قالت مجلة "ويكلى ستاندارد" الأمريكية إن صندوق النقد الدولى سيعقد اجتماعه السنوى فى واشنطن هذا الأسبوع، وعلى الرغم من أن الصندوق يتعامل مع الكثير من المشكلات بدءا من الاقتصاديات الأوروبية التى تواجه الفشل وحتى ارتفاع معدلات القتل فى أمريكا الوسطى، لكن من بين كل المشكلات التى تدخل ضمن نطاق صندوق النقد الدولى، فإن التدهور الاقتصادى المستمر فى مصر هو الأكثر حدة. فمقارنة مع المشكلات الأوروبية، يعد الانهيار الاقتصادى المصرى غير ذى صلة نسبيا، ومع ذلك، فإن الآثار الإقليمية له يمكن أن تكون عميقة.
وعلى الرغم من أن مصر ليست على جدول أعمال اجتماع الصندوق، إلا أن أزمتها ستلقى بظلالها على المؤتمر.
ويقول ديفيد سشينكر، مدير برنامج فكرة للسياسات العربية فى معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، إن الاهتمام بأزمة مصر له ما يبرره، فمن المهم أن يكون هناك استقرار فى مصر التى يبلغ سكانها 83 مليون نسمة وتوجد بها قناة السويس وموقعة على معاهدة سلام مع إسرائيل. واعترافا بذلك، أمضى صندوق النقد الدولى العام الماضى يحاول إقناع مصر التى تعانى ماديا بقبول قرض بثلاثة مليارات دولار، وعلى الرغم من النوايا الطيبة، كما يقول الكاتب، فإن برنامج القرض فى أغلبة إجراء مؤقت.
ويتابع الكاتب قائلا إن الموقف فى مصر وخيم على نحو متزايد، فعدم اليقين السياسى وغياب الأمن أبعد السائحين والمستثمرين على حد سواء ، كما عانت رءوس الأموال المحلية ومع ارتفاع معدلات البطالة والتضخم، فإن ثقة المستهلك تتراجع والمزاج عنيد. ففى مارس الماضى، قال 88 % من المشاركين فى استطلاع للرأى إنهم متشائمون للغاية بشأن مستقبل مصر، وهى زيادة كبيرة عن الشهر الذى سبقه حيث كانت النسبة 11%.
ويمضى التقرير فى القول إن النقص فى السيولة وقلة موارد الاحتياطى النقدى، فإن مصر تقترض من البنوك المحلية بمعدلات فائدة تتجاوز 15% للمساعدة على تغطية العجز فى ميزانيتها الذى يصل إلى 23 مليار دولار. كما أنها اقترضت مليار دولار من المؤسسة العسكرية، كما تطلع المجلس العكرى لمساعدات خارجية، وقالت جهات خارجية مثل السعوية التى قدمت مليار دولار، إنه ستوفى بتعهدها بالتربع بحوالى 2.75 مليار دولار.
أما بالنسبة للمؤسسات الغربية المقرضة، فإن الشعبوية والسياسات المصرية جعلا أموالهم غير قابلة للمس فزاد رفض المصريين للمساعدات الأمريكية، وعارض الإخوان المسلمون الحصول على قرض صندوق النقد مع وجود حكومة مؤقتة فى السلطة، وهو الأمر الذى كان أشبه بفيتو فعال على قرض الصندوق الذى يتطلب دعما شعبيا واسعا للحصول على القرض.
وألمح حزب الحرية والعدالة إلى أنه سيسقط معارضته للقرض بعد الانتخابات الرئاسية وتشكيل الحكومة الجديدة، لكن هذا وحده لن يحل مشكلات مصر، فللمضى قدما، سيكون الأساس هو استعادة الثقة الداخلية والدولية فى الاقتصاد المصرى، وهو أمر لا يستهان به فى ظل البيئة الاقتصادية المتقلبة.
ويشير الكاتب إلى هناك أمور تؤثر على الوضع الاقتصادى فى مصر إلى جانب مخاوف المستثمرين الأجانب وصناع السياحة، منها التغييرات الاجتماعية التى يقول الإسلاميون إنهم ينوون إدخالها، كمنع الكحوليات والبكينيى الذى سيشل السياحة الغربية فى سيناء.
ويرى التقرير أن جماعة الإخوان المسلمين يمكن أن تؤجل، لأغراض براجماتية، تطبيق الشريعة حتى يسترد الاقتصاد عافيته، كما أنه من المتصور أن يتجاهل المستثمرون تشريعات اجتماعية قمعية ويستثمرون إذا كانت البيئة التنظيمية سليمة. فمصر رغم كل شىء تقدم للمستثمرين طاقة عمل شابة كبيرة إلى جانب تزايد الطبقة الاستهلاكية.
لكن رغم كل ذلك، فإن حالة عدم اليقين وانعدام الأمن تبقى المستثمرين بعيدا، فى حين لا يمتلك الإخوان الكثير ليفعلوه حيال الوضع الأمنى، فإن أخطاء الإسلاميين يمكن أن تؤدى إلى تفاقم المصاعب الاقتصادية. وإذا تحرك الإسلاميون بسرعة كبيرة فى متابعة أجندتهم الدينية، ويدخلون فى مواجهة مع الجيش وأثاروا غضب العلمانيين والأقباط، أو أغضبوا الغرب بالتعصب فى الداخل، فإن مصر ستظل دولة فى حالة ثورة، ولن تعود إلى الحياة السياسية الطبيعية ولا إلى الاستقرار الاقتصادى.
ويشدد الكاتب على أن الإخوان المسلمين لديهم الكثير ليثبتوه فى مصر، لكن واشنطن لديها الكثير لتستثمره فى نجاح الإسلاميين، وكانت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية قد قالت الشهر الماضى إن واشنطن ملتزمة بضمان استقرار مصر المالى والاقتصادى، إلا أنه ليس من الواضح تحديدا مدى استمرار الالتزام الأمريكى فى حل وجود سياسات قمعية غير ليبرالية فى القاهرة. فمن غير المرجح أن تسعى واشنطن لإنقاذ مصر إلى أجل غير مسمى.
مجلة أمريكية: أزمة مصر الاقتصادية تلقى بظلالها على الاجتماع السنوى لصندوق النقد
الأربعاء، 18 أبريل 2012 01:23 م
كريستين لاجارد مديرة صندوق النقد الدولى