25 منظمة حقوقية ترفض قانون الحكومة المقترح للجمعيات وتؤكد: القانون الحكومى يتعامل مع نشطاء العمل الأهلى باعتبارهم منحرفين.. ويسعى لتأميم المجتمع المدنى ودمجه فى الجهاز الإدارى للدولة

الخميس، 12 أبريل 2012 06:11 م
25 منظمة حقوقية ترفض قانون الحكومة المقترح للجمعيات وتؤكد: القانون الحكومى يتعامل مع نشطاء العمل الأهلى باعتبارهم منحرفين.. ويسعى لتأميم المجتمع المدنى ودمجه فى الجهاز الإدارى للدولة نجوى خليل وزيرة التأمينات والشئون الاجتماعية
كتب أحمد مصطفى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أعلنت 25 منظمة حقوقية اليوم، الخميس، فى بيان لها، رفضها المطلق للمشروع الجديد لقانون الجمعيات الأهلية، الذى أعدته وزارة التأمينات والشئون الاجتماعية، والذى يستهدف تأميم المجتمع المدنى، من خلال تنظيمه كما لو كان أحد الأجهزة الإدارية للدولة، واعتبار العاملين فيه موظفين لدى الدولة، فضلاً عن تبنى القانون لعدة قيود تعسفية جديدة، تسعى إلى إرهاب نشطاء المجتمع المدنى.

وقالت المنظمات التى وقعت على البيان، إن مشروع القانون هو امتداد للفلسفة ذاتها التى تقوم على تشديد الحصار على منظمات المجتمع المدنى بشكل عام، وخنق منظماته الحقوقية بشكل خاص، بدرجة تفوق كافة القوانين القمعية للمجتمع المدنى السابقة منذ صدور القانون 32 لعام 1964، يستهدف القانون تقويض الهامش المحدود المتاح لنشاطه، فضلاًَ عن جعل عاقبة تأسيس منظمات أهلية باهظة، بما يكبح حماس المواطنين لتأسيس هذه المنظمات أو المشاركة فى نشاطها.

وتؤكد المنظمات الموقعة تمسكها بمشروع القانون، الذى سبق أن قدمته للجنة حقوق الإنسان بالبرلمان فى يناير هذا العام.


وأكدت المنظمات رفضها المطلق لهذا القانون، وحثت لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان على تبنى مشروع ديمقراطى يعلى من قيمة العمل الأهلي، خاصة أن القانون المقترح من وزارة التأمينات والشئون الاجتماعية يتعارض مع التزامات مصر بمقتضى الاتفاقيات الدولية، التى صدقت عليها، وخاصة العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية، والميثاق الأفريقى لحقوق الإنسان والشعوب.


وحذرت المنظمات البرلمان من أن نجاح الحكومة فى تمرير القانون سوف يشكل سبة فى جبين البرلمان، الذى يوصف بـ"برلمان الثورة"! وخاصة أن ذلك يأتى بعد تقديم حزب الأكثرية فى البرلمان لمشروع قانون قمعى للحق فى التظاهر والتجمع السلمى، ورفض مشروع قانون الحريات النقابية الذى كان قد أعده وزير القوى العاملة السابق فى الصيف الماضى، بالتشاور مع المنظمات الحقوقية.


واستندت المنظمات الرافضة للمشروع إلى عدد من الملامح كان أبرزها أن مشروع القانون الجديد المقترح من الحكومة تعكس فلسفة مشروع القانون طموح الحكومة فى دمج منظمات المجتمع المدنى ضمن أجهزة الدولة، ولذا فإن القانون يعتبر موظفى هذه المنظمات من موظفى الدولة، على عكس فلسفة ومفهوم المجتمع المدنى فى المجتمعات الديمقراطية، الذى يعد قطاعًا مستقلاً عن الحكومة، يعمل بحرية من أجل القيام بالخدمات، التى تعجز الدولة عن القيام بها.

وأضافت المنظمات الأهلية فى بيانها: بناءً على هذه الفلسفة التى تفتقر لأى أساس أو مرجعية علمية، يعتبر مشروع القانون أعضاء مجالس إدارة الجمعيات والمؤسسات الأهلية والاتحادات المنبثقة عنها وموظفيها فى حكم الموظفين العموميين!!! يصطدم ذلك التصنيف الشاذ بمفهوم الموظف العام فى الفقه وأحكام القضاء المصرى، والذى عرف الموظف العمومى بأنه كل شخص يعهد إليه بعمل دائم فى خدمة مرفق عام تديره الدولة، أو أحد أشخاص القانون العام، عن طريق شغله منصبًا يدخل فى التنظيم الإدارى لهذا المرفق.

لذلك فإنه يشترط لاكتساب تلك الصفة أن يعمل الشخص فى خدمة مرفق عام تديره الدولة عن طريق الاستغلال المباشر.


ولذا فإنه حتى فى مفهوم القانون المصرى، تعتبر الجمعيات والمؤسسات الأهلية من أشخاص القانون الخاص -مثلها مثل الشركات- لأنها ليست مرفقا عاما تديره الدولة، ومن ثم فمن غير المنطقى أن تكون أموالها أموالاً عامة، ولا القائمين على إدارتها موظفين عموميين.


بالإضافة أن بناءً على التوجه التسلطى لمشروع القانون الذى يعتبر الجمعيات الأهلية جزءا من الهيكل الإدارى للدولة، فإن مشروع القانون يمنح الحكومة الحق فى التدخل فى تنظيم أدق شئون الجمعية (كتكوين الجمعية العمومية وطريقة الدعوة لعقدها ومواعيد اجتماعاتها، وكيفية انضمام الأعضاء وانسحابهم، وتشكيل أو انتخاب مجلس الإدارة، وموعد اجتماعه، واختصاص كل من أعضائه – باللائحة التنفيذية- ومهام كل عضو من أعضائه، وصولاًَ إلى حق الحكومة فى حل مجلس إدارة الجمعية)، وهو ما يتناقض بشكل صريح مع منطق المجتمع المدنى، القائم على أن الجمعية الأهلية هى بالأساس التقاء لإرادة مؤسسيها، وأنها تنظم أمور عملها وفقًا لرؤية أعضائها وليس الحكومة.

كما يمنح مشروع القانون الحكومة حق تقديم طلب للقضاء بحل الجمعية، إذا رأت الحكومة أن الجمعية عاجزة عن تحقيق الأغراض التى أنشئت من أجلها، وهى صياغة مطاطة وغامضة. تتيح للحكومة إحالة أى جمعية لا ترضى عن نشاطها فى أى وقت إلى القضاء وطلب حلها، فضلاً عن أن الجهتين الوحيدتين اللتين لهما حق تقييم نشاط الجمعية، أو ما إذا كانت تحقق أغراضها أم لا، هما الجمعية العمومية وجمهور المستفيدين من خدمات الجمعية. وفى كل الأحوال من المثير للسخرية تصور أن الوطن وأمنه القومى ومصالحه العليا ستتعرض للخطر، بسبب أن جمعية عجزت عن تحقيق أغراضها!!


وأكد البيان أن المشرع قد أفاض فى الأنشطة المحظور على الجمعيات والمؤسسات الأهلية ممارستها، وكان من الغريب أنه حظر على الجمعيات إجراء البحوث الميدانية، فقد جاء المشروع بصياغة هذا الحظر بشكل فضفاض، بما يضع كافة البحوث الميدانية واستطلاعات الرأى، أياً كان نوعها ضمن الأنشطة المحظورة.


كما يعيق هذا الحظر الجمعيات والمؤسسات الأهلية التى تعمل وفق أسس منهجية وعلمية، ذلك عن طريق إجراء بحوث ميدانية حول طبيعة النشاط، التى ترغب الجمعية فى خدمة المجتمع من خلاله، فعلى سبيل المثال إذا كان من أغراض الجمعية العمل على حل مشكلة التسرب من التعليم، فإنها ستحتاج فى سبيل ذلك إلى إجراء بحوث ميدانية حول هذه المشكلة لمعرفة أسبابها، لكى يسهل عليها العمل على حل تلك المشكلة.


كما لها أيضًا فى سبيل ذلك إجراء استطلاعات رأى حول كيفية حل تلك المشاكل، بما يضمن مشاركة فعالة للمجتمع فى حل هذه المشاكل.


كما يحظر مشروع القانون الأنشطة الحقوقية التقليدية، مثل دعم المطالبة بحقوق أصحاب مهنة معينة فى مواجهة أصحاب الأعمال، سواء كان العاملون بالقطاع العام أو الخاص.. وبالتالى عدم تقديم المساعدة القانونية للعاملين الذين تتعرض حقوقهم للعسف، أو التضامن مع العاملين المنتهكة حقوقهم فى العمل.


ويبتكر المشروع محظورات إضافية؛ حيث ينص بعبارات مطاطة على حظر "القيام بأى نشاط سياسى آخر إيجابى أو سلبى تقتصر ممارسته على الأحزاب السياسية".. وتقدم هذه الصياغة الغامضة مدخلاً للعصف بحق الجمعيات والمؤسسات الأهلية فى إبداء آرائها –من منظور المجتمع المدنى- فى قضايا عديدة تهم الرأى العام.


كما يُبقى مشروع القانون المقترح على السلطات التحكمية التى تتمتع بها الحكومة فى القانون السارى، فى منح شهادة الميلاد للجمعيات الأهلية، وذلك باشتراط الحصول على التصريح المسبق من جهة الإدارة.. كما يفرض قيودًا تحكمية على حق أعضاء الجمعية فى وضع قواعد النظام الأساسى المؤسس لها.


ورفع مشروع القانون الحد الأدنى لعدد الأعضاء المؤسسين للجمعيات إلى عشرين عضوًا، أى ضعف ما هو مقرر بالقانون السارى.. الأمر الذى يعرقل حق المواطنين فى تكوين الجمعيات. كما اشترط عند تأسيس المؤسسات الأهلية تخصيص مبلغ لا يقل عن مائة ألف جنيه، بينما لا يشترط القانون السارى مبلغ محدد. بهذا يكاد يقصر مشروع القانون الحق فى إنشاء المؤسسات الأهلية على رجال الأعمال دون غيرهم.


كما حظر المشروع على الجمعيات جمع التبرعات والحصول على أموال من الخارج إلا بعد أخذ تصريح من الحكومة، الأمر الذى يؤدى لنتائج وخيمة على نشاط المجتمع المدنى.. حيث أنه لا تتوافر مصادر تمويل كافية فى الداخل، بما يساعد الجمعيات الأهلية على القيام بأنشطتها.. فضلاً عن أن مشروع القانون لم يعط أى حوافز للشركات التجارية المصرية ورجال الأعمال، إذا ما أرادوا التبرع للجمعيات الأهلية، كخصم هذا التبرع من الوعاء الضريبى لها على سبيل المثال، مثلما تفعل كثير من دول العالم.. كل ذلك يؤدى إلى تضييق الخناق على المجتمع المدنى، من خلال فرض حصار على مصادر تمويله من الداخل والخارج.


ويكرس المشروع أيضا لذات فلسفة الوصاية والهيمنة الإدارية، فيما يتعلق بائتلاف الجمعيات فى اتحادات نوعية، ويفرض مشروع القانون اتحاد نوعى مركزى على الجمعيات الأهلية، بل وبادر بتحديد اختصاصات هذه الاتحادات بالمخالفة للمبادئ الديمقراطية، التى تفترض أن الاتحادات تنشأ بإرادة طوعية من قبل الجمعيات التى ترغب فى إنشائها، وأن هذه الجمعيات هى التى يتعين أن تحدد بنفسها ماهية الصلاحيات والاختصاصات التى يمارسها الاتحاد المنبثق عن إرادتهم المستقلة.


كما حرم مشروع القانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية من الانضمام والانتساب إلى أى شبكات دولية إلا بعد موافقة الحكومة.. هذا المنع يخل بالمعايير الدولية لحرية التنظيم، التى تتيح للجمعيات أن تستقى الخبرات وتدخل فى تحالفات دولية من أجل الدفاع عن قضايا وطنية وإقليمية ودولية.. ترك مثل هذا الأمر لموافقة الحكومة سيتيح لها التعسف فى مواجهة الجمعيات. كان على المشروع أن يضع معيارًا عمليًا للتعامل مع هذا الأمر، مثل أن يحدد المنظمات الأجنبية المحظور الانضمام إليها.

ويكرس مشروع القانون ذات العداء الذى تكنه تشريعات المجتمع المدنى المتعاقبة منذ 1956، تجاه أية مؤسسات تمارس أنشطة تندرج فى إطار النشاط الأهلى، وتختار أية أشكال قانونية أخرى لعملها، فى إطار القانون المدنى أو قانون المحاماة، أو فى إطار أى قانون آخر، حيث يحظر مشروع القانون أى شكل قانونى آخر باستثناء الجمعية أو المؤسسة الأهلية.

وأكد البيان أن المشروع المقترح من الحكومة يتعامل مع المواطنين النشيطين فى المجتمع المدنى، باعتبارهم مجموعة من المنحرفين المحتملين أو المشتبه بهم، إلى أن يثبت عكس ذلك، إذ يمنح القانون صفة الضبط القضائية لممثلى الحكومة عند تفقدهم مقار الجمعيات.. مما يمنحهم سلطة إحالة أى من مرتكبى المخالفات فى الجمعية فى التو إلى النيابة العامة مباشرة، بمجرد تحرير محضر بذلك.

كما أبقى المشروع على العقوبات السالبة للحرية المنصوص عليها فى قانون 84 لسنة 2002، بل ورفع الحد الأقصى للعقوبة بالنسبة للحبس والغرامة، فضلاً عن إمكانية اللجوء لعقوبات أشد فى قانون العقوبات أو أى قانون آخر.. بل أضاف مشروع القانون أفعالاً جديدة لم يكن معاقب عليها فى القانون 84 لسنة 2002. إن إدخال عقوبات جنائية فى قانون ينظم نشاطا أهليا، هو أمر من شأنه إرهاب النشيطين فى المجتمع المدنى، أو الذين يتطلعون لدعمه، أو المشاركة فى أنشطته.. حيث يتعين أن تكون العقوبات التى توقع على الجمعيات الأهلية عقوبات ذات طبيعة إدارية.. إلا أن إقحام العقوبات السالبة للحرية وزيادتها، فضلاً عن الغرامات المالية الضخمة هو انعكاس لفلسفة القانون التى توضح أن الدولة تقف بالمرصاد للمجتمع المدنى. وتتعامل معه كخصم غير مرغوب فيه.


وأضافت المنظمات إلى أن القانون يفاقم من الطبيعة الإرهابية للقانون، أنه اعتبر أموال الجمعيات والمؤسسات الأهلية أموالاً عامة، وأن القائمين على إدارتها موظفين عموم.. وهو ما يمكن أن يؤدى إلى المزيد من تنفير المواطنين من تكوين الجمعيات والمؤسسات الأهلية، فإسباغ هذه الصفة على أموال الجمعيات والقائمين على إدارتها من شأنه توقيع عقوبات قاسية، على أية مخالفات إدارية لأحكامه، قد تصل إلى الأشغال الشاقة المؤقتة.


وانسجامًا مع هذا التوجه القمعي، ينص القانون على أن من يمثل الحكومة فى التعامل مع المجتمع المدنى، لا ينحصر بوزارة الشئون الاجتماعية والتأمينات، وذلك حين يشير إلى أن التصريح الحكومى فى عدد من الأمور الحيوية، هو فى يد ما يسميه "الجهات المعنية"! وبذلك يعد هو أول قانون للجمعيات الأهلية فى مصر يكشف عن دور الأجهزة الأمنية فى التحكم فى أنشطة الجمعيات والمؤسسات الأهلية، ويضفى غطاءً قانونيًا على هذا الدور.



المنظمات الموقعة

1. مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
2. البرنامج العربى لنشطاء حقوق الإنسان
3. جمعية المادة 57 للدفاع عن حقوق الإنسان
4. الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية
5. جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء
6. الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان
7. المبادرة المصرية للحقوق الشخصية
8. مركز الأرض لحقوق الإنسان
9. المركز العربى لاستقلال القضاء والمحاماة
10. المركز المصرى لحقوق المرأة
11. المركز المصرى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية
12. مركز الوعى العربى
13. مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف
14. مركز حابى للحقوق البيئية
15. مركز هشام مبارك للقانون
16. مركز وسائل الاتصال الملائمة من أجل التنمية (أكت)
17. مصريون ضد التمييز الدينى
18. المعهد المصرى الديمقراطى
19. المنظمة العربية للإصلاح الجنائى
20. المنظمة المصرية لحقوق الإنسان
21. مؤسسة المرأة الجديدة
22. المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة
23. مؤسسة حرية الفكر والتعبير
24. مؤسسة قضايا المرأة المصرية
25. نظرة للدراسات النسوية





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة