نبيل عمر

صراع شرس يهدد مصر!

السبت، 14 أبريل 2012 04:06 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كنت فى ميدان الكيت كات فى العاشرة والنصف من مساء الأربعاء الماضى، حين سمعت صراخا وتهليلا جماعيا من بعض ركاب السيارات الخاصة: الله أكبر ولله الحمد.. الله أكبر ولله الحمد.. تكبيرة عظيمة كتلك التى هلل بها المسلمون عند فتح مكة، فهل دخل المسلمون «القدس» وحرروها من الصهاينة؟
لا لم يحدث.. فقط الشيخ حازم صلاح أبوإسماعيل حصل على حكم من محكمة القضاء الإدارى بإلزام وزارة الداخلية بمنحه وثيقة بأن «أمه مصرية».. والسؤال: ما علاقة التكبيرة العظيمة بقرار محكمة فى قضية؟! هل الذقون والجلاليب يمكن أن تقلب الحدث القضائى إلى حدث دينى يستحق أن نكبر له؟!

ولا أريد الخوض فى معنى الخبر ومدلولاته.. فما أكثر المعلومات المغلوطة التى تتداول فى مصر الآن، وأغلبها عن قصد مع سبق الإصرار والترصد، ويخرج بها أصحابها على الناس بكل جرأة وقوة وعنف يحسدون عليها، ولا تقل المعلومات المغلوطة خطرا عن خطر ترشح عمر سليمان لمنصب رئيس الجمهورية.. فكلاهما ضد الثورة ويعملان على إجهاضها، حتى لو لبس كل منهما قناع الاعتراف بها والدعوة لها والوقوف فى صفوفها.. فالتحالف بعد ثورة 25 يناير بين التيار السياسى الدينى والسلطة القائمة هو الذى أوصلنا إلى هذه الحالة الشديدة من الارتباك واللخبطة، وهى حالة تهدد مصر باضطرابات سياسية شديدة الخطورة فى قادم الأيام، اضطرابات لا تخلو من عنف.

وكانت أول وثائق التحالف هى «التصويت» بنعم على استفتاء التعديلات الدستورية، تعديلات على دستور سقط فعليا ولم يعد له وجود فى الواقع، فجرجروا الشعب إلى التصويت على «تعديل» العدم، باسم الدين، إلى درجة أن شيخا سلفيا وصف النتيجة بأنها «غزوة الصناديق».

وهذه الغزوة كانت أشد طعنة فى قلب الاستقرار وصناعة نظام جديد بديل عن النظام الفاسد الذى حاولنا إسقاطه فى الثورة!

وإفشال صناعة نظام جديد كان مقصودا، أولا للحفاظ على النظام القديم بكل آلياته وأدواته وأفكاره وامتيازاته، ثانيا: لنقل هذه الامتيازات بسرعة إلى التيار السياسى الدينى، وفى عملية النقل يمكن استبعاد «الثوار» الذين فجروا بدمائهم شعلة الثورة فى الوجدان المصرى.. لأن وجودهم كان يمثل عقبة كؤودا فى عملية «وراثة» الامتيازات.. وعندى مئات الحكايات إن لم تكن الآلاف عن موظفين عاديين فى مؤسسات عامة ووزارات تحولوا إلى مراكز قوة هائلة فى أماكنهم الآن، ومن يرد أن يتعرف على بعض النماذج فأهلا وسهلا به.

وكان طبيعيا أن ينتهى «التكالب» على الامتيازات، بصراع شرس وصل إلى حد الوعيد والتهديد بالجهاد المسلح بين الطرفين: التيار الدينى بكل ألوانه الوارث لامتيازات الحزب الوطنى، والسلطة القائمة وسدنة النظام القديم، وهو الصراع الذى أوصلنا إلى المواجهة بين «عمر سليمان» واحد من أعمدة النظام القديم «الذى مازال ساريا ومتحكما» ومعه أحمد شفيق وعمرو موسى، وبين خيرت الشاطر ومحمد مرسى والشيخ حازم أبوإسماعيل وآخرين من ورثة الامتيازات فى ذلك النظام.. فوقع الناس بين فكى الرحى، فأحلاهما أمر من الحنظل لمصر ومستقبلها!

والنظام هو مجرد أداة لإدارة موارد الدولة وبشرها، تتكون من مجموعة القواعد الحاكمة لأنشطة المصريين من أول الحب إلى الحرب.. ولأكثر من عام كامل لم يتطرق أى طرف إلى كيفية تغيير النظام، بل عمل الكل من داخل النظام وقاوموا الاقتراب منه.. فقط هم يريدون عزل الرموز القديمة سياسيا، بتشريع معيب من مجلس الشعب، بنفس الطريقة التى كان يصدر بها الحزب الوطنى المنحل تشريعاته ضد خصومه!

وطبعا هذا يدفع بمصر إلى منطقة اضطرابات خطيرة.. وربنا يستر.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة