لم يكد نهار السادس عشر من ديسمبر 1989م ينقضى حتى فوجئ ذلك الرجل الواقف فى شرفة قصيرة بعد الاحتفال بأعياد الميلاد بعشرات الآلاف من الرومانيين يهتفون ضده وضد نظامه الديكتاتورى على أثر ما آلت إليه البلاد من سوء الأحوال والقهر والقحط، ولم يجد شاوشيسكو أمامه سوى العناد وقتل المتظاهرين الذى استمر أسبوعا قبل أن يتم القبض عليه أثناء محاولته الهروب وزوجته.
تمت محاكمة شاوشيسكو وأعدم رميا بالرصاص، سقط بذلك الحزب الشيوعى الحاكم وتم حله، وقف الجيش مع الشعب وبدأت فترة انتقالية أطلقت فيها الحريات السياسية، فرفض الجيش محاسبة باقى نظام شاوشيسكو لعدم ثبوت أى تهم عليهم، تكونت أحزاب وجبهات جديدة هى فى الحقيقة الصف الثانى والثالث للحزب الشيوعى ومن أشهر هذه الجبهات جبهة الخلاص الوطنى بقيادة مساعد شاوشيسكو المخلص ايليسكو.
لا تتخيل مدى فرحة الرومانيين بخلاصهم من النظام البائد ومدى أملهم فى نظام جديد يحسن أحوالهم ويعمل على تقدم بلدهم ولكن دائما لا تأتى الرياح بما تشتهى السفن، فبدأت سلسلة من الأحداث تمثلت فى انفلات أمنى حيث بدأت ﻣﺠﻤﻮﻋﺎﺕ مجهولة (اللهو الخفى) تهاجم ﺑﻴﻮﺕ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺍﻟﻤﻨﺸﺂﺕ ﺍﻟﺤﻴﻮﻳﺔ، ﻭﺭﺍﺡ ﺟﻨﻮﺩ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﻳﺘﺼﺪﻭﻥ ﻟﻬﻢ ﺣﺘﻰ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺭﻭﻣﺎﻧﻴﺎ ﻣﻴﺪﺍﻥ ﺣﺮﺏ ﻣﻤﺎ ﺗﺴﺒﺐ ﻓﻰ ﺇﺣﺴﺎﺱ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﻴﻦ ﺑﺎﻟﻬﻠﻊ ﻭﺍﻧﻌﺪﺍﻡ ﺍﻷﻣﻦ.
ارتفت الأسعار وظهرت أزمات متتالية أهمها أزمة الوقود وعمت الفوضى البلاد وأصبحت الحياة صعبة جدا.
ساهم الإعلام فى نشر الذعر بين المواطنين بنشر الشائعات الكاذبة المتوالية، وعلى صعيد آخر أمعن الإعلام فى تشويه صورة قطاعات بعينها من الثوريين واتهامهم بالعمالة والخيانة وتلقى أموال من الخارج من أجل إسقاط الدولة.
مع استمرار الوضع ومع سوء الأحوال ضاق المواطنون ذرعا بالوضع مما جعلهم يكرهون الثوار ويتمنون عودة النظام السابق ومع إحساس الثوار بضياع الثورة وأن القيادة تسعى لإجهاض ثورتهم نظموا مظاهرة كبيرة تحت شعار ثورتنا لن تسرق، وهنا وجهت القيادة نداءً عبر وسائل الإعلام إلى (المواطنين الشرفاء) بالتصدى للخونة.
وهنا قامت مجموعة من المواطنين الشرفاء متمثلين فى عمال المناجم (بعد تسليحهم) بالاعتداء على المتظاهرين وقتلهم فى مذبحة شهيرة وبعد السيطرة عليها نددت القيادة بمرتكبى هذه المذبحة، ولم تسفر التحقيقات عن مرتكبى الحادث ولا عن من قام بتمويلهم وتسليحهم.
ومع ازدياد الحال سوءا نادى المواطنون بعودة النظام القديم ومع أول انتخابات رئاسية ترشح ايليسكو ونجح فى الانتخابات وعاد فعلا النظام القديم، ويروى البعض أن ايليسكو قام بتصفية المتظاهرين جسديا وحدثت حملات اعتقال واسعة وإعدام بالجملة.
وبعد ذلك تم اكتشاف أن ايليسكو كان وراء كل ما حدث بالتعاون بينه وبين العديد من جنرالات الجيش وقيادات الدول الأخرى وعلى رأسهم ميخائيل غورباتشوف الذى خفض حصة البترول الموردة إلى رومانيا.
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
هاني محمد
فوضى
عدد الردود 0
بواسطة:
علي قاسم
آه ...............
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
أعتب على كاتب هذا المقال
عدد الردود 0
بواسطة:
الدكتور
إسقاط في غير محله تماما