جمال زهران

الثورة تواصل انتصاراتها.. والفلول يتراجعون

الثلاثاء، 17 أبريل 2012 10:28 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا شك أن الحكم القضائى من مجلس الدولة يوم 10 إبريل 2012، الذى تضمن بطلان تشكيل مجلسى الشعب والشورى للجمعية التأسيسية للدستور مناصفة بينهما وبين شخصيات من خارج المجلسين بنسبة ٪50 لكل منهما، ودون مراعاة لعنصرى الكفاءة والتمثيل الشعبى، كان حكما تاريخيا بلا جدال، وانتصاراً للثورة، فقد كسر شوكة إصرار «الإخوان والسلفيين» على الاستحواذ على السلطة والسيطرة على جمعية الدستور، وكأن البلاد أصبحت ملكا لهم، واعتبروها «عزبة خاصة» يتصرفون فيها كما يشاؤون، مثلما كان يفعل الحزب الوطنى المنحل ونظام مبارك، وقد سبق أن حذرنا النظام السابق دون جدوى حيث لم يكن يستمع لأحد ولا يتقبل نصيحة خالصة لوجه الله والوطن وهدفها الصالح العام، واستمر على عناده وغروره وتبجحه وفجوره السياسى حتى سقط بإرادة الشعب وثورته فى 25 يناير 2011م.. الآن نواصل النصيحة لمن حصلوا على الأغلبية فى انتخابات برلمانية مهددة بالبطلان، بل حل المجلسين عما قريب، إلا أنهم يسيرون فى نفس نهج النظام السابق، ولذلك فقد فقدوا مصداقيتهم لدى الشعب أو فى طريقهم إلى ذلك، وبسرعة بعد أن ثبت كذب هؤلاء وخداعهم للشعب والقوى السياسية الأخرى، والمفترض أنهم شركاء فى الثورة، وإذا استمر هؤلاء على منوال النظام السابق لا يستمعون لأحد، واستمروا فى الاستحواذ على السلطة وعلى كل شىء، فإن مصيرهم هو مصير من هب الشعب وثار عليهم وأسقطهم فى 25 يناير 2011، وأصبح واضحا أن الثورة تواصل انتصاراتها بالنضال السياسى عبر الشارع، والضغوط الجماهيرية فى ميدان التحرير، وعبر القضاء الذى ينتصر للثورة غالبا باستثناءات محدودة، ووسط قتامة المشهد، خرج هذا الحكم القضائى المشار إليه، ليعيد الأمل إلى نفوس الشعب من خلال إصرار القوى الثورية على مواصلة الثورة واستمرارها والنضال من أجل نجاحها، ويكاد المشهد الحالى يؤكد على وجود ثلاث قوى سياسية كبيرة، سيدور بينها الصراع السياسى على الجماهير، وسيظل الصراع لمدة طويلة، وهذه القوى هى:
- القوى الثورية بكل رموزها وفى المقدمة الشباب.
- القوى المتأسلمة والمعبرة عن الإسلام السياسى متمثلة فى الإخوان والسلفيين.
- القوى المضادة للثورة التى تعبر عن النظام القديم وشبكة مصالحه، ويمثلها المجلس العسكرى ورموز نظام مبارك «سليمان/شفيق/موسى».

وقد جسدت الانتخابات الرئاسية الجارية، حالياً، هذا المشهد الصراعى.. وقبل أن تقرر اللجنة العليا للانتخابات قائمتها النهائية رشح الإخوان شخصين «الشاطر/مرسى»، بعد وعدهم بعدم الترشح! وفى المقابل ترشح «عمر سليمان» بالإضافة إلى أحمد شفيق، وعمرو موسى، ومرتضى منصور، تعبيراً عن القوى المضادة للثورة والمدعومين من المجلس العسكرى مباشرة، ولا ينفى ذلك التصريحات الرسمية عن المشير بأن المجلس يقف على مسافة واحدة من الجميع وأنهم ليسوا طرفاً فى المسألة السياسية والاختلافات فيها.. إلخ، لأن كل ذلك من لغو الحديث، فعمر سليمان كان مرشح المجلس العسكرى، وتم الدفع بأحمد شفيق لكى يمهد الأجواء للرجل الغامض الذى يتعامل مع المجتمع بطريقة «المخابرات»!!
وأصبحت القوتان «الإخوان والسلفيون = المجلس العسكرى والنظام القديم»، فى مواجهة، ويصارع بعضهما البعض فى إطار ما عقداه من صفقات طوال الأشهر الخمسة عشر الماضية، التى قضت باستمرار نظام مبارك والعمل على قواعده واحتواء الثورة حتى إجهاضها على خلفية أن كلا من «الإخوان والعسكريين» لا يقران الثورة فهما أو سلوكاً!! وفى المقابل القوة الثالثة التى تمثل القوى الثورية وفى مقدمتهم: حمدين صباحى وأبوالعز الحريرى، وخالد على، وهشام البسطويسى.

فضلا عما سبق، فإن هناك مرشحين ينتمون لتيارات الإسلام السياسى، ومنهم د. عبدالمنعم أبوالفتوح، حازم أبوإسماعيل، د. محمد العوا.. أما الباقى فهم بلا هوية سياسية.

إذن، نحن أمام مشهد سياسى مرتبك، فبدلا من أن تكون المنافسة السياسية بين القوى الثورية فقط، أصبح هناك ثلاث قوى، وهذا معناه أن الثورة لم تسر فى المسار الصحيح لها، ومن ثم فإن الدفع بمشروع قانون لعزل الفلول سياسيا فى خضم عملية الانتخابات الرئاسية هو جزء من مشهد الصراع السياسى لتحقيق مصالح سياسية، فالأصل فى الثورة هو اتخاذ الإجراءات التى تحميها من أعدائها السياسيين الحقيقيين والمحتملين، وهو ما لم يتم من قبل، وعندما تأتى الظروف لكى تفرض العزل السياسى، فى أتون معركة انتخابات رئاسية، دون ممارسة الضغوط الكافية من قبل لفرضه فى بداية الثورة، أو عند الانتخابات البرلمانية التى بدأت فى أكتوبر الماضى 2011، أى منذ ستة أشهر، لكنا قد تجنبنا الدخول فى متاهات وتأويلات قد تصل إلى حد الشبهة السياسية، فمن قبل بمنطق أن «الصندوق هو الحكم» يتراجع الآن، لأن الصندوق والنصوص الدستورية خاصة المادة 28، ليست فى صالحه!! إذن، معادلة المصالح السياسية وتبعاتها كانت وراء التعجيل بالعزل السياسى الآن.

فلو افترضنا أن قوى الثورة لم تنجح فى فرض «العزل السياسى» على المجلس العسكرى لإقرار تشريع بشأنه، فلماذا لم يبادر البرلمان «مجلس الشعب» بعد انعقاده فى 23 يناير 2012، بالبدء فورًا فى إقرار مشروع العزل السياسى، لو أن ذلك حدث لقلنا إننا برلمان الثورة، لكن تأجيله إلى نحو ثلاثة أشهر وبعد فتح باب الترشح، يجعل الأغلبية المهيمنة على البرلمان «الإخوان/السلفيين» مدانين سياسيا أمام الثورة، بأنهم لم يضعوا أجندة الثورة على جدول الأعمال العاجل لعمل البرلمان، وفى ضوء ما سبق يتضح أن قانون العزل السياسى الذى صدر عن البرلمان يوم الخميس الماضى 12/4/2012 والمحتمل عدم إقراره من المجلس العسكرى لتعارضه مع مصالحه، ورغم عدم إقراره فى التوقيت السليم وتأخره كثيرا، إلا أننى مع هذا القانون «قلبا وقالبا»، فضلا عن عدم اكتمال هذا القانون حيث اقتصر على حرمان نحو «20» شخصا فقط من ممارسة الحقوق السياسية، وهى مسألة قاصرة قد تحمى كرسى الرئاسة، ولكنها لا تحمى الثورة بأى حال من الأحوال، وقد سبق لى أن نشرت مقالا فى هذه الجريدة يوم 2011/5/7 حددت فيها أول قائمة واضحة للمطلوب عزلهم سياسيا بعنوان «الإبعاد السياسى لفول النظام السابق»، وتضمنت هذه القائمة ما يلى:
1 - جميع قيادات الحزب الوطنى المنحل وتشمل: رئيس الحزب ونوابه وأعضاء المكتب السياسى والأمانة العامة ولجنة السياسات الرئيسية ولجانها العامة واللجان الفنية، ثم المجلس الأعلى للسياسات الذى ضم الوزراء وغيرهم، ثم أمانات المحافظات ولجانهم التابعة، وأمانات الأقسام والمراكز ولجانهم التابعة أيضًا، وهؤلاء عددهم نحو «20» ألف قيادة.

2 - جميع الوزراء ورؤساء الوزراء ونوابهم والمسؤولين فى جميع المواقع ممن خدموا فى عهد مبارك منذ عام 1981 وحتى 2011م، وهؤلاء مسؤولون عن فساد وتدمير البلاد، ولا يزيد عددهم على «5» آلاف بمن فيهم قيادات فى مواقع أولى مختلفة.

3 - جميع أعضاء مجلسى الشعب والشورى بمن فيهم المعينون، من أعضاء الحزب الوطنى طوال عهد حسنى مبارك منذ عام 1984 «تاريخ أول برلمان لمبارك» وحتى آخر برلمان نوفمبر 2010م، وعددهم نحو «5000» شخص.

4 - جميع أعضاء المجالس الشعبية المحلية من الحزب الوطنى، فى آخر مجلسين وهما: مجلس محلى عام 2002 الذى امتدت مدته عامين من 2006، إلى 2008 ليستمر ستة أعوام بالمخالفة للدستور، ومجلس محلى 2008 المزور وعدد هؤلاء نحو «95» ألف شخص.

ليبلغ العدد المطلوب عزلهم كقاعدة عامة نحو «125» ألف شخص من الحزب الوطنى المنحل، بعيداً عن الأعضاء العاديين بالحزب وهم غير مسؤولين مباشرة، ولعل حكم حل الحزب الوطنى فى إبريل 2011م، يؤكد على ضلوع هذا الحزب فى الفساد الذى يتوجب حله، ويجعل من العزل السياسى حتمية لا نكوص عنها إلا ممن يريدون استمرار نظام مبارك وإجهاض الثورة.

وفى ضوء ذلك يستوجب الأمر ضرورة استكمال القانون الذى صدر، بإصدار تشريع مفصل وواضح لكل هذه الفئات وذلك بالحرمان لمدة عشر سنوات على الأقل من ممارسة الحقوق السياسية.

وإذا تحقق ذلك، فإن الثورة تكون فى طريقها الصحيح، ويستلزم الأمر البدء بتشكيل محكمة ثورة لمحاكمة الفساد والفاسدين كما أننا بالعودة إلى المربع الأول فى تشكيل جمعية تأسيسية للدستور، بمراعاة عنصرى الكفاءة والتمثيل السياسى الشعبى، نكون قد أضفنا انتصارًا جديدا للثورة.

وأمام الإخوان والسلفيين الفرصة، بمراجعة النفس، ومراجعة ما تم، وإعلان استعدادهم للبدء فى المسار الحقيقى للثورة، بسحب مرشحهم من الانتخابات الرئاسية، وتأجيل هذه الانتخابات وتشكيل مجلس رئاسى من مختلف الأطياف، لإدارة شؤون البلاد لفترة انتقالية حتى نهاية عام 2012م.. ننتهى خلالها من الدستور، مع حكومة إنقاذ جديدة، ثم يتم إعادة تكوين مؤسسات الدولة وانتخاب رئيس الجمهورية حسبما ينص الدستور الجديد باعتبار أن الدستور هو الذى ينشئ المؤسسات وليس العكس، مع تنحية المجلس العسكرى عن حكم البلاد والعودة لوظيفته الأساسية يحرس ولا يحكم.
فى تقديرى الثورة قد تجددت الآن، والذين أنكروا شرعية الميدان بعد انتخابات البرلمان، اضطروا للرجوع للميدان بعد أن خذلهم المجلس العسكرى ونظام مبارك الذى لا يزال يعمل بكفاءة وعاد المتحولون مرة أخرى لصدارة المشهد، ليحرورا خطب سليمان، ويجروا الحوارات معه «بكرى/حمودة» وفى الطريق آخرون.
نحن مازلنا على قناعة أن الثورة تنتصر كل يوم، وواجهت مشاكلها أولا بأول، وهى فى مد وجزر مع ذيول النظام السابق ومازالت شرعية الميدان هى الأصل، وماعداها هو الفرع، ولذلك علينا جميعا أن نواصل إعادة تنظيم الصفوف لمواجهة العدو السياسى المتمثل فى النظام القديم، وهو أمر يكاد يكون مستحيلا. لم يعد أيها السادة لدينا رفاهية الاختلاف، بل علينا حتمية الاتفاق، فليستيقظ الجميع قبل فوات الأوان، وإنا لمنتصرون بإذن الله، والثورة مستمرة حتى النصر.
ومازال الحوار متصلا ومستمرّا..





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة