اعتبرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن قرار المحكمة الإدارية العليا بإيقاف اللجنة التأسيسية للدستور، والتى شكلها البرلمان المصرى مؤخرا، يشير إلى حد كبير إلى أن مصر سوف تنتخب رئيسها قبل أن تصدر دستورها الجديد الذى سوف يشكل مستقبل الدولة المصرية خلال السنوات القادمة. هو ما يعنى أن الانتخابات الرئاسية ستتم بناء على الدستور الحالى للبلاد.
وأضافت الصحيفة الأمريكية أن الشكل المستقبلى للحكومة المصرية مازال لم يتحدد حتى الآن، رغم مرور عام كامل من الاحتجاجات والصراعات السياسية التى تصدرت المشهد السياسى فى مصر منذ انطلاق
انتفاضة الشعب المصرى، والتى أطاحت بنظام الرئيس السابق حسنى مبارك، فى العام الماضى. وهو ما أكده الباحث القانونى شريف بسيونى والذى أكد أنه لا توجد رؤية واضحة حول المستقبل السياسى لمصر حتى الآن.
وأوضحت الصحيفة أنه فى حالة عدم إقرار دستور مصر الجديد قبل الانتخابات الرئاسية القادمة، فإنه من المتوقع أن يحظى رئيس مصر القادم بنفس السلطات التى ينص عليها الدستور الحالى، والتى تمتع بها من قبل الرئيس السابق حسنى مبارك، وهو ما يعنى أن الرئيس القادم سوف يتمتع بسلطات واسعة فى تحديد شكل الدستور الجديد الذى سوف يتم صياغته فى عهده.
وبالرغم من أن الحكم القضائى يعد أوليا، كما ذكر عدد من الخبراء القانونيين، إلا أنه سوف يعطل أعمال اللجنة، وهو الأمر الذى ربما يكون قد أغضب جماعة الإخوان المسلمين التى تحظى بأغلبية مقاعد البرلمان، خاصة فى ظل الاحتمالات المتزايدة حول تأجيل إصدار الدستور الجديد لما بعد الانتخابات الرئاسية القادمة فى مصر.
وأضافت "نيويورك تايمز" أن الجماعة كانت تسعى إلى تحويل النظام السياسى فى مصر نحو النظام البرلمانى، يتم فيه تقويض صلاحيات الرئيس لصالح رئيس الحكومة، وهو ما دفعها للإعلان عن عدم الدفع بمرشح رئاسى فى البداية، مقابل القيام بتشكيل الحكومة، وتسمية رئيس وزراء إخوانى، يمكن للجماعة وحزبها السياسى السيطرة من خلاله على مقاليد السلطة فى البلاد.
وأوضحت الصحيفة الأمريكية أن خارطة الطريق التى وضعها القادة العسكريون للبلاد قد سمحت للإسلاميين، الذين استحوذوا على 70 مقعدا باللجنة من أصل مائة مقعد، أن تسيطر على الجمعية التأسيسية المنوطة بوضع وصياغة الدستور الجديد للبلاد. وقد بدا أن اللجنة سوف تمرر سريعا حزمة من البنود الدستورية المطابقة لرؤى الإخوان المسلمين، يمكن من خلالها إعادة النظر فى السلطات التى سوف يتمتع بها رئيس مصر القادم.
إلا أن المحكمة الإدارية العليا قد بنت قرارها على أن تشكيل اللجنة يتنافى مع الإعلان الدستورى الذى وضعه المجلس العسكرى الحاكم العام الماضى، حيث إن البرلمان لا يحق له تعيين 50 من أعضائه فى اللجنة، وإنما عليه أن يختار أعضاء اللجنة من خارج البرلمان فقط.
وأشارت الصحيفة إلى أن اللجنة قد واجهت عددا من التحديات خلال الأيام الماضية من بينها قيام عدد كبير من أعضائها الليبراليين بالانسحاب من عضويتها احتجاجا على سيطرة الإسلاميين على مقاعدها، بالإضافة إلى عدم وجود تمثيل مناسب بها لكل من للأقباط والمرأة، وكذلك إعلان المؤسسات الدينية فى مصر – الأزهر الشريف والكنيسة القبطية – الانسحاب من اللجنة.
وأوضحت الصحيفة أن حكم القضاء بالأمس لم يكن مفاجئا للكثير من المتابعين، وهو ربما ما يكون قد دفع الجماعة إلى السعى نحو تقديم مرشح رئاسى، رغم الوعود المتكررة حول عدم الإقدام نحو هذه الخطوة منذ بداية الثورة المصرية، خاصة أنه أصبح من غير المؤكد أن تحقق الجماعة طموحها بإرساء نظام برلمانى فى مصر، يمكن من خلالة السيطرة على السلطة فى البلاد.
وأشارت إلى المحاولات التى بذلتها الجماعة وذراعها السياسية – حزب الحرية والعدالة – من أجل تسمية خيرت الشاطر رئيسا للوزراء فى مصر، إلا أن الدستور الحالى الذى يحكم البلاد يعطى الرئيس فقط الحق فى تكليف رئيس الحكومة، وهو ما أثار أزمة بين جنرالات المجلس الحاكم وجماعة الإخوان.
وأضافت "نيويورك تايمز" أن قرار المحكمة لا يعنى بأى حال من الأحوال أن التأسيسية سوف تشهد مزيدا من التنوع السياسى والأيديولوجى، أو منع الإسلاميين من السيطرة على مقاعدها، إلا أنه قد يحقق المطالب التى رفعها الليبراليون منذ فترة طويلة حول ضرورة إصدار الدستور الجديد بعد تسليم السلطة لحكومة مدنية منتخبة، وذلك لقطع الطريق أمام المجلس العسكرى الحاكم فى التدخل أثناء قيام اللجنة بأعمالها للحفاظ على سلطاته وحمايتها.
وأوضحت الصحيفة أن الإخوان مازالت لديهم الفرصة فى السيطرة على عملية تأسيس الدستور الجديد، إذا ما تمكن مرشحها الرئاسى من الوصول إلى مقعد الرئيس، وهو ما دفع عددا من المحللين للقول إن هذا يعد أحد الأسباب لتخوف الجماعة من قرار السيد عمر سليمان بالترشح لمنصب الرئيس فى مصر.
نيويورك تايمز: بطلان "التأسيسية" يؤجل الدستور لما بعد الانتخابات الرئاسية .. الرئيس القادم سوف يحظى بسلطات واسعة فى صياغة الدستور.. ومحللون يرون أن فرصة الإخوان فى السيطرة على "التأسيسية" قائمة
الأربعاء، 11 أبريل 2012 01:50 م
جانب من جلسة للبرلمان - صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة