لماذا الإصرار على ضياع فرصة قلما تجود بها الأيام.. إننا لا نضيع فرصة بل نضيع ثورة.. ثورة صنعتها سنوات من القهر والاستبداد والظلم الطبقى.. ظلم مبنى على جهل متخذ القرار بما يفعل، وسط قبول تام لأفعاله وتصرفاته، أنه على الصواب، وأنه قدم كل نفيس وغال لشعب لم يقدر حسن عمله المزعوم.
هل نستحق أن نحيا ونعيش جميعا على هذا الوطن الذى احتضننا جميعا مسلمين ومسيحيين، مثقفين وعمالاً، مزارعين وصناعا، الفرصة لا تزال سائدة، والثورة برغم كل ما آلت الأمور إليه، تعتبر وليدة، لم تكمل بعد عامها الأول، ولدت من رحم الاستبداد لتشاهد النور، فلا تطعموها قهرا وظلما، لكى لا تولد حاكما مستبدا أخذ الحيطة والحذر ممن سبقوه وننتظر ثلاثين أو أربعين عاما آخر لربما يثور الشعب ثانية.
لا أجد مبررا للاختلاف الآن فالشعب اتفق فى مجمله على أن الحاكم لا يصلح لا هو ولا حاشيته، وعندما اتفق الشعب بجميع طوائفه سقط النظام فى أيام فالاتفاق الشعبى بعد توفيق الله هو الذى أسقط مبارك لا بقوة الأحزاب ولا بالضغط الخارجى ولا بالانقلاب ولا حتى بلعنة الفراعنة.
لا أجد مبررا للاختلاف فكل من عليها خادم لها، يحرس أراضيها، يفكر فيها، يفكر كيف ينميها هو أجدر الناس لأن يعيش فيها هو وأولاده، وليكن هذا هو الميراث الحقيقى وحلم الثوريث الناجح.
ليفكر كل فرد من موقعه مهما كان أن يخدم هذا البلد من خلال هذا الموقع كان كبيرا أو صغيرا، ولو 10 دقائق فى اليوم، لنتخيل 85 مليون مواطن يعمل 10 دقائق فقط، فى خدمة بلده، ستجد رقما ضخما فى اليوم الواحد.
إن ما نمر به الآن أراه وأصوّره فى مشهد سفينة كانت تعانى من إضرابات تتمايل يمينا وشمالا بين يدى قائد مستهتر عزل نفسه عن ركاب السفينة، متخذا ممن حوله مصدرا لقراراته ونفوذه، ولما توالت إضرابات السفينة وأحس بها راكبوها قرروا إعفاء الربان من منصبه، ولكن لم يحددوا من سيقود بعده.. فاختلفوا على القيادة، واختلفوا على كل ما يجب أن يتفقوا عليه، وغلطة توقيت الاختلاف فى هبوب عاصفة رعداء على السفينة بكل من فيها، تحيد مسارها عن اتجاه مدروس، أو واجهة معلومة، بدون قائد أو رقيب عليها.
فهل قامت ثورتنا لنضيع أم لنصحح أخطاء الماضى المتأصلة فى مجتمع يحمل بكل طوائفه أخطاء الوصول إلى نقطة الحاضر، لا يجد لمستقبله هدفاً محدداً بل أهداف فردية متعارضة، ليتها أهداف فردية تسير فى اتجاه واحد بل أهداف تتعارض وتشوش لتصبح فى النهاية صيدا ثمينا لمن يقتنصها، محققا بها اهدافا فردية تضر بعموم الشعب وتراب الوطن، ولقد تعدى الامر تراب الوطن فأصبح التعدى على معادن الوطن وثرواته، بل أخطر من هذا معتقدات الوطن وقيمته ومكتسباته التى تغيرت لتواكب الفردية المطلقة.
إنها الفرصة الأخيرة لنحاول مرة أخرى قبل قيام الثورة الثانية، والتى ستقضى على الأخضر واليابس وعلى الشرفاء قبل الفلول، ونبقى جميعا لا نعرف هوية أنفسنا ولا اتجاه السفينة.
لا أجد نفسى إلا متضرعا إلى الله وحده، الملجأ الأول والأخير لكل نفس ألم بها الحيرة، وباتت تتقلب بين رحى الأمل واليأس وحب الوطن، وكره أعداء الوطن قائلا للفلول قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "اذهبوا فأنتم الطلقاء"، وكفانا منكم ما كان، قائلا للمستهترين بأمن الوطن عن جهل قول عيسى بن مريم عليه السلام: "اغفر لهم فهم لا يعملون".
مبارك
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد يونس
كلامك جميل .
يارب حد يسمع ويفهم .
عدد الردود 0
بواسطة:
الدكتور فتحي الحداد
قصيدة (رسالة) للشاعر الدكتور فتحي الحداد ، جديدة من ديوان 25 يناير للشاعر الدكتور فتحي الح
عدد الردود 0
بواسطة:
عبد القادر
منظر قبيح