها فى مصر لتصاحب "الحكومة والوزراء" يجاور أهالى القطاع مثله مثلهم، وأخذنا فى جولة للمنازل المجاورة له للقاء أهالى الشهداء والمصابين، واستوقفنا أطفال المخيم الذين يمنحون بابتساماتهم قوة لذويهم، وسأل الدكتور خالد حنفى، وكيل لجنة الشئون العربية وعدد من زملائى الصحفيين مداعباً أحد الأطفال، وكانت بنتا، قائلاً "تعرفى مصر" فردت بقولها "نعم"، فتابعها "طيب مصر فيها كام هرم"، فردت اثنين، فضحك الجميع وعلق هنية قائلاً "لقد أجابت إجابة صحيحة،لأن الهرم الثالث سقط" فى إشارة للرئيس المخلوع محمد حسنى مبارك، فضحك الجميع، وودع الوفد هنية على أمل فى لقاء آخر يجمع جميع العرب فى القدس.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة