بعد صراع مع المرض وغياب اختيارى عن المشهد الأثرى فى مصر، يرحل شيخ علماء الآثار والمصريات والشرق الأدنى القديم العالم الجليل الأستاذ الدكتور جاب الله على جاب الله.
وبذلك يغيب عن المشهد الأثرى فى مصر والوطن العربى والعالم أجمع واحد من أنبغ علماء مصر والعالم فى علم الآثار المصرية القديمة وتاريخها.
لقد كان الدكتور جاب الله فيلسوف الأثريين برؤيته المتميزة وقدرته المدهشة على الربط والتحليل بين الحوادث التاريخية المختلفة فى مصر والشرق الأدنى القديم، وكان موسوعة فى مجال تخصصه، وقد شهد الجميع بذلك التفرد وبتلك العبقرية لهذا الأثرى الفريد.
ولد الدكتور جاب الله فى دلتا النيل، وتحديدا فى قويسنا فى محافظة المنوفية فى العقد الرابع من القرن العشرين الميلادى.
درس الآثار المصرية القديمة فى كلية الآداب فى جامعة القاهرة، ثم حصل على درجة الدكتوراه فى المصريات عن رسالته "القص فى الفن المصرى القديم" من جامعة ليفربول فى إنجلترا.
ثم عاد إلى مصر ليعمل فى جامعة القاهرة ثم أعير إلى دولة الكويت للتدريس هناك ليعود إلى الوطن رئيسا لقسم الآثار المصرية القديمة فى كلية الآثار جامعة القاهرة ثم عميدا لها قبل أن يصبح الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار لمدة خمس سنوات، ثم مستشارا لوزير الثقافة ورئيس المجلس الأعلى للآثار، وكان رئيسا للجنة الآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، وآثر الرجل الصمت والعزلة بعد خروجه من العمل العام، مفضلا أن يقضى ما تبقى من عمره المديد فى هدوء وسكينة وتأمل.
إنها حقا رحلة طويلة مليئة بالإنجازات والمواقف المشرفة والنشاط العلم والبحثى والميدانى الغزير.
وامتاز الراحل الكبير بالخلق القويم والأدب الجم وحب ومساعدة الآخرين والحنكة الإدارية والسياسية والدبلوماسية والعدالة والتوازن فى أغلب الأمور.
وكان رجل دولة من طراز رفيع يجيد فنون السياسة والثقافة والتاريخ والدبلوماسية، ومن الناحية العلمية، فقد كان الدكتور جاب الله واحدا من أكبر علماء تاريخ مصر والشرق الأدنى القديم ليس فى مصر والعالم العربى فحسب، بل فى العالم أجمع، وتشهد بذلك مؤلفاته العلمية العديدة والمتميزة، وكان الرجل محللا للتاريخ والحوادث التاريخية برؤية جديدة ومغايرة ولم يكن تقليديا فى شرحه أو فى كتابته، وإنما كان دائما يبحث عن الجديد والمسكوت عنه بين جنبات التاريخ، وكان الرجل مدافعا عظيما عن مصر وتاريخها وآثارها بشراسة وكان مفاوضا قويا فى ذلك الشأن كما تشهد بذلك وقائع عدة يصعب حصرها، وشهد المجلس الأعلى للآثار فى عهده عددا من الإنجازات، وأدار منظومة العمل الأثرى باقتدار كبير.
وعلى المستوى الشخصى فقد كان الدكتور جاب الله مرحا للغاية، وساخرا فى أغلب الأحيان، ومحبا للآخرين وكان لا يبخل على تلاميذه وطلاب علمه بأى شىء وكان يساعدهم بأقصى ما يستطيع.
وفى النهاية، أدعو الله سبحانه وتعالى أن يرحم عالمنا الجليل الدكتور جاب الله على جاب الله، وأن يسكنه فسيح جناته وأن يلهم أهله وتلاميذه ومحبيه الصبر والسلوان، وأن يجزيه عنا كل خير وأن يعوضنا عنه ويصبرنا على رحيله إنه سميع قريب مجيب الدعوات. أمين.
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود سامي
رحمة الله
عدد الردود 0
بواسطة:
محروس الصناديدى
إن لله وإن إليه راجعون
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد عبد الرحيم الخولي
البقاء للة
عدد الردود 0
بواسطة:
دكتور احمد سعيد
وداعا عالمنا ومعشوقنا واستاذنا