مثلما كان عبدالحليم قنديل وإبراهيم عيسى وعلاء الأسوانى فى طليعة من قالوا «للأعور يا أعور فى عينه» فى عز جبروت المخلوع قبل 25 يناير، كان الشيخ حازم فى مقدمة من وقفوا للمجلس العسكرى بالمرصاد فى عز قيادته للثورة المضادة! لم يعرف الرجل اللون الرمادى ولم يمسك العصا من المنتصف واحترف أن يقول الحق عند سلطان جائر. من هنا احترمناه جميعاً صوتاً ثورياً يغرد خارج السرب، لكن الاحترام لم يمنع اختلاف غيورين على مستقبل هذا الوطن وهويته المدنية مع الشيخ اختلافاً جذرياً لا مساومة فيه ولا مهادنة، فرغم أن البرنامج السياسى للشيخ يتضمن نقاطاً مضيئة من نوعية الاهتمام بالفقراء وتعظيم قدر الجيش والرؤية الشاملة للدولة، لكنها تبقى مجرد عناوين عريضة تفتقر إلى التفاصيل والأهم تأكيد الشيخ أنه إذا وصل إلى كرسى الرئاسة فإن من أوائل ما سيقوم به وضع قانون فورى يلزم النساء بارتداء زى موحد فضلاً عن منع السياح من ارتداء المايوهات على الشواطئ!
المشكلة فى هذا النوع من التفكير أنه يختزل مشاكل الشعب فى امرأة حاسرة الرأس ويتجاهل مدن العشوائيات وذل الفقر وطوابير البطالة والملايين من ضحايا فيروس سى.
فى بلد يشرب سكانه مياه المجارى ويرتشى الموظف لكى ينفق على الدروس الخصوصية لأبنائه ويتسول أمين الشرطة لكى يعود بكيس فاكهة لأم العيال، يصبح الحديث عن تدين الناس رفاهية لا نملكها وترفاً لا نقدر عليه فى ترتيب الأولويات!
وبصرف النظر عن القرار النهائى للجنة العليا للانتخابات الرئاسية بشأن استبعاد الشيخ، فإنه مطالب بأن يتحلى بالمزيد من الهدوء والحكمة والتعقل، وألا يسبق غضبه حلمه فيشعل حريقاً لا يليق برجل يسعى إلى مصالح البلاد والعباد! ليس فى حمل السيدة والدة الشيخ للجنسية الأمريكية ما يشينه، ولكن الذى يشينه حقه أن تأخذه العزة بالإثم فيصر -مثل دون كيشوت- على مبارزة طواحين الهواء!
حلمك أيها الشيخ المحترم، صاحب الأدب الرفيع والرقة والدماثة، تمهل قليلاً وألجم خيول غضبك، ولتتذكر أن المصريين أهل دين وتدين منذ آلاف السنين، فنحن لن نتعرف على الإسلام الآن ولا يصح أن تُكره الناس على الالتزام بسلطان القوة، فهذا لن ينتج سوى منافقين مرتعشين، ولتضع يدك فى يد القوى الوطنية التى تريد مصر بلداً ديمقراطياً مدنياً حديثاً يقوم على تداول السلطة والمواطنة فلا فرق بين مسيحى ومسلم أمام القانون علماً بأن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع مع حق أبناء الديانات الأخرى فى الاحتكام لشرائعهم.