فى ماراثون الرئاسة بفرنسا..

هولاند "الغامض" الأقرب لهزيمة ساركوزى.. والجالية المسلمة تتجه لتأييده

الثلاثاء، 17 أبريل 2012 02:03 م
هولاند "الغامض" الأقرب لهزيمة ساركوزى.. والجالية المسلمة تتجه لتأييده فرانسوا هولاند المرشح الرئاسى بفرنسا
كتبت ريم عبد الحميد وإنجى مجدى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مع اقتراب موعد إجراء الانتخابات الرئاسية فى فرنسا فى 22 إبريل الجارى، انحصرت رحى المنافسة بين الرئيس الفرنسى المنتهية ولايته، نيكولا ساركوزى، وبين المرشح الاشتراكى فرانسوا هولاند، وأخذا يسعيان إلى إثبات جدارتهما فى إدارة شئون البلاد الداخلية والخارجية، لاسيما القضايا الداخلية المتعلقة بالاقتصاد وبالجالية المسلمة، أكبر جاليات أوروبا، والخارجية المتعلقة بانسحاب فرنسا من حرب أفغانستان دون انتظار الولايات المتحدة.

"على الرغم من هدوئه، إلا أنه يمثل تهديدا حقيقيا للرئيس نيكولا ساركوزى".. هكذا تحدثت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية عن المرشح الاشتراكى فى الانتخابات الرئاسية الفرنسية فرانسوا هولاند، والذى يعد أبرز منافسى ساركوزى فى الانتخابات بحكم التقاليد الفرنسية التى تجعل السباق الرئاسى محصورا بين اليمين واليسار الذى يتوق للعودة على السلطة بعد غياب أكثر من 20 عاما.

لكن هذا ليس وحده السبب الذى يجعل هولاند منافسا قويا، بل هو شخصية مثيرة للجدل وغامضة وهى سمة تجذب الناخبين عادة، ولديه من الأساليب ما قد يجعل ساركوزى يواجه هزيمة فى جولة الإعادة، حيث ترجح استطلاعات الرأى أن تلك الجولة، التى تتم بين المرشحين اللذين حصلا على أعلى نسبة من الأصوات فى المرحلة الأولى، ستكون بين كليهما، وربما يفوز هولاند.

ولأن الفرنسيين على ما يبدو قد ملوا من شخصية ساركوزى الذى طغت أخباره الشخصية هو وزوجته كارلا برونى عن سياسته وخطته الاقتصادية، فإنهم يبحثون عن بديل له. وإذا كان لساركوزى نقيض، فلا يمكن أن يكون إلا هولاند، حسبما تقول وكالة الأنباء الفرنسية، لأنه يختلف عن الرئيس المنتهية ولايته فى كل شىء، فضلا عن الاختلاف السياسى بينهما، فهولاند رجل بشوش يسعى دائمًا إلى الإجماع ومثابر، فى حين يتهمه منتقدوه بالتردد وعدم الخبرة.

والغريب أن تلك الانتقادات تأتيه من كل صوب، بل هو أكثر المرشحين الأوفر حظا، الذين تعرضوا لانتقادات فى تاريخ السياسة. فقد سخر منه ساركوزى، وقال إنه شخص ناعم غير حاسم ونخبوى وكاذب. وسخر منه اليسار المتشدد وقالوا عنه إن اشتراكى مزيف أو الأسوأ أنه "بليرى"، نسبة إلى تونى بلير رئيس الحكومة البريطانية الأسبق. بل وتعرض لانتقادات من داخل معسكره لفشله فى إحداث حالة من الشغف أو الحماس.

لكن برغم ذلك يؤكد هولاند البالغ من العمر 57 سنة، أنه سيكون الرجل القادر على تغيير البلاد.. ويفعل ذلك بهدوء، لمرشحين الآخرين يدخلون إلى مسيراتهم الانتخابية بشكل مثير يستخدمون الإضاءة والموسيقى مثل أبطال الملاكمة، لكن هولاند يدخل إلى المنصة فى هدوء مثل مدير مدرسة يلقى خطبة الصباح.

هولاند، الذى ربما يكون رئيس فرنسا فى غضون شهر، يحب أن يفعل كل شىء فى هدوء. حتى إنه يصرخ بهدوء.. ففى مسيرة انتخابية كبيرة فى منطقة بيزانسون فى شرق فرنسا، قال بهدوء "أنا مستعد.. مستعد لأكون رئيس فرنسا، أنا مستعد لتغيير بلادنا.

وتقول الإندبندنت إن هولاند، وهو الشريك السابق لسيجولين رويال، منافسة ساركوزى الاشتراكية فى الانتخابات الماضية، ربما يفوز لكن كلمة التحول غير معهودة على الإطلاق من جانب المرشح الاشتراكى الحذر خاصة مع غموض برنامجه الانتخابى.

أما عن مواقفه، فهى تنبئ بتغيير كبير فى الداخل والخارج.. داخليا، يقول إن الديمقراطية الفرنسية العريقة أساء إليها رئيس أفرط فى ممارسته للحكم بعنف ولا يستطيع ضمان مستقبل لشبابها، ويقول إنه يريد أن يكون "رئيساً عادياً" حيث إن الرئاسة بالنسبة إليه قضية رموز. وفى الاقتصاد، أكد هولاند قبل عشرة أيام من الجولة الأولى على عزمه الإمساك بزمام المالية وضبط الميزانية مذكرا بفترة حكم خصمه نيكولا ساركوزى المتسمة بزيادة العجز التجارى وفقدان درجة "إيه إيه إيه" فى التصنيف الائتمانى. وهو ما دفع الأخير إلى التحذير من أن فوز منافسه الاشتراكى سيؤدى إلى أزمة ثقة من شأنها أن تؤدى إلى تركيع فرنسا.

أما عن مواقفه من المسلمين، فهى، تتسم بقدر من الغموض، لكن المصادفة جاءت فى صالحه. فعندما وقعت هجمات تولوز الشهر الماضى والتى استهدفت مدرسة يهودية وقتل خلالها أربعة أشخاص، شن وقتها الرئيس ساركوزى حملة اعتبرت هجوما على المسلمين، جعلهم يتجهون لتأييد هولاند، والمعروف أن المسلمين فى فرنسا ليسوا بنسبة صغيرة بل إن أكبر جالية مسلمة فى أوروبا موجودة فى فرنسا.

أما خارجيا، فلعل أبرز اتجاهات هولاند وضوحا يتجلى فى رفضه الصريح لانضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبى، وقال إن هذا الأمر لن يحدث إذا أصبح رئيسا للبلاد.

من ناحية أخرى، فإن الأهم الأمر الذى يدل على أنه لن يكون شريكا سهلا لأمريكا، هو ما أعلنه من أن يسحب قوات بلاده من أفغانستان فورا دون أن ينتظر الموعد الذى حدده حلف الأطلنطى لذلك فى أواخر عام 2014، بما يعنى أن فرنسا ربما ستعود فى ظل رئاسته إلى الاستقلال نوعا ما عن أمريكا فى سياساتها العالمية.

وعن شخصيته، معروف عن هولاند أنه يتسم بالحياء ولا يتحدث عن جروحه وعائلته، ولا عن أبيه الطبيب العنيف المزاج والقريب من تيار أقصى اليمين، ولا عن أمه التى كانت مساعدة اجتماعية تميل إلى اليسار والتى أثرت فيه وفاتها سنة 2009 عندما كان يمر بمرحلة فراغ سياسى بعد التنحى عن قيادة الحزب الاشتراكى.


أما الرئيس الفرنسى المنتهية ولايته نيكولا ساركوزى، مرشح حزب يمين الوسط "الاتحاد من أجل حركة شعبية"، فيطمح للبقاء فى قصر الإليزيه لفترة ولاية ثانية وسط فيض من التحديات على رأسها الأزمة المالية التى تجتاح منطقة اليورو.

ويبدو أن ساركوزى اعتاد مواجهة مرشحى الحزب الاشتراكى فى جولاته الانتخابية، فبينما جاء إلى السلطة عام 2007 بعد فوزه على مرشحة الحزب الاشتراكى سيجولين رويال بفارق 6 نقاط فقط، يقف فرنسوا هولاند، مرشح الحزب الاشتراكى، منافسا رئيسيا له فى 2012.

وتطارد الأزمة الاقتصادية ساركوزى وغيره من المرشحين لرئاسة فرنسا، وقد خفضت مؤسسة ستاندرز أند بورز التصنيف الائتمانى لفرنسا كما يشعر الناخبون الفرنسيون بالقلق إزاء ارتفاع معدلات البطالة.

وخلال فترة ولايته، حظر ساركوزى ارتداء النقاب بالأماكن العامة بفرنسا، وشنت الحكومة الفرنسية منذ أواخر الشهر الماضى حملة ضد المتشددين الإسلاميين فى البلاد عقب حادث تولوز الذى قتل فيه محمد مراح سبعة أشخاص، وتم القبض على 30 إسلاميا أصوليا وطرد 10 آخرين فى أعقاب الحادث، بما يمثل بادرة غير مريحة للجالية المسلمة فى فرنسا.

صحيفة الديلى تليجراف البريطانية أشارت إلى أن الإسلام يمثل موضوعا مركزيا فى معركة الرئاسة بفرنسا، إذ برزت المخاوف من الأصولية الإسلامية كواحدة من القضايا الأمنية الرئيسية فى حملة الانتخابات الرئاسية. وتؤكد حملة ساركوزى أنه يتعامل بقسوة مع المتطرفين الذين يمثلون خطرا على البلاد، بينما يشير خصومه إلى أن إثارة الخوف من الأصوليين الإسلاميين ليس سوى وسيلة مريحة للغاية للظهور كرئيس قوى وديناميكى، والمثير للسخرية – وفقا لمعارضى ساركوزى- إن هذا البلد الذى يفتخر كثيرا بدعم القيم العلمانية، يتخذ قضية الدين، وعلى وجه التحديد الإسلام، مركز الصدارة فى الحملة الانتخابية، كما يكثر الحديث عن الهجرة والأمن والأصولية.

وعلى مستوى السياسة الخارجية تعد الحملة الدولية التى قادتها فرنسا ضد العقيد الليبى الراحل معمر القذافى خلال الانتفاضة فى ليبيا عام 2011 أبرز بصمات ساركوزى. كما أنه قام بزيارة للهند فى 2010 وأيد منحها العضوية الدائمة بمجلس الأمن الدولى. وكثيرا ما واجه الاستهجان لانحنائه أكثر من اللازم للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل داخل الاتحاد الأوروبى.

وقد تعرض الرئيس المنتهية ولايته لانتقادات بسبب سعيه لخطب ود اليمين المتطرف وإهمال الجالية المسلمة بفرنسا، كما أطلق عليه منتقدوه "الموالى للأغنياء". وقد أراد ساركوزى الحد من الهجرة إلى فرنسا من 180 ألف إلى 100 ألف سنويا، واعتماد تدابير التقشف وخلق ضرائب جديدة لخفض العجز العام.

ومن أكثر المواقف السياسية المحرجة التى تعرض لها ساركوزى هو وصفه للرئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو بأنه "شخص كاذب"، ففى نوفمبر من العام الماضى خلال قمة مجموعة العشرين قال الرئيس الفرنسى فى محادثة خاصة مع نظيره الأمريكى: "لم أعد أستطيع أن أراه، إنه كذاب"، إذ كان الحديث يدور حول نتنياهو، وقد سمع بعض الصحفيين المحادثة بالصدفة إذ لم يكن الرئيس الفرنسى يعلم أن جهاز الميكروفون يعمل. وقد رد عليه أوباما وقتها قائلا: "يبدو أنك سئمت التعامل معه، أما أنا فعلى التعامل معه كل يوم". وبينما لم تشر وسائل الإعلام إلى الموضوع لعدة أيام كى لا تتسبب فى إحراج ساركوزى، لكن مراسل صحيفة "لوموند" أشار إلى الحادثة دون تفصيل. غير أن وسائل الإعلام الإسرائيلية نقلت المحادثة كاملة.

وقد تعرض ساركوزى لانتقاد علنى من الرئيس السابق جاك شيراك فى مذكراته وقد وصفه بأنه "يعكر المزاج ولديه ثقة مفرطة بالنفس ومتهور".





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة