أصبح الشارع المصرى منذ ثورة يناير المجيدة، مشحونًا بدرجة كبيرة بعدما اختلطت العديد من الأوراق، أدت إلى وجود فجوة بين القرارات التى تصدر عن المسئولين وتطلعات أفراد الشعب، ولعبت الرياضة دورًا مؤثرًا فى تحريك الشارع السياسى، ودفع المد الثورى تجاه ميدان التحرير وشارع منصور ومجلس الشعب ودار القضاء العالى.
كانت روابط الألتراس التابعة للأندية الشعبية، حلقة الوصل بين الشارعين السياسى والرياضى، فأدت إلى خلط الأوراق بينهما، إلا أن تلك الجماهير رفضت التحالف مع القوى الثورية الأخرى، مثل حركة شباب 6 إبريل، وظهر الخلاف بين الطرفين عقب مذبحة بورسعيد والتى راح ضحيتها العشرات من جماهير ألتراس أهلاوى، عندما رفضت الرابطة أن يتم استخدامها من قبل 6 إبريل لتسييس قضية الشهداء.
ظهر الارتباط الكبير بين الرياضة والسياسة عقب القرارات التى أصدرتها اللجنة المؤقتة التى تدير اتحاد الكرة برئاسة أنور صالح، ضد النادى المصرى وستاد بورسعيد على خلفية الأحداث التى شهدتها مباراة فريق المحافظة الساحلية مع النادى الأهلى مطلع فبراير الماضى.
جاءت القرارت غير مرضية للطرفين وأدت إلى اشتعال الشارع البورسعيدى بمظاهرات غضب عارمة اجتاحت المدينة الساحلية، للتنديد بالعقوبة التى تضمنت تجميد المصرى موسمين، وستاد المحافظة ثلاثة مواسم، بالإضافة إلى فتح الباب لإعارة لاعبى الفريق إلى الأندية الأخرى، وهو ما اعتبرته الجماهير هناك تجميدًا للمحافظة التى تتنفس كرة القدم، مطالبين بتخفيف تلك العقوبة التى ذبحت النادى وجماهيره، معللين ذلك الطلب بأن ما حدث كان مؤامرة على بورسعيد من جانب أفراد لا تنتمى إلى المحافظة أو جماهير النادى.
تطور الأمر بشكل كبير على شواطئ قناة السويس، حيث حاول بعض الأفراد اقتحام مبنى هيئة قناة السويس، للضغط على المسئولين للتدخل وتخفيف العقوبة، وحدثت اشتباكات عنيفة بين قوات الأمن والمقتحمين.
فى المقابل، رفضت رابطة ألتراس أهلاوى تلك العقوبات التى وصفتها بالهزيلة، وهددت بإثارة الفوضى فى بيان أصدرته عبر صفحتها على موقع التواصل الإجتماعى "فيس بوك"، أكدوا فيه أن "زمن العقل انتهى"، وتعد تبعيات هذا القرار هى الأعنف التى شهدتها البلاد فى الفترة الأخيرة، منذ قيام الثورة التى يحاول الجميع أن ينهش منها ويجهضها منذ أكثر من عام حتى الآن.
ولا زالت جماهير ألتراس أهلاوى معتصمة حتى الآن، أمام مقر مجلس الشعب للمطالبة بحقوق ضحايا مجزرة بورسعيد، ويبدو أن الأمر فى طريقه للتصعيد من جانب تلك الجماهير.
وظهرت بوادر الخلط بين السياسية والرياضة منذ الموسم الماضى، عندما نزلت جماهيرالاتحاد السكندرى إلى شوارع الثغر بأعداد غفيرة للتنديد بهبوط فريقها لدورى القسم الثانى، وهو ما أدى إلى اتخاذ الجبلاية قرار سياسى بإلغاء الهبوط فى الموسم الماضى، وتسبب فى اشتعال الفتيل وإشعار الجماهير بقوتهم فى إجبار المسئولين على اتخاذ قرارات لصالحهم.
كما شهد الموسم الماضى اشتباكات عنيفة بين جماهير الأهلى والزمالك من ناحية، وقوات الشرطة من ناحية أخرى، وقامت جماهير القطبين بتأليف أغنيات يرددوها خلال مباريات الفريقين، تنتقد أداء الجهات الأمنية بشدة وتصفها بأبشع الصفات انتقامًا منهم على الإهانات التى كانوا يتعرضون لها قبل قيام ثورة 25 يناير.
حرصت رابطة ألتراس أهلاوى على ترديد أغنية "قلناها زمان للمستبد.. الحرية جاية لابد.. يا نظام غبى افهم بقى مطلبى.. حرية حرية" وانتشرت الأغنية بشكل كبير وانتقلت من مدرجات الثالثة شمال "موطن" ألتراس أهلاوى إلى مختلف الشباب عبر موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك"، وأدت إلى زيادة الاحتقان بين أفراد الشرطة والشباب.
ووصل الأمر إلى مطالبة جماهير الألتراس بإقامة ثورة جديدة، للإطاحة بالنظام الحالى على خلفية أحداث بورسعيد، والتى ظهرت عبر اللافتات التى رفعوها خلال الاعتصام أمام مجلس الشعب والتى جاءت أبرزها كالتالى: "الثورة مستمرة"، "يسقط يسقط حكم العسكر"، "لا للاستهانة باسترجاع حق الشهداء"، "احذروا من قلوب رأت الموت"، فى إشارة إلى استمرارهم فى هذا الطريق، حتى استعادة حقوق زملائهم، بالإضافة إلى حق شهداء ثورة 25 يناير.
وردًا على تلك الإهانات التى تعرضت لها الجهات الأمنية، أعلنت وزارة الداخلية رفضها القاطع لتأمين أى مباريات بالقاهرة، بما فيها اللقاءات الودية، وتمسكت بمعايير مبالغ فيها لتأمين المباريات، وأدى ذلك إلى نقل معسكرات المنتخب الوطنى والأهلى والزمالك إلى خارج القاهرة فترات طويلة، فضلا عن إلغاء الدورة التنشيطية الودية التى أعلنت عن إقامتها الجبلاية أواخر مارس الماضى، إلا أنها ألغيت لأسباب أمنية، إلى جانب العديد من الأنشطة الرياضية بالبلاد التى تم إلغاءها لنفس الأسباب، وهو ما أدى إلى تجميد الرياضيين ويهدد بالقضاء على جيل كامل من اللاعبين فى مختلف الألعاب، فى حالة استمرار عملية التجميد.
تقرير: لعبة "الكراسى الموسيقية" بين الرياضة والأمن تهدد جيلا كاملا من اللاعبين
الثلاثاء، 17 أبريل 2012 08:00 ص
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة