أرسل (.....) إلى افتح قلبك يقول:
أنا زوج من 10 سنوات، وأب، باختصار شديد أشك فى خيانة زوجتى لى، ولا أقصد خيانة بأفعال مشينة لا قدر الله، لكنى أقصد تليفونات غامضة، رسائل متكررة، اتصالات فى أوقات عجيبة، بالإضافة إلى حرصها الشديد على أن تجعل لموبايلها ( باسوورد) أو كلمة سر لفتحه، حتى لا أتمكن من معرفة أى شىء عن مكالماتها، أشك فى شخص معين، هو زميل لزوجتى فى العمل، أعرفه جيدا، لهذا كثيرا ما تراودنى فكرة أن أؤذيه بشكل ما، إلا أنى أعود وأفكر فى الفضيحة التى ستكون إذا حدث وتهورت وفعلت ذلك.
المشكلة أن هذه ليست المرة الأولى، فقد حدث وضبطتها متلبسة من قبل، وتأسفت واعتذرت وطلبت السماح، وأن أعطيها فرصة ثانية، من أجل بيتنا وأولادنا، وسامحتها بالفعل، وتغاضيت، ويعلم الله كم كان ذلك صعبا على، لكنى تمكنت منه، أما الآن فلا أعرف كيف أتصرف؟، ولا كيف أتأكد من شكى، خاصة أنه من الصعب جدا ترقب مكالماتها بسبب الباسوورد، ولأنها لا تفارق موبايلها من الأساس.
وإذا حدث وتأكدت من ظنونى فما العمل؟، معها ومعه؟، هل أخطأت بمسامحتى لها فى البداية؟، وهل اعتبرت ثقتى فيها من جديد نوعا من أنواع السذاجى و(النوم على الودان)؟.
أصعب ما فى الموضوع أنى لا أستطيع أن أفتح هذا الموضوع مع أحد من معارفى أو أصدقائى، فالأمر محرج ومهين، وصعب على أى رجل، لهذا فكرت فى أن أعرض الأمر عليك لأعرف رأيك.
سيدى الفاضل، فكرت فى رسالتك كثيرا، واحترت مثلك بالضبط فيما يجب أن تفعله، لأنه فى المعتاد ترسل لى الزوجة تشك فى خيانة زوجها، أو تشكو من وقائع حدثت بالفعل، وفى هذه الحالة قد يكون من الممكن أن أنصحها بأن تصبر، أو تتحمل، وتحاول أن تعيد اجتذاب زوجها إليها من جديد، لأن جمع الرجل بين امرأتين وإن كان مرفوضا ومكروها لدى أغلب الزوجات، الا انه ممكن وجائز شرعا، كما أنه قابل للتغيير ولو بعد حين.
أما فى حالتك، فأنا لا أستطيع أن أنصحك بنفس النصيحة، لأنه لا يمكن بأى حال من الأحوال، وكذلك لا أستطيع أن أطالبك بأن تأخذك الحمية وتطلقها، فربما تكون مظلومة، لأنك تشك ولست متأكدا، كما أنى أعرف ماذا يعنى بيت وأطفال بدون أم، فخراب البيوت ليس أمرا سهلا، ولا يمكن القيام به على سبيل الاحتياط.
لا أكذب عليك أنا لا أعرف شعور الرجل عندما يشك فى زوجته، فشك المرأة فى زوجها إحساس فظيع، مؤلم وملهب، ومنغص للحياة بكل ما فيها، لذا فأنا أتخيل أن شك الرجل فى زوجته حتما سيكون أقوى وأكبر من ذلك، بحكم ديننا وأخلاقنا وعاداتنا، فنحن اعتدنا على اعتبار خيانة الرجل (هفوة)، بينما نعتبر خيانة المرأة عارا وجريمة فى مفهومنا الشرقى.
لكنى أستشعر من كلامك أنك لا تميل إلى انهاء زواجك، وإلا كنت قد فعلت منذ المرة الأولى، أو بعدما عاد الشك يراودك من جديد، وأنت حر فى ذلك، أنت سيد قرارك، وأنصحك ألا تستجيب لتعليقات البعض التى تشبه (أين نخوتك؟)، أو (كيف تقبل على نفسك؟)، أو (طلقها طبعا وبدون تفكير)، إلا إذا كانت تلك هى رغبتك فعلا، فلن يشاركك أحد عواقب اختيارك، لهذا لا تنفعل بكلام أحدهم، ولا حتى أنا، فى قرار الانفصال هذا بالذات (استفت قلبك) وحده.
قلت فى رسالتك إن هذه ليست المرة الأولى لزوجتك، ولكنك لم توضح هل كانت مع نفس الشخص؟، إن كانت مع نفس الشخص، فليس هناك بد من قطع الصله نهائيا بهذا الإنسان، بتغيير مكتبها، أو القسم الذى تعمل فيه، أو حتى بتركها للعمل كله إذا لزم الأمر، وأنا مع هذا الحل حتى وإن بدا غير منطقى فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التى نعيشها الآن، إلا أن التضحية بعمل أو بدخل شهرى أهون بكثير من التضحية بالأسرة بأكملها.
أما اذا كان الشخص مختلفا هذه المرة، فهذا يعنى أن زوجتك تحتاج إلى عقوبة رادعة، وإلى تصرف يؤلمها حتى تستفيق مما هى فيه، فهذا يعنى أنها غير واقعة تحت تأثير شخص معين، بل يعنى أنها لا تقاوم إطلاقا، وتتجاوب بسهوله مع أيهم، وهذا وضع خطير، لا يمكن السكوت عليه أو الاستقرار معه، حتى وإن انتهت المشكلة هذه المرة أيضا،
سواء كان الشخص هو نفسه او غير ذلك، فالتصرف غير مقبول، ويجب أن يكون هناك رد قوى، يترك أثرا فى نفسيتها حتى تستوعب الدرس جيدا، لكن إذا كان الشخص هو نفسه، فأنا قد أتفهم أنها ربما تكون فريسة له، و للعبه بها و بمشاعرها، وهذا الوضع سينتهى بانتهاء وجود هذا الشخص فى حياتها، على عكس الحالة الأخرى، التى يختلف فيه الأشخاص، لأنه فى هذه الحالة العيب ليس فى الموقف أو فى الظروف، إنما فى شخصية زوجتك نفسها، وفى عدم تحكمها فى نفسها، وعدم مراقبتها لربها وضميرها.
أنصحك بأن تستشير دار الإفتاء، أو الأزهر فى العقوبة المناسبة التى يمكنك ردع زوجتك بها، فقد ينصحوك بهجرها فترة، أو بحبسها فى البيت، أو بحرمانها من أولادها لبعض الوقت، لا أدرى، ولا أريد أن أتحمل وزر مشورة خاطئة، لكنه يجب أن يكون هناك رد قوى وحازم منك، هذا إن قررت الاستمرار معها من الأساس.
لكن و قبل كل هذا، لا يجب أن نتعامل إلا على أرضية صلبة، لا يمكننا أن نتصرف على أساس الشك، لأن الأمر ليس سهلا، ولن يكون هناك حلول وسط، راقبها وراقب تصرفاتها عند تلقيها للمكالمات، فاجئها مرة اذا شككت فى أنها تتحدث مع هذا الشخص، حاول الحصول على أرقام التليفونات المتصلة بزوجتك من شركة التليفون، حاول أن تتأكد بأى طريقة قبل اتخاذ أى قرار، أعرف أن الأمر ليس سهلا، لكن لا بد من بذل بعض المجهود فى قطع الشك باليقين، لأن عواقب الخطأ ستكون وخيمة، سواء كانت مخطئة أو بريئة،
ولكن اسمح لى أن أسألك بعيدا عن كل هذا، ما هو شكل علاقتك بزوجتك من الأساس؟، هل هى علاقه سعيدة، ومريحة، ومرضية لكليكما؟، أم أنها مجرد (جوازة والسلام)؟، أكرر مرة أخرى، لا مبرر للخيانة، سواء من رجل أو امرأة، لكنى أحاول أن أبحث عن السبب، هل أنت متأكد من أنك غير مقصر فى حق هذه الزوجة؟، من الواضح أنها تفتقد إلى شىء أو إلى أشياء معك، ألن يكون ضروريا أن تبحث عن هذا الشىء، وتحاول إيجاده إذا قررت أن تعيد بناء هذه العلاقة من جديد؟، إذا كان لديك القدرة على ذلك، وعندك الرغبة والقدرة أيضا فى التسامح، فافعل، فاستقرار بيتك وأولادك أمر يستحق، أما إذا كنت ترى أنه لا يوجد ما يمكن فعله، وأنه ليس فى الإمكان أبدع مما كان، أو أن المشكلة فى زوجتك وشخصيتها، وليس تقصيرا أو إهمالا منك أنت، فوجع ساعة ولا كل ساعة، وانفصالكم كائن لا محالة إذا استمرت هى على نفس منهجها الذى لا مبرر له.
للتواصل مع د. هبه و افتح قلبك: h.yasien@youm7.com
