يبدو أن فلول النظام أعادت ترتيب أوراقها فى الوقت الذى شغلت الشعب بقضايا هامشية كتأجيج الفتنة الطائفية، مشروعية مجلس الشعب، تهكم زياد العليمى، أنف البلكيمى، أزمة الأنابيب، تواطؤ البرلمان مع العسكر، محاولة سحب الثقة من الحكومة، الجمعية التأسيسية للدستور، المادة 28 من الإعلان الدستورى، وترشيح الشاطر ونائب الرئيس المخلوع لانتخابات الرئاسة.
وبعد أن تأكدوا من أنهم أنهكوا الشارع، و"قطعوا نَفَس" المصريين، اتجهوا إلى مواقع التواصل الاجتماعى ونظموا حملة لإرهاب كل من يعترض على ترشيح عمر سليمان، وتحذير الثوار من مغبة القيام بموجة ثانية للثورة فى حال فوزه بمقعد الرئاسة، ووصل الأمر للتهديد بنفس مصير شهداء الثورة إذا اضطره الأمر.
ويرى المراقبون أن المصريين لا يمكن أن يتراجعوا للخلف بعد أن قدموا ما يزيد عن الألف شهيد لم تبرد دماؤهم بعد.
ويبدو أن تسامح المصريين دفع ذيول النظام البائد للتحايل وخداع الرأى العام بإطلاقهم شعارات وهمية أكدوا فيها أن ترشحهم يأتى استجابة لرغبة الجماهير واستكمالا لثورة يناير..!
بأى منطق يفكر هؤلاء؟
كيف بمن كان نائبا لرئيس مخلوع بالقوة الثورية، وابنا شرعيا ومواليا لنظام أسقطه الشعب، أن يكون هو نفسه الشخص الذى يرعى أهداف الثورة؟
بأى منطق يُحاكم الثوار أمام القضاء العسكرى بأقصى سرعة، ويؤول مصير اثنى عشر ألفا منهم إلى السجن، فيما يمثل الفاسدون أمام القضاء المدنى وتؤجل محاكماتهم شهرا تلو الآخر.
بأى منطق يتم الإفراج عن قتلة المتظاهرين بحجة عدم توفر الأدلة! وهل هناك أدلة أكبر من شاشات التلفزة العالمية، والفيديوهات المنتشرة فى كل أنحاء الدنيا؟
وفى ظل تلك الأجواء المشحونة يخرج بعض الفسدة ليزيدوا احتقان الشارع، بإطلاق شائعات توحى بأن ما يحدث من مسلسل البراءات هو مقدمة لأكبر الأحكام عوارا.. براءة المخلوع!
ولكن.. يبقى فى الأفق مصريون شرفاء كثر لن يستسلموا، وسيقومون بموجة أخرى من الثورة.. تأتى على كل فساد فى أرض الكنانة.
نعم سيفعلها المصريون.. وسيوجهون جام غضبهم باتجاه من يحاول القضاء على مشروع ثورتهم. وسيفعلها أيضا شرفاء القضاء بإطلاقهم الحكم العادل الذى يستحقه كل من أفقر وأمرض الشعب، بل وأفسد حياته الاجتماعية قبل السياسية مع سبق الإصرار.
وسيؤكد هؤلاء الشرفاء بكل طوائفهم أن الشعب الذى ضحى بفلذات كبده وأمنه وقوت يومه لينتزع حقه فى الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، لن يقبل أبدا أن يخضع لحفنة ستعيده حتما إلى تلك الحقبة السوداء، وسيقف بكل قوة فى وجه من يعتقد أنه سيحكم بالحديد والنار هذا الشعب العظيم.
