هل أضحك بهستيريا أم أبكى بحرقة، هل أصعد إلى برج الجزيرة وأصرخ بأعلى صوت، أم أهيمُ على وجهى فى الطرقات وأهذى كالمجنون، وهل انحسرت الحمى القلاعية لتحل محلها حمى البجاحة والوقاحة.. وهل هناك مشهد أكثر خرافة من هذا المشهد الذى نراه على الساحة السياسية الآن، هل يخبرنى أحد كيف ترعرع فى وادينا الطيب هذا القدر من السفلة والأوغاد.
تغاضينا عن قانون العزل السياسى اعتمادا على أنها أيام قليلة ويغور رموز الفساد إما إلى السجون بما كسبت أيديهم أو لإلى الجحور مطأطئى الرؤوس خجلا من استخدامهم كهانا لفرعون مقابل الشهرة الزائفة والمال الحرام، فهم الذين برروا الفساد وزيفوا الإرادة ومكنوا أغلال الاستبداد من أعناقنا لنحيا الدهر أذلة مقهورين، فهل يُعقل أن يتصدر هؤلاء المشهد على جثث كل من قاوم الظلم والاستبداد، وهل طُمِست القلوبُ والأبصارُ وبدلا من عزل المفسدين يتم عزل المخلصين واستبعاد الوطنيين لصالح رجال مبارك، وهل ننتظر حتى يتم القبض على كل من شارك فى الثورة وسحقهم تحت الأقدام إذا ما وصل رجل إسرائيل فى مصر وحامى مشروع التوريث ومهووس التعذيب وخادم أمريكا المطيع، والذى انكشف دوره فى التجسس على المقاومة الفلسطينية لصالح إسرائيل ومباركته للحرب على غزة هو والمخلوع الذى عينه نائبا بعد أن اهتز عرشه وتهاوت أركانه حتى قام الشعب بخلعهما.
هل نسينا اتهامه للثوار بميدان التحرير بأنهم يعملون لصالح أجندات خارجية، وبأنهم عملاء لإيران، واتهامه للإخوان المسلمين بأنهم هم من يحرك الثورة طمعا فى السلطة، وكان يطمع بذلك فى تدخل أمريكا لحماية النظام، وهل نسينا تهديده للثوار فى عز ثورتهم قائلا إن النظام لم يستخدم العنف بعد!!، هل وصلت بنا السذاجة إلى الدرجة التى يخِيلُ بها علينا سحر عمر سليمان عندما يخرج الآن معلنا ترشحه لسباق الرئاسة بداعى "استكمال أهداف الثورة !!". ولم يحدد هل هى الثورة التى أزاحته أم الثورة المضادة التى تندلع فى أنحاء البلاد بتخطيط من كل أعوان النظام الذين ما زالو يتصدرون المشهد ويسيطرون على مقاليد الحكم!
لا أملك إلا أن أصرخ مع صلاح عبد الصبور محذرا قومى "رعبٌ أكبرُ من هذا سوف يجىء.. لن ينجيَكم أن تعتصموا منهُ بأعالى جبل الصمت...أو ببطون الغابات.. لن ينجيَكم أن تختبئوا فى حجراتكم أو تحت وسائدِكم...أو فى بالوعات الحمَّامات.. لن ينجيَكم أن تلتصقوا بالجدران إلى أن يصبح كل منكم ظلا مشبوحا عانقَ ظلا.. لن ينجيَكم أن ترتدُّوا أطفالا.. لن ينجيَكم أن تقصر هاماتكم حتى تلتصقوا بالأرض.. أو أن تنكمشوا حتى يدخل أحدكم فى سَمِّ الإبرة
لن ينجيَكم أن تضعوا أقتعة القِرَدة.. فانفجروا أو موتوا.. انفجروا أو موتوا ".
