فى الوقت الذى أعربت فيه دول مجلس التعاون الخليجى الست عن استيائها واستنكارها الشديد لزيارة الرئيس الإيرانى أحمدى نجاد الأربعاء الماضى، إلى جزيرة أبو موسى المتنازع عليها مع الإمارات، ليشعل بذلك صراعا دام لأكثر من 40 عاما، يبرز سؤالا مهما تدور إجابته حول حقيقة النزاع التاريخى حول هذه الجزر المتنازع عليها بين الطرفين.
الجزر الثلاث المتنازع عليها بين دولتى الإمارات وإيران هى أبو موسى، وطنب الكبرى، وطنب الصغرى، وكانت تحتلها قوات بريطانية انسحبت منها عام 1971، لتدخلها القوات الإيرانية، وتبقى فيها منذ ذلك الحين، إذ تزعم طهران أن تبعية الجزر تعود لها، بينما تؤكد الإمارات أحقيتها فى الجزر.
وجاءت السيطرة الإيرانية على الجزر فى عام 1971، أى قبل فترة قصيرة من استقلال سبع إمارات (أبو ظبى، ودبى، والشارقة، وعجمان، ورأس الخيمة، وأم القيوين، والفجيرة) عن بريطانيا، واتحادها معا فى دولة الإمارات العربية المتحدة.
والموقف المعلن الدائم للإمارات هو حث طهران على التفاوض، أو قبول إحالة النزاع إلى محكمة العدل الدولية فى لاهاى، بينما تصر إيران على أن سيادتها على الجزر ليست محل نقاش، وتدعو الطرف الإماراتى إلى "تفهم الموقف".
وعادة ما تحمل المناطق المتنازع عليها أهمية معينة، إما إستراتيجية أو مجرد كونها غنية بالموارد الطبيعية، أو تعطى زخما حدوديا لدولة ما، فما هى الحال بالنسبة للجزر الثلاث.
فى هذا الصدد، قال الدكتور عادل عبد الله، الباحث السياسى البحرينى، لـ"اليوم السابع" إن طبيعة إيران القفز إلى الأمام دائما لتأزيم المشهد السياسى خاصة أن طهران تشعر أن هناك تحالفا دوليا خليجيا عليها وأن رأس الحربة فى هذا التحالف هى دول الخليج.
وأوضح عبد الله أن النزاع بين طهران وأبو ظبى على جزر أبو موسى ليس وليد اليوم ولكن زيارة الرئيس الإيرانى أحمدى نجاد لهذه الجزر يوم الأربعاء الماضى، جاءت كمحاولة استفزازية لدول الخليج بهدف الالتفاف على البرنامج النووى الإيرانى بالإضافة إلى العقوبات الاقتصادية التى فرضها الاتحاد الأوروبى على إيران بشأن هذا البرنامج.
وبخصوص اجتماع مجلس التعاون الخليجى المنعقد اليوم بالدوحة لمناقشة تلك الأزمة، أوضح المحلل السياسى عادل عبد الله الذى يشغل منصب المستشار السياسى للأمين العام لمجلس التعاون الخليجى أن الإمارات دعت لهذا الاجتماع على مستوى وزراء الخارجية العرب بشكل طارئ لبحث الأزمة، بالإضافة إلى طلبها تحريك الملف إلى المحكمة الدولية لتدويل القضية وتعزيز العقوبات الاقتصادية على إيران.
وفى هذا الشأن قال دكتور محمد عباس ناجى، خبير فى الشأن الإيرانى بمركز الأهرام للدراسات السياسية، لـ"اليوم السابع" إنها خطوة متعمدة من جانب إيران لتوجيه رسائل من أكثر من اتجاه.
أولا: الرد على محاولات أو احتمال اتجاه دول مجلس التعاون الخليجى للدخول فى اتفاقيات مع الولايات المتحدة الأمريكية لتأسيس درع صاروخى خليجى أمريكى لصد الصواريخ الإيرانية المحتملة.
وثانيا: توجيه رسالة للإمارات إثر قيامها بصفقة شراء صواريخ من الولايات المتحدة الأمريكية وإيران اعتبرت أنها موجهة إليها.
وقال إن زيارة نجاد جاءت فى لحظة قبل اجتماع إيران مع دول 5+1 لاستئناف مفاوضاتها النووية فى اسطنبول وأرادت إيران بذلك أن توصل رسالة فحواها "لا تنازل عن حقوقها التاريخية".
وأخيرا محاولة لتوجيه إيران للرأى العام الداخلى عن المشاكل الاقتصادية التى تسببت العقوبات فيها، ولإثارة المشاعر.
وقال إن الأمر لن يصل إلى حد الصدام بين إيران والإمارات لأنه ليس من مصلحة إيران أو الإمارات، ورد الإمارات كان متوقعا، وإيران رغم رسائلها المتشددة مع الإمارات إلا أنها لن تصل إلى مواجهة أو صدام.
ورأت دكتورة مروة وحيد، خبير فى الشئون الإيرانية والخليجية وعضو الشبكة الإقليمية لمراكز الدراسات الإستراتيجية بواشنطن، أن زيارة نجاد لأبو موسى استفزازية لدول الخليج واستعراض للقوى أمام الغرب والخليج وأنها لا تهتم بالضغط الخليجى، أن اجتماع مجلس التعاون الخليجى هو رسالة قوية لإيران وقالت أنه لن يكون قرار حاسم للاجتماع لكن ستكون مطالبات أو عمل حشد للنفوذ الإيرانى فى المنطقة أو مناشدة المجتمع الدولى لمحاولة لحل الأزمة.
وقالت إن الزيارة استفزازية وهناك توتر موجود بين إيران والخليج ليس فقط بالجزر وإنما التدخل الإيرانى فى الشئون العربية وأزمة البحرين، لأن إيران تهوى اللعب بكروت الضغط.
وقالت إن إيران مع الوصول لأقصى نقطة فى أى ملف تبدأ فى تقديم بعض التنازلات الشكلية، وهنا سوف تكون تنازلاتها هى التعهد بعدم التدخل والمرونة فى ملف البحرين.
لكن الموضوع لن يصل إلى الصدام بين إيران والإمارات لأن علاقة إيران بالإمارات قوية ولن تشهد سوى العلاقات الثقافية أو الاقتصادية بعض التوتر.
باحث سياسى لـ"اليوم السابع": اجتماع مجلس التعاون الخليجى اليوم سيوصى بتدويل قضية الجزر الإماراتية الثلاث وتحويلها لمحكمة العدل الدولية.. وخبراء: زيارة نجاد لـ"أبو موسى" خطوة استفزازية واستعراض للقوى
الثلاثاء، 17 أبريل 2012 02:59 م
الرئيس الإيرانى أحمدى نجاد
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة